البرلمان القادم والتشريعات المنظمة لقطاع الصحافة والإعلام
عمر سمير خلف
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [2.30 MB]

واكبت موجة الثورات العربية بعد العام 2011 موجة نقد وتحليل واسعة لوسائل الإعلام والصحافة ودورها ومدى مهنيتها وموضوعيتها سواء في التعامل مع الأحداث أو في توجهات مالكيها ومذيعيها، وكان هناك نوع من الربط بين هذا والفساد في النظام السابق على الثورات بشكل كبير، وهو ما يستتبع دورا لأي برلمان مقبل في الحد من تأثير هذه القنوات على السياسات سلبا وتعظيم ما لديها من أدوار إيجابية في خدمة المواطنين على السواء.

ووفقا للدستور المصري الجديد الذي أقر في 2014 هناك ثلاثة مؤسسات سوف تنظم قطاع الإعلام المرئي والمسموع وهي “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”، “الهيئة الوطنية للصحافة”، “الهيئة الوطنية للإعلام”، وهي بنصوص مواد الدستور (211-212-213) كهيئات مستقلة، فما هي ضمانات هذه الاستقلالية التي يمكن للبرلمان أن يضمنها في تشريعاته مع موازنتها برقابة مجتمعية من خلاله؟.

وتتلخص مشكلات قطاع الإعلام عمليا في التوفيق بين مبدأ الحرية وسعى السلطة لتنظيم المجال الإعلامي، ومشكلة المهنية والموضوعية، وكلاهما يستتبع قراءة الواقع الإعلامي والاجتماعي ومستجداتهما بعد الثورة بكل تفاصيلها، وربما استحدثت مؤسسات جيدة في النصوص الدستورية يمكن البناء عليها في البحث عن معايير لعملها، وهنا يمكن الأخذ في الاعتبار آليات التعامل مع إشكاليات النواحي المالية والإدارية للقطاع بكل العاملين فيه وبكل ما يعانيه من أزمة تضخم في العمالة وتعثرات مالية في الإعلام العام وتقلبات في أوضاع الصحفيين والإعلاميين العاملين بالصحف والقنوات والبوابات الإليكترونية الخاصة وتنظيم طرق وآليات التحاقهم بالنقابات التي تتناسب مع طبيعة عملهم.

إشكاليات قطاع الإعلام والصحافة في مصر:

إشكاليات قطاع الإعلام والصحافة في مصر بوجهيه الرسمي والخاص ينبئ عن مشكلات جوهرية تتعلق بالأطر التنظيمية واستقلاليتها وعلاقتها بالأشكال المختلفة من الملكية وانعكاس هذه العلاقة على السياسة التحريرية، وكذلك إشكالية ضعف المهنية والموضوعية وعدم القدرة على ضبط خطاب موضوعي ومهني وعلى درجة من الحياد تجاه القضايا المطروحة بحيث يعبر عن الجميع، وكيفية الاستفادة من التجارب الدولية في معالجة هاتين الإشكاليتين الكبيرتين وما يتفرع عنهما من إشكاليات بشكل عام.

هذه الإشكاليات نابعة في جوهرها من تراكمات ميراث من سيطرة الدولة على وسائل الإعلام العام، وتضخمها بيروقراطيا مع تراجع أدائها، ثم انفتاح مفاجئ في التسعينيات أدى إلى فتح المجال أمام القنوات والصحف الخاصة دون وجود أرضية قانونية وتنظيمية جيدة تستطيع مواكبة هذا التطور في الواقع، ثم جاءت الألفية الجديدة بإشكالية التعامل مع وسائل الإعلام الجديدة سواء المرئية والمسموعة مثل الصحف الإليكترونية وقنوات اليوتيوب الإخبارية وغير الإخبارية وانتشارها الواسع خاصة بين جيل الشباب من مستخدمي الانترنت. وفي هذا السياق بمكن الإشارة لبعض مظاهر الاشكاليتين الأساسيتين على النحو التالي:

إشكالية التنظيم مقابل التحرير: في سياق الحديث عن تنظيم الواقع الإعلامي يثور الجدل حول محورين رئيسيين وهما مدخل تحرير الإعلام ومدخل ضبط الإعلام وتنظيمه، والحقيقة أن الحرية لا تتعارض في جوهرها مع التنظيم، إذ تدور مجموعة من الأوراق حول إصلاح الإعلام وتحريره،[1] أو مقارنته قبل وبعد الثورة[2] أو الحديث عن الإعلام من خلال الهيئات الضابطة لسلوكه محاولة استيعاب تجارب دولية بها هيئات ضابطة متميزة[3]، أو تتناول أهمية فصل الملكية عن السياسة التحريرية من منظور أن نموذج التداخل الحالي وخاصة في الإعلام الخاص أنتج أنماطا مشوهة من الإعلام[4]، أو حتى تتناول علاقة الدولة بوسائل الإعلام ومدى أهمية استقلالية الإعلام العمومي.[5]

يعكس هذا الجدال بين فكرة التحرير أو التنظيم الجدل الكبير في الوسط الإعلامي والمهتمين به وبإصلاحه حول أهمية وجدوى وجود وزارة للإعلام حيث قيل أن منصب وزير الإعلام بعد الثلاثين من يونيه هو مؤقت وسيتم إلغاء الوزارة، وهو ما حدث بعدها بعام تقريبا في حكومة الدكتور إبراهيم محلب الثانية التي أدت اليمين الدستورية في 17 يونيه 2014، لكن هذا لم يعن تحرير القطاع الإعلامي وفقا للبعض حيث ثورة يناير كانت تطالب بـ”الحرية”، وبالتالي تحرير وسائل الإعلام المملوكة للدولة من هيمنة السلطة التنفيذية التي أساءت استخدامها، وما حدث ببساطة عندما أُلغى منصب الوزير أن السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الوزراء قررت أن يدير تلك الوسائل موظف رفيع برتبة “رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون”، بعدما كان يديرها موظف رفيع برتبة “وزير الإعلام”. وفى الحالتين، فإن السلطة التنفيذية تتحكم في تعيين هذا الموظف وعزله، ومحاسبته ومساءلته ومكافأته وتثبيته في موقعه وتوسيع صلاحياته أو اختزالها، كما أنها ستمول عجز تلك الوسائل من المال العام بقرار تتخذه في الوقت الذي تحدده[6]، أي أن القضية الأساسية والتي هي الحد من هيمنة السلطة التنفيذية على الإعلام العام وتحريره وتحويله إلى وسائل خدمة عامة وفق الرؤية التي اتفق عليها الجميع، ووفق مبرر وجودها ذاته كمطلب ثوري لم تحل ولم تكن موضع نقاش بالأساس.

إشكالية المهنية والموضوعية: يفرز السياق العام المصري منذ سنوات ما قبل الثورة أزمة مهنية لا تتعلق فقط بقطاع الإعلام وإنما بكافة القطاعات الهامة كالصحة والتعليم وغيرها من الخدمات والقطاعات، وإن كانت أزمة المهنية في قطاع الإعلام هي الأوضح وهي بتعبير البعض الجزء الأوضح من أزمة مهنية شاملة[7]، بحيث أصبح الصحفيون والإعلاميون يتقمصون دور القضاة في بعض القضايا التي تتداولها المحاكم باعتبارها الأكثر جذبا للمتابعين، كما أن بعضهم يتناول قضايا سياسية معقدة بشيء من التبسيط المخل وأخرى بشيء من التهويل الممل، وبالتالي فإنه يضيف إلى الأزمات الحقيقية للمجتمع أزمات جديدة أو يعقد من أزمات موجودة بالفعل.

وبعد الثورة أصبحت الأزمة أعمق حيث تزايدت حدة الصراع المجتمعي والاستقطابات السياسية، ومن ثم فرض سياق تفضيل السبق على المصداقية لدى القائمين على الكثير من وسائل الإعلام وخصوصا لقيام بعض المواقع بنشر الأخبار بشكل أسرع كثيرا من الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ويكفي للتدليل على أزمة المهنية تلك ما كان يقتطفه الإعلامي باسم يوسف من فيديوهات لبرامج شكلت مادة ثرية لبرنامجه “البرنامج” على مدار ما يقرب من عام، وتكشف عن عمق أزمة المهنية والموضوعية لدى مختلف وسائل الإعلام المرئية، كما زخرت العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من المقتطفات الدالة على عمق الأزمة من عناوين لأخبار أو مقالات تدل على تدني المستوى المهني العام لكل الوسائل الإعلامية منذ ما قبل الثورة وتزايدت حدته ووتيرته بعدها، كما أفرزت قضية حمام باب البحر بمنطقة رمسيس والمعروفة إعلاميا بقضية الشواذ وتناول الإعلام والصحافة لها عمقا شديدا في أزمة المهنية.

البرلمان والإعلام في الخبرات الدولية:

تقدم لنا التجارب الدولية الناجحة في إدارة التحول من إعلام وصحافة الدولة لإعلام مستقل يحوي شق الخدمة العامة بجوار الشق التجاري دون الإخلال بحقوق المشاهدين والقراء، العديد من الدروس والخبرات التي تفيد في تحقيق استقلالية الجهات المسئولة عن تنظيم البث وإصدار الصحف، وحفظها لمعايير جيدة من المهنية والموضوعية، وفي هذا الإطار فإن أدوار البرلمانات تتفاوت من تجربة لأخرى.

الخدمة العامة كإطار للتنظيم، البرلمان يضع الإطار ويراقب: في إطار إعلام وصحف الخدمة العامة حيث يتم التعامل مع الخدمة الصحفية والإعلامية كخدمة عامة وكحق للمواطنين، ورغم وجود الإعلام الخاص ومنافسته إلا أن نظاما من التنسيق والرقابة بين البرلمان والهيئات المنظمة للقطاع دون مساس بالاستقلالية يظهر بوضوح، مثلا في المملكة المتحدة تقدم الهيئة التنفيذية للـ”بي بي سي” تقاريرها لمجلس المحافظين التابع للمكتب البريطاني للإعلام لضمان امتثالها لقواعد التجارة العادلة والشفافة، والمكتب البريطاني للإعلام OFCOM يقدم تقاريره لمجلس الشيوخ البريطاني، وبهذا فالمكتب مسئول أمام البرلمان من خلال اللجان البرلمانية، ومع ذلك فالحكومة والبرلمان لا تملكان رفض تقارير مجلس محافظي المكتب، كما تحكم معايير تعيين رئيس المكتب والأعضاء غير التنفيذيين بناء على ما يطلق عليه “مبادئ نولان” التي وضعتها لجنة معايير الحياة العامة وتم تضمينها في قانون وضعه “مكتب مفوض التعيينات العامة”.[8]

وفي التجربة الفرنسية يشمل تنظيم البث العام الإذاعي والتليفزيوني الفرنسي ثلاثة لاعبين رئيسيين: 1) الحكومة التي تضع سياسة البث، وتعد مسودات قوانين البث، وتصدر القرارات لتنفيذ هذه القوانين، 2) والبرلمان الذي يوافق على القوانين ويتحكم في تمويل محطات البث العامة، 3) والمجلس الأعلى للبث الإذاعي والتليفزيوني (CSA) الذي يمنح التراخيص لشركات البث الخاصة، ويعين رؤساء المحطات العامة، ويشرف على أنشطة البرامج لجميع المحطات، حيث وضع قانون حرية الإعلام لعام 1986 الإطار التنظيمي الحالي للبث الإذاعي والتليفزيوني، وحدد سلطة البرلمان في ذلك وضع قوانين البث التي تحدد فقط المبادئ والأهداف والقواعد الأساسية. ويجب على البرلمان أن يوافق كل عام على مستوى تمويل محطات التليفزيون والإذاعة العامة، وأن يصدق في مرحلة لاحقة على تقاريرها المالية، ويشارك في هذه العملية عضوان متخصصان من أعضاء البرلمان يقدمان تقريرا لزملائهما في المجلس، ويقدمان توصيات، ويبديان رأيهما في أنشطة محطات البث بما فيها المحطات الخاصة.

تنوع أنماط الملكية كإطار لإدارة وتنظيم القطاع الإعلامي والصحفي: حيث ظهرت هذه التجارب في إطار ما بعد الحرب في بعض الدول أو في مراحل تحول كبري، وفي سياق خلافات جذرية بين مكونات المجتمع والتنوع العرقي والأيديولوجي. ففي ألمانيا ساهم نظام إدارة وسائل البث وهيئاته في تحقيق قدر كبير من المهنية قائم على توازن مكاني لا مركزي في تمثيل الجميع حيث تقدم القناة الأولى في التليفزيون الألماني (ARD) نموذجا مثاليا للخدمة العامة، فهذه القناة تتكون من اتحاد محطات/ قنوات محلية تمثل معظم الولايات الألمانية وتتمتع باستقلال ذاتي عن القناة الأم (الأولى) من حيث اختيار برامجها الثقافية والعلمية وكذلك نشرات إخبارية محلية خاصة عن الشئون والأنشطة التي تشهدها هذه الولايات، حيث قدر عال من الرقابة والتوازن بين البرلمان المركزي والبرلمانات المحلية من جهة ووسائل الإعلام والاتصال والجهات المنظمة لها من جهة أخرى، وهناك أكثر من تشريع لتنظيم الإعلام والصحافة في الولايات الألمانية المختلفة، إلا أن أهداف تنظيم القطاع في جميع هذه الولايات لا تخرج عن حماية التعددية الصحفية، وحماية جودة المحتوى الصحفي، وقد أصدرت المحكمة الدستورية الألمانية عدة قرارات توضح أن المادة 5 من الدستور الألماني الاتحادي ليس من شأنها حماية المواطنين (ووسائل الإعلام) من الرقابة فحسب، بل ومن شأنها أيضـا إلزام الدولة بالعمل على وجود نظام إعلامي يضمن تحقيق الديمقراطية والتكامل الاجتماعي، وقد تم وضع تشريع خاص بمراقبة عمليات الدمج، وذلك من أجل حماية التعددية الصحفية ومنع هيمنة السوق، ويحقق هذا التشريع فاعلية في منع سيطرة دار نشر واحدة على أكثر من ثلث حجم السوق.[9]

كما في التجربة الكينية نجد نموذجا جيدا في طريقة تشكيل هذه الهيئات بالتعاون ما بين الحكومة والمجتمع المدني إذ يضم المجلس الكيني للإعلام ممثلين عن المجتمع المدني والوزارات المعنية واللجان البرلمانية ذات الصلة بعمل قطاع الإعلام، حيث يضبط مجلس الإعلام الكيني The Media Council of Kenya، والمشكل بالقانون رقم 20 لسنة 2013، إطارا تنظيميا لضمان حرية واستقلالية وسائل الإعلام[10]، فنصوص دستور 2010، طرحت أنماطا متنوعة من الملكية الجماعية لوسائل الإعلام وبالذات في مجال الإذاعات المحلية سواء كانت تابعة لمناطق جغرافية عابرة للإثنيات أو تابعة لجماعات إثنية، مع ضرورة الالتزام بعدم التحريض على الكراهية والعنف والتزام الحياد أثناء الحملات الانتخابية والالتزام بعدم التمييز، وبرغم ذلك فإن الواقع ينبئ عن أنه الإعلام المرئي والإعلام الاليكتروني يبدو مسيطرا على ملكيتهما من مجموعة قليلة من الشركات[11]، إلا أن الإذاعات المحلية تشكل نسبة كبيرة منها أنماط ملكية جماعية قائمة على التبرع وعلى أنشطة أشبه بنظام الوقف.

وتنفرد التجربة التونسية بخصيصة يمكن البناء عليها في إطار التمهيد لاستقلال المؤسسات الإعلامية فيما يتعلق بإشكالية التمويل والملكية حيث يمول جهاز الإعلام الإذاعي والتلفزي التونسي من إتاوات تفرض على كافة المشتركين في شبكة الكهرباء الوطنية منذ عام [12] 1979، وهي تجربة جيدة رغم تشكيك البعض في جدواها بعد الثورة إلا أنه يمكن بوضع آليات معينة لاستقلال هذا الجهاز والأجهزة المناظرة له في مصر أن يتحقق فصل التمويل عن السياسة التحريرية أو وضع أطر موضوعية للسياسة التحريرية وتفعيل الوعي بأهمية الإعلام كخدمة عامة للجميع كالكهرباء والمياه والغاز[13]، بعد الثورة استحدثت تونس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، كما تم تعيين لجنة قضائية مستقلة لإدارة القنوات والصحف التابعة للنظام السابق والمقربين منه، وتم مراجعة بعض التعيينات في المناصب القيادية لإدارة القنوات التليفزيونية العمومية.

خاتمة وتوصيات:
  • إذا كان التنافس هو الأصل في تنظيم وسائل الإعلام والصحافة المختلفة من منطلق سياسات السوق فإن معظم التجارب الدولية القائمة على نظام السوق تتبنى حقوق المشاهدين والقراء بشكل لا يخل بحرية الرأي والتعبير أو المهنية والموضوعية من خلال تنظيمها لتشريعات البث وإصدار الصحف بما يجعل من الصحف والقنوات العامة منافسا جيدا للقطاع الخاص سواء من خلال معايير البث أو قواعد التجارة العادلة أو مدونات السلوك، ونظام فاعل يسمح بدور لمؤسسات مجتمعية برقابة بل ومحاسبة هذه الوسائل الإعلامية والصحفية ماديا وأدبيا، يمكن أن يتم ضمان حقوق المشاهدين والمجتمع من خلال النص على إعطاء هذه الهيئات صلاحيات قوية في مواجهة الانتهاكات التي تحدث بحق المواطنين حتى لو تنازل أصحاب الحقوق عنها بحيث يبقى حق المجتمع.
  • فيمكن الاستفادة من بعض المبادئ في وضع معايير لتعيين قيادات الهيئات المنظمة لقطاع الإعلام، بحيث تؤخذ في الاعتبار آليات تحقيق الاستقلالية المالية في تشكيل هذه الهيئات مع خضوعها للرقابة البرلمانية والمجتمعية، كأن تنص القوانين المنشئة لها على حق المواطنين في التقدم لهذه الهيئات بشكاوى سواء فرادى أو عن طريق توكيلات لنواب في البرلمان، وأن تلزمها بنشر تقاريرها، وأن ينص في قانونها على أن يقوم البرلمان والمجتمع المدني المعني بحقوق المشاهدين وغرفة صناعة الإعلام بالتوافق حول ترشيح أول مجلس لإدارتها على أن تقوم هي بتعيين مجالس إداراتها لاحقا.
  • يقتضي وضع قوانين المجلس الأعلى للإعلام، الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، مراجعة بعض الأطر القانونية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وقانون نقابة الصحفيين لاستيعاب فكرة التعددية واستيعاب تطورات الصحافة الاليكترونية والبث عبر الانترنت وتوفيق أوضاع العاملين بها وكذلك قوانين الاتصالات وأحيانا قوانين التجارة، وبعض الاتفاقات المتعلقة بالبث الإذاعي والتلفزيوني حيث تتشابك عدة نواحي فنية وقانونية ويقتضي وضع قوانين جيدة ومراجعتها جميعا، كما يقتضي ذلك الأخذ في الاعتبار نتاج هذه المؤسسات وأدوارها وأيضا السياقات السياسية التي تعمل بها في الحسبان.
  • كما أن وعيا بالنواحي الفنية المرتبطة بحقوق البث والجهات التي تحكمها يجب أن يكون محل اهتمام للعاملين بقطاع الصحافة والإعلام والمهتمين به والقائمين على التشريع له، ويبقى أن على المسؤولين عن التشريع لهذه الهيئات الجديدة التفرقة بين الخدمة الإعلامية كخدمة عامة والمادة الإعلانية كسلعة وما يستوجبه ذلك من إدراج المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام الخاصة والعامة تجاه المواطنين ومن ذلك حقوقهم في الحصول على المعلومات الصحيحة والاعتذار أو التعويض عن الأخطاء التي تضر بخصوصيات الأشخاص وحرياتهم الشخصية، وأن يصاغ ذلك في نصوص قانونية واضحة ولا يترك للأعراف ومدونات السلوك أو المواثيق الأقل إلزامية التي تنظم المهنة، مع مراعاة حماية الصحفيين والإعلاميين من الضغوط والمضايقات التي قد تحدث بسبب مساهماتهم في كشف حقائق الظواهر الاجتماعية والسياسية في المجتمع المصري.
  • ومن ثم يمكن للبرلمان وضع أطر تنظيمية مفصلة لهذه الهيئات بحيث لا تخضع النصوص المنشئة لها لتفسيرات وتأويلات القائمين عليها ومن ثم يسهل تسييسها بعمليات تغيير أعضائها، وهنا يمكن الاستفادة من القانون المنشئ لمكتب الإعلام البريطاني OFCOM، ولجانه المتعددة التي تضمن تخصصا ومهنية في متابعة القطاع وتقديم خدمات جيدة للجمهور.
  • من المهم أيضا وضع ضمانات جيدة لمنع الاحتكارات في قطاع الإعلام والصحافة، وذلك حفاظا على حقوق المشاهدين والدولة والعاملين بهذا القطاع، وذلك من خلال النص على صلاحيات واضحة لهذه الهيئات في مكافحة الاحتكارات في القطاع، من خلال قدرة الأفراد والمجتمع المدني المعني على رفع دعاوى ضد منتهكي حقوقهم من مقدمي الخدمة، وأن ينص على نسب معينة من المساهمة في شركات البث أو الانتاج الفني والسينمائي والصحف لا يمكن تجاوزها للشخص الواحد أو لمجموعة الشركات التي يملكها شخص أو عدد معين من الأشخاص، وهنا يمكن الاستفادة من التشريع الألماني لمراقبة عمليات الدمج، وأن ينص على ساعات محددة للبث بنظام الخدمة العامة من دون إعلانات.
  • يمكن أيضا مراعاة الجانب المحلي في تنظيم القطاع، وذلك من خلال تدارك التطور في استخدامات الإذاعات المحلية والصحف الاليكترونية المتعلقة بمناطق معينة أو بقطاعات محددة، وتنظيم عملية استخدامها لتعزيز فئات وسياسات أكثر كفاءة، بحيث يمكن إيلاء سلطات للمحليات فيما يتعلق بتنظيمها وإطارا تنظيميا جيدا فيما يتعلق بالتنسيق بين السلطة المركزية والمحليات فيما لهما من صلاحيات وما عليهما من مسؤوليات تجاه هذه الهيئات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مافي ماهر، تحرير الإعلام المصري، ورقة توصية سياسية، القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، روافد للنشر والتوزيع، 2012، http://is.gd/VxykLk HYPERLINK “http://is.gd/VxykLk”

 الإعلام والثورة: ما قبل وما بعد، أوراق عمل مؤتمر عقده منتدى البدائل العربي للدراسات وبرنامج تنمية الجهود الذاتية الكندي CIDA، القاهرة: يونيه 2011، http://is.gd/FKKV5n HYPERLINK “http://is.gd/FKKV5n”

 داليا شمس، حول صياغة جهة ضابطة للإعلام المصري: مجلس وطني على غرار انجلترا وفرنسا، ورقة توصية سياسية، القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، روافد للنشر والتوزيع، 2011، http://is.gd/WR7PDz HYPERLINK “http://is.gd/WR7PDz”

 محمد ناصر، العلاقة بين الملكية والسياسة التحريرية في الإعلام الخاص.. قراءة في وضعية الفضائيات المصرية الخاصة، القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، يناير 2012، http://is.gd/7NqG8M HYPERLINK “http://is.gd/7NqG8M”

 داليا شمس، العلاقة بين الدولة والميديا.. نحو ملكية مجتمعية للمؤسسات الإعلامية، القاهرة منتدى البدائل العربي للدراسات، روافد للنشر والتوزيع، يناير 2012، http://is.gd/p01qS5 HYPERLINK “http://is.gd/p01qS5”

 ياسر عبد العزيز، إلغاء وزير الإعلام.. والجري في المكان، موقع جريدة الوطن، بتاريخ 19/6/2014، http://is.gd/7FfwW8

[7] د. وحيد عبد المجيد، “أزمة الإعلام بين أداء يتراجع وتقاليد تنتهك‏!‏”، موقع جريدة الأهرام بتاريخ 16 ديسمبر 2008، http://is.gd/aOGQDE

[8] ديفيد وورد، النموذج البريطاني في تطوير وسائل الإعلام، في أندرياس جرن وآخرون، “تجارب الإعلام المرئي والمسموع في أوروبا”، ترجمة حازم سالم، القاهرة: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2005، صــ100-108.

[9] رونالد مايناردوس، تنظيم الإعلام في أوروبا: النموذج الألماني، موقع مؤسسة فريدريش ناومان، http://is.gd/9XHI5M HYPERLINK “http://is.gd/9XHI5M”

 لمزيد من التفاصيل حول المجلس الكيني للإعلام واختصاصاته وهياكله يمكن زيارة موقعه باللغة الإنجليزية، http://is.gd/kJP1nc

[11] Kathrine Allen and liginio Gagliardone, ‘ the Media Map Project Kenya’, Case Study Snapshot of Donor Support to ICTs and Media, 2011, pp15-17

[12] فاضل بليبش، الإصلاحات المؤسساتية بتونس ما بعد 14 يناير 2011: إصلاح الإعلام العمومي التونسي: دراسة مقدمة إلى ورشة عمل: إصلاح مؤسسات الدولة في تونس ومصر واليمن تونس، فندق إفريقيا 29-30 أغسطس 2014.

[13] عمر سمير خلف، إشكاليات قطاع الإعلام في دول الربيع العربي.. نموذج “مصر وتونس واليمن”، القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، http://is.gd/kuDOVv HYPERLINK “http://is.gd/kuDOVv”

Start typing and press Enter to search