المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الدستور المصري
رانيا زاده
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [910.73 KB]

أولا: تعريف المجلس الاقتصادي والاجتماعي:
  • هو آلية فعالة للحوار، ووسيلة للتفاوض حول مصالح مختلف الفئات.
  • يعد هذا المجلس آلية من آليات الديمقراطية التشاركية، إذ يسمح لمختلف فئات المجتمع بالمشاركة في رسم السياسات الحكومية، كما يسمح للحكومات –التي تؤمن بضرورة الحوار المجتمعي- باتخاذ القرارات السليمة وتحقيق نوع من الرضا الشعبي.
  • المجالس الاقتصادية والاجتماعية هي هيئات تنظيمية تعزز الحوار بين المواطنين وصانعي القرار وتعني بتحديد النتائج الاجتماعية ورصدها كما تساعد في تشجيع مساءلة الحكومات[1].
 ثانيا: الهدف من وجود هذا المجلس في الوقت الراهن
1- أكذوبة الديمقراطية التمثيلية:

قامت ثورة 25 يناير رافعة شعار “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، وكرامة إنسانية” فلقد عانى الشعب المصري من تهميش النظام السابق له فيما يتعلق بصنع السياسات العامة، فالنظام السابق عمل على تضييق حركة الأحزاب والمجتمع المدني، من خلال وضع قوانين مجحفة، ولم يكن البرلمان المصري معبرا عن إرادة الشعب بل أن ثورة يناير قد قامت بعد الانتخابات البرلمانية في2010 والتي شابها التزوير، فلجأت المعارضة إلى تكوين برلمان موازي حتى اندلعت ثورة يناير.

من ناحية أخرى لم تلق السياسة الاقتصادية التي اتبعها النظام السابق قبولا بين جموع المواطنين، وعرفت مصر ظاهرة التزاوج بين السلطة ورأس المال، ولذلك هناك مطالبات بتغيير السياسة الاقتصادية التي تم اتباعها في السابق التي انحازت لفئة رجال الأعمال.

كان من الطبيعي أن ترتفع الأصوات المطالبة بوجود عقد اجتماعي جديد، ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكومين ويجعل من الشعب جزءا أصيلا في عملية صنع القرار.

ولما كانت المجالس الاقتصادية والاجتماعية إحدى أدوات التعبير عن المشاركة المجتمعية، وضمانه لتمثيل كل قوى المجتمع، كانت الحاجة ماسة لوجود مثل هذا المجلس في الدستور المصري الجديد، شأنها في ذلك شأن العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فمن ضمن 192 دولة عضو، يوجد في 84 منها مجالس اقتصادية واجتماعية.[2]

2- الأزمة الاقتصادية الراهنة:

تعاني مصر حاليا من أزمات اقتصادية متعددة، تتمثل في انخفاض احتياطي النقد الأجنبي، انخفاض سعر العملة المحلية أمام الدولار، ارتفاع أسعار السلع، أزمة السولار، وصول الدين الخارجي إلى 43,8 مليار دولار، وأزمة القمح التي تسببت في صراعات حادة بين القطاع الخاص والفلاحين والحكومة -حيث أكد محمد عبد القادر (نقيب الفلاحين) أن بنك الإئتمان الزراعي لن يتحمل كل إنتاج المزارعين اذا قرروا جميعهم التوريد للحكومة-[3] الرفض الشعبي للاقتراض الخارجي، عدم وجود أي خطة اقتصادية واضحة لدى الحكومة، بل هناك تذبذب في القرارات الاقتصادية مثل قرار غلق المحال التجارية في أوقات مبكرة ثم التراجع عنه دون استشارة الفئات ذات الصلة المباشرة، وقرار رفع أسعار السلع ثم تعليقه.

وبالتالي نحن في حاجة ماسة لإجراء حوار مجتمعي حقيقي بعيدا عن الحوارات الشكلية.

3- استجابة لمطالب الثورة:

يمثل وجود هذا المجلس استجابة لمطالب الثورة والتي رفعت شعار العدالة الاجتماعية، وهو أمر متوقع في مرحلة التحول، شأنها في ذلك شأن العديد من الدول، التي قامت بإنشاء هذة المجالس في فترات التحول السياسي والاقتصادي[4]. فقد قامت أيرلندا على سبيل المثال بإعادة تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الثمانينات (تم إنشاؤه عام 1973) على خلفية الركود الاقتصادي وارتفاع الضرائب وتضخم الدين[5]، كما أنشئ مجلس التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البرازيل عام 2003 بهدف إعداد عقد اجتماعي جديد[6]، كذلك إنشاء المجلس في كينيا (2003-2007) وذلك لمواجهة الأزمة الاقتصادية.. [7]، وفي فرنسا، تم انشائه في 1958، استجابه للقوى الاجتماعية والاقتصادية التي طالبت بإنشاء مجلس يختص بالنظر في القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

ثالثا: المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الدستور:
المادة 207

يقوم المجلس الاقتصادى والاجتماعى على دعم مشاركة فئات المجتمع في إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتعزيز الحوار المجتمعي، ويجب على كل من الحكومة ومجلس النواب ومجلس الشورى أخذ رأي المجلس الاقتصادى والاجتماعى فيما يتعلق بهذه السياسات ومشروعات القوانين المتعلقة بها.

ويُشكل المجلس من مائة وخمسين عضوا كحد أدنى، تختارهم تنظيماتهم المنتخبة من نقابات واتحادات وجمعيات الفلاحين والعمال والمهنيين وغيرهم من فئات المجتمع، على ألا يقل تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من أعضاء المجلس، ولا يجوز الجمع بين عضوية هذا المجلس وشغل منصب تنفيذى فى الحكومة أو أيا من المجالس النيابية، ويبين القانون طريقة تشكيل المجلس وانتخاب رئيسه ونظام عمله ووسائل تقديم توصياته إلى سلطات الدولة.

مجموعة من الملاحظات علي هذة المادة:
  1. ملاحظه شكلية: نص الدستور المصري على مهام المجلس فيما يتعلق بالسياسات البيئية، ومن ثم كان الأفضل أن يسمى المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي مثل فرنسا.
  2. اكتسب هذا المجلس وضعه القانوني من الدستور، هناك طريقتان لكي تكتسب المجالس الاقتصادية والاجتماعية وضعها القانوني، إما من خلال الدستور (46% من المجالس اتبعت هذة الطريقة) أو من خلال قرار جمهوري أو حكومي، وعلي الرغم من اعتبار أن هذه الآلية توفر وجود ضمانات دستورية الا أنها تسمح بوجود فرص مناورة من جانب البرلمان[8].
  3. ألزم الدستور المصري الحكومة والبرلمان بأخذ رأي المجلس الاقتصادي دون إلزامها بتنفيذه ومن ثم يعتبر هذا المجلس بمثابة مجلس استشاري، ولكن علي الرغم من كونه مجلسا استشاريا إلا أنه يمثل أداة ضغط علي الحكومة، فتوصياته تأتي نتيجة لعملية تشاور واتفاق مجموعة كبيرة من أصحاب المصالح وفئات المجتمع المختلفة، وبهذه الصفة تستطيع هذه المجالس التأثير على سياسة الحكومة والبرلمان والرأي العام.
  4. ترك الدستور طريقه تشكيل المجلس للقانون ولكنه وضع مجموعة من الشروط:
  • ألا يقل عدده عن 150 عضوا.
  • أن يكون نصفهم من العمال والفلاحين، وهنا لنا ملاحظة، فلم يحدد الدستور المصري الجديد تعريف للعامل بل اعتبره كل من يعمل بأجر، حتى لو كان طبيبا أو مهندسا أو صحفيا، ويحصل العضو على مقعد في المجلس بناء علي ترشيح منظمته أو نقابته.
رابعا: توصيات للحالة المصرية:
توصيات تتعلق بالمهام

يمكن طرح أسئلة تساعدنا على تحديد مهام المجلس: هل ينبغي أن يكون المجلس قادرا على التصرف بمبادره منه أو أن يكون تصرفه بطلب من الحكومة؟

من الأفضل إعطاء صلاحيات واسعة للمجلس، والا يقتصر دوره فقط على تقديم المشوره بناء علي طلب الحكومة والبرلمان.

يمكن تقسيم المهام الي ثلاثة مراحل: الإعداد، المتابعة، والتقييم

أولا: الإعداد

  1. تقديم الاستشارة في مشروعات القوانين والمجالات القانونية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية كذلك الموازنة العامة. وهنا نقترح إرسال مشروعات القوانين إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي تزامنا مع إرسالها للجنة المختصة في البرلمان، ولا تقوم اللجنة المختصة (الاقتصادية) بعرض تقريرها على المجلس قبل عقد جلسات استماع لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كما يحق لبعض أفراد المجلس حضور الجلسات التي يتم مناقشة المشروعات فيها بعد رد اللجنة المختصة، وإذا قررت الحكومة أو البرلمان عدم الأخذ بتوصية المجلس، ينبغي أن تقدم تقريرا رسميا للمجلس بأسباب ذلك، وهو المعمول به فى أيرلندا، وفرنسا، وهولندا.[9] ويجب تحديد المدة التي سيقوم المجلس خلالها بإرسال رأيه للبرلمان أو الحكومة حتي لا يعرقل عملهما.
  2. لا يمكن للمجلس -وفقا للدستور- المبادرة بتقديم تشريعات، ولكن من الممكن ان يقوم بعمل lobbying لتقديم مشروعات قوانين.
  3. ان يكون له دورا في إعداد الموازنة العامة للدولة (يرسل وزير المالية منشور في شهر أكتوبر من كل عام للوزارات المختلفة يطلب منهم فيه إعداد خطه كل وزارة، وترسل الوزارات المختلفة الخطة فى الفترة من يناير حتى شهر أبريل وهنا يمكن للمجلس أن يتدخل عن طريق اعداد دراسة عن خطط الوزارات المختلفة وتحديد الأولويات).
  4. يمكن للبرلمان أن يطلب من المجلس إعداد دراسة عن الموازنة العامة وعرضها عليه.
  5. تقديم التوصيات إلى مجلس الوزراء التي من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، اقتراح استراتيجيات بشأن التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل والحد من الفقر وعدم المساواة.
  6. يؤخذ رأيه في أية مشاكل ذات طابع اقتصادي.
  7. يمكن له المبادرة بلفت انتباه الحكومة والبرلمان لبعض الإصلاحات الضرورية أو المشاكل الاقتصادية والاجتماعية (مثل حالة الدستور الفرنسي) أي لا ينتظر من الحكومة أو البرلمان طلب الحصول على رأيه.
  8. الحق في تلقي الشكاوى الاقتصادية وإعداد تقرير عنها وإرساله لمجلس الوزراء.

ويكون ذلك بالاستفادة من القطاع الخاص وقدرات المجتمع المدني من خلال التعاون من أجل تعزيز كفاءة وفعالية عملية التخطيط الاقتصادي.

ثانيا: المتابعة

  1. يضمن وجود تشاور بين السلطات العامة وبين المنظمات والأشخاص والخبراء حول المسائل الاقتصادية والاجتماعية.
  2. للمجلس أن يتابع ويشرف على التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تطرأ على المجتمع مع طرح الحلول الممكنة للتأقلم مع تلك التطورات.
  3. يتعين على الحكومة أن تطلع المجلس على متابعتها للتوصيات الصادرة.
  4. عقد جلسات استماع مع المجالس المحلية.
  5. إعداد دراسات وأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته.

ثالثا: مرحلة التقييم

  1. دراسة أثر القوانين على المجتمع وإعداد تقارير دورية عن المشاكل التي قد تنتج من تطبيق القوانين.
  2. متابعة وتقييم الموازنة العامة، ومدى اتفاقها مع الخطة الاقتصادية للحكومة.
  3. متابعة مخرجات المجلس وإذا ما تم الاخذ برأيه، وتأثيرها على السياسات العامة (مثل حالة البرازيل)، ومتابعة ردود واستجابة الحكومة لمبادرات المجلس.
توصيات في التشكيل:

يكتسب الفرد عضويته في المجلس بالانتخاب لضمان أفضل تمثيل:

  1. لو فقد أحد الأعضاء الصفة التي اختير على أساسها في المجلس، يفقد مكانه (مثل الدستور الفرنسي).
  2. أن يضم المجلس شباب، و أن يتشكل بالأساس من الفئات التالية:
  • الخبراء.
  • ممثلو النقابات الأكثر تمثيلا (الاتحاد المصري للنقابات المستقلة مثلا، اتحاد عمال مصر الديمقراطي، يمكن اختيار شخصيات من المجلس التنفيذي المنتخب للنقابات المستقلة).
  • النقابات المهنية.
  • نقابة الفلاحين.
  • الجمعيات المهتمة بشئون البيئة، الهيئات والجمعيات النشيطة في مجالات الاقتصاد الاجتماعي والعمل التنموى.
  • رجال الأعمال واتحادات الغرف التجارية والصناعية والسياحية.
  • المصريون في الخارج.
  • مراكز الأبحاث.
توصيات خاصة بالإجراءات:
  • لابد أن يعقد المجلس جلسات استماع مع كافة فئات المجتمع.
  • أن يتسم مكتب المجلس باللامركزية، فلا يتم تركيز جميع الاختصاصات والأعمال في يده.
  • عقد جلسات استثنائية وفقا لطلب من الحكومة أو البرلمان.
  • إرسال التقارير بصفة مستمرة لأعضاء مجلسي الشعب والشوري.
  • أن يحق لمنظمات المجتمع المدني الاطلاع على التقارير.
  • أن يضم المجلس فى عضويته عناصر شبابية.
  • إيجاد آلية لحل النزاع داخليا، لوجود تضارب في المصالح بين الأعضاء، وهنا يقترح إنشاء لجنه لفض المنازعات.
  • أهمية وجود لجنة إدارية مثل الحالة البرازيلية، مهمتها تقييم أداء المجلس عن طريق متابعة ما ينتج عنه وتأثيره على السياسات العامة.
  • لابد من وجود مجموعات عمل يتم تكوينها لمناقشة قضايا محددة وهو ما يتطلب وجود متخصصين.
  • عقد ندوات بصفة مستمرة.
  • وجود مكتب مكون من الرئيس ونوابه على أن يكون أحد النواب من المرأة والشباب، ويقوم المكتب بتلقي طلبات الحكومة والبرلمان فيما يتعلق برأي المجلس في المسائل التي تعرض عليه.
  • تشكيل لجنة تختص بتلقي الشكاوى.
  • اخيرا لا يجب أن يمثل هذا المجلس عائقا أمام عمل البرلمان والحكومة، وبالتالي لابد أن تتسم اجراءاته بالمرونة وأن يتم إيجاد آليات لكي يتم العمل بداخله بصورة تحقق الهدف من إنشائه.
بعض المشاكل التى يجب تجنبها:
  1. ضمان تمثيل كافة أطياف المجتمع وتجنب ما حدث في الجمعية التأسيسية للدستور التي تجاهلت إنسحاب الأزهر، والقوى المدنية والكنيسة.
  2. لكي يقوم هذا المجلس بالدور المناط به بكفاءة، ويكون معبرا عن فئات المجتمع، لابد من وجود قوانين أخرى مثل قانون الجمعيات الأهلية، النقابات، وقانون حرية تداول المعلومات، وغيرها من القوانين الواجب توافرها في مجتمع ديمقراطي.

[1] المجالس الاقتصادية والاجتماعية، الاسكوا، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا، على الرابط التالي:

hhttp://www.escwa.un.org/information/publications/edit/upload/sdd-08-tp2-a.pdf

[2] د. ياسمين فاروق وهبة أبو شنيف، نحو عقد اجتماعي جديد في مصر، المجالس الاقتصادية والاجتماعية، مجلس الوزراء، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 2011، ص 7

[3] الشروق، الخميس 18 أبريل 2013، العدد 1537

[4] ياسمين فاروق، مرجع سابق

[5] الاسكوا، مرجع سابق

[6] ياسمين فاروق، مرجع سابق

[7] http://www.nesc.go.ke/index.php?option=com_content&view=frontpage&Itemid=214 HYPERLINK “http://www.nesc.go.ke/index.php?option=com_content&view=frontpage&Itemid=214”

 المرجع السابق، ص 13

[9] المجالس الاقتصادية والاجتماعية، الاسكوا، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا، مرجع سبق ذكره

Start typing and press Enter to search