الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا في مصر
ريم عبد الحليم
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [473.30 KB]

مقدمة:

كانت الآثار الاقتصادية للجائحة بالغة الحدة في الاقتصادات الصاعدة حيث كشفت حالات فقدان الدخل الناجمة عنها عن أوجه الهشاشة الاقتصادية التي كانت قائمة من قبل، بل زادت من تفاقمها. فمع انتشار الجائحة في عام 2020، أصبح من الواضح أن جانبًا كبيرًا من القطاع العائلي وقطاع الشركات لم يكن مؤهلًا لتحمل صدمة تصيب الدخل من حيث طول أمدها واتساع نطاقها. وتشير الدراسات المستندة إلى بيانات ما قبل الأزمة، على سبيل المثال، إلى أن أكثر من 50% من الأسر في الاقتصادات الصاعدة والمتقدمة لم تتمكن من الحفاظ على مستوى الاستهلاك الأساسي نفسه لأكثر من ثلاثة أشهر في حالة فقدان الدخل. وبالمثل، لم تغطِ الاحتياطيات النقدية لدى الشركات متوسطة الحجم سوى أقل من 55 يومًا من النفقات. وكان جزء كبير من القطاع العائلي وقطاع الشركات في الاقتصادات الصاعدة مثقلًا بالفعل بمستويات مرتفعة من الديون غير المستدامة قبل وقوع الأزمة، وواجه صعوبة في خدمة تلك الديون عندما أدت الجائحة وما ارتبط بها من تدابير الصحة العامة إلى انخفاض حاد في دخل الأسر وإيرادات الشركات.

لقد أثرت الأزمة تأثيرًا حادًّا على معدلات الفقر وعدم المساواة على مستوى العالم، حيث ارتفع معدل الفقر العالمي لأول مرة منذ جيل كامل، وأدت حالات فقدان الدخل غير المتناسبة فيما بين الفئات المحرومة إلى ارتفاع كبير في عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها. ووفقًا لبيانات المسح، في عام 2020، فقد سجل معدل البطالة المؤقتة في 70% من جميع البلدان نسبة أعلى بين العمال الذين لم يتموا إلا مرحلة التعليم الابتدائي. أما حالات فقدان الدخل فكانت أيضًا أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة الموسمية ذوي المستويات التعليمية النظامية الأقل. وقد تأثرت النساء، على وجه الخصوص، بفقدان الدخل والعمل لأنهن كن على الأرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر أكبر من جراء تدابير الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي.

وتبرز أنماط مماثلة فيما بين الشركات. فقد كانت الشركات الأصغر حجمًا ومنشآت الأعمال غير الرسمية والمشروعات التي ليس لديها سوى سبل وصول محدودة إلى سوق الائتمان الرسمي أكثر تضررًا من حالات فقدان الدخل الناجمة عن جائحة كورونا. أما الشركات الأكبر حجمًا فقد خاضت غمار الأزمة وهي تملك القدرة على تغطية نفقاتها لمدة تصل إلى 65 يومًا، مقارنة بمدة 59 يومًا للشركات متوسطة الحجم و53 يومًا لمنشآت الأعمال الصغيرة و50 يومًا لمنشآت الأعمال متناهية الصغر. بالإضافة إلى ذلك، فقد شكلت منشآت الأعمال متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة نسبة كبيرة جدًّا في القطاعات الأكثر تضررًا من الأزمة، مثل خدمات الإقامة والطعام، وتجارة التجزئة، والخدمات الشخصية.

على غرار الوضع في معظم الأسواق الصاعدة، كانت جائحة كوفيد-19 تمثل صدمة هائلة للاقتصاد المصري. وسرعان ما انعكست تداعياتها من خلال التوقف المفاجئ للسياحة – التي كانت، في بداية الأزمة، تسهم بنحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، وتوفر 10% من فرص العمل، و4% من إجمالي الناتج المحلي من الدخل بعملات أجنبية. فالإجراءات الاحترازية لاحتواء الفيروس ومنعه من الانتشار، بما في ذلك الإغلاق العام الجزئي والقيود على طاقة استيعاب الأماكن العامة، أدت إلى تراجع مؤقت في الأنشطة المحلية، بينما تعرضت موازنة الحكومة للضغوط لأن تباطؤ النشاط الاقتصادي أسفر عن انخفاض الإيرادات الضريبية. وكذلك شهدت مصر خروج تدفقات رأسمالية كبيرة تزيد على 15 مليار دولار خلال الفترة من مارس – إبريل 2020، مع انسحاب المستثمرين من الأسواق الصاعدة بحثًا عن الاستثمار المأمون. ومع هذا، كانت مصر من بلدان الأسواق الصاعدة القليلة التي حققت معدل نمو موجبًا في 2020.

رحلة تحتاج إلى التحليل المتأني خاصة مع الاستمرارية فى الأزمات العالمية التى عانى منها الاقتصاد المصري والتي لم تنتهِ عند أزمة كوفيد-19، ولكنها استمرت حتى الحرب الروسية الأوكرانية والتى تحولت بشكل أو بآخر إلى أزمة اقتصادية عالمية.

القسم الأول: فترة الجائحة

أولًا: تداعيات أزمة كورونا في العام الأول 2020–2021: فترة الجائحة

مثلت جائحة كوفيد-19 صدمة هائلة للاقتصاد المصري. وسرعان ما انعكست تداعياتها من خلال التوقف المفاجئ للسياحة – التي كانت، في بداية الأزمة، تسهم بنحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، وتوفر 10% من فرص العمل، و4% من إجمالي الناتج المحلي من الدخل بعملات أجنبية. انعكس ذلك كذلك على تخفيض الاستثمارات الحكومية بشكل كبير حيث انخفضت بنحو 10% عن العام المالي السابق.

إلا أنه خلال الفترة الأولي أو الصدمة الأولى للكورونا كان الاقتصاد النقدي قادرًا على المواجهة فسمح التدخل من خلال الاحتياطى النقدي الأجنبي بتثبيت سعر الدولار خاصة مع محدودية الاستيراد المصاحب لحالة الانغلاق والركود العالمي.

شكل (1)

تطور سعر الصرف للدولار خلال الفترة يناير 2020 إلى يناير 2021

البطالة كانت المشكلة الثانية التي ضربت الاقتصاد المصري بقوة فمعدل البطالة في بداية 2020 بلغ 7.7% وبحلول يونيو 2020 وصل إلى 9.5%. جاء معدل البطالة مصحوبًا بتوقف العديد من المصانع بسبب غياب المواد الخام وحالة الإغلاق العام.

ثانيًا: محاولات الحكومة لاحتواء الجائحة في عامها الأول

على مدى الاثني عشر شهرًا الأولى للأزمة، كان التزام السلطات باتباع سياسات حذرة، تميل إلى الانكماشية، ولكن مع دفعات بسيطة لإبقاء النشاط الاقتصادى حيًّا في ظل برنامجها مع صندوق النقد الدولي، وفي البداية كانت هناك قدرة على تحمل الدَّين، والحفاظ على ثقة المستثمرين. خطة دعم شاملة مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. وعلى سبيل المثال، تضمن الدعم المالي مساعدة مؤسسات الأعمال والعاملين في القطاعات الأشد تضررًا، مثل: السياحة والصناعة التحويلية، وتأجيل سداد الضرائب، وتوسيع برامج التحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والعاملين غير النظاميين.

وإضافة إلى ذلك، فقد قام البنك المركزي المصري بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 400 نقطة أساس خلال عام 2020 – فانخفض سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة من 12,25% إلى 8,25% – للمساعدة على دعم النشاط الاقتصادي وتخفيف الضغوط في الأسواق المالية المحلية. وأطلق البنك كذلك عدة مبادرات لتخفيف الضغوط على المقترضين وضمان توافر السيولة للقطاعات الأشد تأثرًا، منها زيادة إمكانات الحصول على ائتمان بأسعار فائدة تفضيلية وتأجيل سداد الاستحقاقات الائتمانية القائمة لمدة ستة أشهر. وكانت هذه التدابير الاستثنائية على مستوى القطاع المالي مهمة لضمان سلاسة تدفق الائتمان في الاقتصاد في أعقاب أزمة كوفيد-19.

بلغ معدل نمو الاقتصاد المصري وفق البيانات الحكومية فى عام 2019–2020 نحو 3.57% مقارنة بـ 5.56 في عام 2018-2019 كان هذا النمو البسيط مدفوعًا بمجموعة من الإجراءات الخاصة بمواجهة فيروس كوفيد-19 وآثاره على الاقتصاد، منها إجراءات مالية متعلقة بالحد من الضرائب على الأنشطة الصناعية وتسريع إجراءات التخليص الجمركي خاصةً للسلع الإستراتيجية وصرف معاشات للعمالة غير الرسمية ولو محدودة جدًّا وإلغاء عمولات السحب النقدي وتأخير سداد كروت الائتمان. هذا النمو لم يكفِ لتوليد فرص العمل، فانخفض معدل التشغيل من 39% في مارس 2020 إلى 35% في يونيو 2020. وزاد معدل البطالة من 7.7% إلى 9.6% خلال نفس الفترة.

لقد قدم الصندوق دعمًا ماليًّا قدره 8 مليارات دولار من خلال خطة تقوم على ركيزتين لمساعدة مصر على تلبية الاحتياجات المالية التي نتجت من الجائحة. وقدمت أداة التمويل السريع مساعدة مالية طارئة قدرها 2,8 مليار دولار في مايو 2020 لضمان توفر نقد أجنبي كافٍ لدى الحكومة من أجل تمويل الواردات والاحتياجات الأخرى الضرورية. وكان اتفاق الاستعداد الائتماني (SBA)، الذي صدرت الموافقة بشأنه في يونيو 2020، قد أتاح للحكومة الحصول على موارد بلغ مجموعها 5,4 مليار دولار أمريكي على مدى الاثني عشر شهرًا اللاحقة.

وساعد اتفاق الاستعداد الائتماني السلطات في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية لاستعادة الهوامش التي سحبت منها بغرض التصدي للأزمة، والتقدم في تنفيذ أهم الإصلاحات الهيكلية، بما فيها تدابير تعزيز الموارد العامة، وزيادة شفافية المالية العامة والحوكمة، وتحقيق تقدم في القوانين لتحسين بيئة الأعمال، بغية وضع مصر على مسار للتعافي القوي والاحتوائي. وحققت السياسات الاقتصادية في ظل البرنامج توازنًا بين دعم الاقتصاد للمساعدة على حمايته من صدمة كوفيد-19 وضمان بقاء الدَّين في مستويات يمكن الاستمرار في تحملها للحفاظ على ثقة المستثمرين. وبفضل تحرك الحكومة الحذر في الوقت المناسب على مستوى السياسات، مقترنًا بالدعم من الصندوق، أبدى الاقتصاد صلابة، فيُتوقع بلوغ النمو 2,8% في السنة المالية 2020/2021.” ماثيو جاتنر صندوق النقد الدولي.

 

القسم الثاني: مرحلة التعافي 2022:

أولًا: وضع الاقتصاد الكلي بناءً على التعامل السابق:

مع نهاية عام 2020 كان الوضع اقتصاديًّا محتملًا من وجهة نظر مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي والنمو حيث لم يكن النمو سالبًا واستطاع القطاع المصرفي تخطي الأزمة، ولكن انهارت نسبة القروض الممنوحة للقطاع الخاص إلى إجمالي القروض من أكثر من 61% في يونيو 2020 (بعد متوسط تخطى 70% في الأعوام السابقة) إلى 59% في فبراير 2021.

ولكن الوجه الآخر من الصورة كان قاتمًا، فارتفاع الدَّين العام، واحتياجات التمويل الإجمالية الكبيرة في مصر – أي المبالغ التي تحتاج الحكومة إلى إصدارها كل عام، لتجديد القروض التي يحل أجل استحقاقها وتمويل الدَّين الجديد على حد سواء – جعلاها معرضة للصدمات الخارجية، كارتفاع تكاليف الاقتراض بالمستويات العالمية مع سحب الاقتصادات المتقدمة إجراءاتها لتحفيز النشاط الاقتصادي بالتدريج. تراجع النمو إلى 3.3% في عام 2020-2021 وبدأت شدة وتيرة الدَّين العام فى التزايد حيث بلغ وفق آخر بيان منشور على موقع وزارة المالية 90% من الناتج المحلي الإجمالي متخطيًا كل حدود الأمان وارتفع نصيب الدَّين الخارجي من حصيلة الصادرات إلى 276%.

أصبح الدَّين العام يحتل المرتبة الأولى فى الخطاب السياسي وفي محاولة إدارة الأزمة، فكان اللجوء إلى صندوق النقد الدولي مرة أخرى للبحث عن حلول، فقد ارتفعت نسبة تسديدات الفوائد للمصروفات العامة في عام 2020-2021 إلى حوالي 40%. أى ما يقارب نصف الإنفاق العام يذهب لسداد مديونيات الدولة.

وأصبح لزامًا أن تتضمن الاستجابة للأزمة أيضًا سياسات تتصدى للمخاطر الناجمة عن ارتفاع مستويات الدَّين الحكومي بغية ضمان محافظة الحكومات على قدرتها على دعم التعافي على نحوٍ فاعل. وعلى الرغم من الخطاب الحكومى الذي وضع هذا الأمر كأولوية مهمة على صعيد السياسات لأن ارتفاع مستويات الدَّين الحكومي يضعف قدرة الحكومة على الاستثمار في شبكات الأمان الاجتماعي فإن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي مرة أخرى كان هو الملاذ.

مشكلة أخرى واجهها الاقتصاد المصري كغيره من اقتصادات العالم النامي، فعلى الرغم من أن برامج تخفيف وتيسير سداد القروض لقطاع الشركات كان ضرورة فإن هذه البرامج خففت من حدة مشكلات نقص السيولة قصيرة الأجل التي يواجهها القطاع العائلي وقطاع الشركات، فقد أحدثت أيضًا نتيجة غير مقصودة تمثلت في إخفاء الأوضاع المالية الحقيقية للمقترضين، ومن ثم، أدت إلى خلق مشكلة جديدة هي نقص الشفافية بشأن المدى الحقيقي لمخاطر الائتمان التي يتعرض لها الاقتصاد.

تشابكت إذًا عوامل الضعف الهيكلي والمديونية مع ضعف قطاعات الإنتاج وعدم قدرتها على الإحلال محل الواردات الإستراتيجية بشكل كافٍ، ومشكلات ميزانيات الشركات والمصانع، وجاءت الأزمة الجديدة لتتواصل مع أزمة فيروس كوفيد-19 وهي الحرب الروسية الأوكرانية.

إن مصر تستهدف خفض المديونية إلى نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية يونيو/ حزيران 2026.

كما تسعى إلى النزول بعجز الموازنة إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأربع المقبلة.

وأضاف: إن مصر تستهدف تحقيق فائض أولي بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًّا.

كما تستهدف خفض تكلفة الاقتراض وخدمة الدَّين الحكومي إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025-2026.” رئيس الوزراء المصري في مؤتمر برنامج الإصلاح الهيكلي في منتصف مايو 2022.

ولكن أتت الرياح عاتية، فارتفعت أسعار القمح إلى مستويات عالية جدًّا وبلغ سعر الطن 435 دولارًا مقابل 270 دولارًا في يناير 2022. تعتمد مصر لاستيفاء 42% من احتياجاتها من واردات الحبوب على أوكرانيا.

في الوقت نفسه بدأت الأموال الساخنة في الخروج من مصر التي قدرت الحكومة المصرية قيمتها بنحو 20 مليار دولار.

ثانيًا: كيف تعاملت الدولة مع مرحلة الخروج من الجائحة

كان التعامل الحكومي لمواجهة الأزمات المتلاحقة هو إعلان البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية ويستهدف البرنامج للمرة الأولى القطاعات الحقيقية الواعدة بإصلاحات هيكلية جذرية، بهدف زيادة مرونة الاقتصاد المصري، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مساره إلى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية، بما يدعم قدرته على تحقيق النمو المتوازن والمستدام، خاصة وأن برنامج إصلاح السياسات النقدية والمالية لا بد أن تستتبعه مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، مع الوضع في الاعتبار عدم وجود أعباء إضافية يتحملها المواطن المصري.

وفي هذا الصدد، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تقريرًا حول إطلاق الحكومة البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.

وأوضح التقرير أن الإصلاح الاقتصادي يشتمل على كل من الإصلاح النقدي الذي يركز على إصلاح السياسات النقدية ومنها ضبط سعر الصرف وسعر الفائدة واحتواء معدلات التضخم، والإصلاح المالي الذي يركز على ضبط السياسة المالية عن طريق تخفيض العجز الكلي وضبط النفقات وتعظيم الإيرادات.

وذلك في حين يركز الإصلاح الهيكلي على تحديد القطاعات الأكثر مساهمة في نمو الاقتصاد والتي تتمتع بمزايا تنافسية، بهدف تحقيق نمو مستدام ومتنوع قادر على امتصاص أية صدمات مفاجئة يتعرض لها.

وأضاف التقرير أن المرحلة الثانية “الإصلاح الهيكلي” تستهدف تعزيز مرونة الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى تعزيز الحماية الاجتماعية وإعطاء الصبغة الاجتماعية الاهتمام الأكبر من خلال مراجعة منظومة الدعم.

استهدف البرنامج الجديد زيادة نسبة مساهمة قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي ليسجل ما بين 30% إلى 35% عام 2023/2024 مقارنة بـ 26% عام 2019/2020، وكذلك تحويل ميزان المدفوعات من عجز إلى فائض ليحقق فائضًا يتراوح ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار عام 2023/2024 مقابل تسجيل عجز بنحو 8.6 مليار دولار عام 2019/2020.

مع خفض دَين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليسجل 84.5% عام 2023/2024 مقابل 87.5% عام 2019/2020، فضلًا عن زيادة الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليسجل 2% عام 2023/2024 مقارنة بـ 1.8% عام 2019/2020.

وأيضًا، تشمل مستهدفات برنامج الإصلاحات الهيكلية، خفض العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.5% عام 2023/2024، مقابل 8% عام 2019/2020.

وعلى صعيد الأهداف الإستراتيجية لقطاع الزراعة في برنامج الإصلاحات الهيكلية، أشار التقرير إلى استمرار نمو مؤشرات هذا القطاع، حيث يستهدف البرنامج زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 12% عام 2023/2024 مقابل 11.3% عام 2019/2020، بنسبة زيادة مستهدفة في حجم الإنتاج الزراعي تصل إلى 30%.

واستهدف البرنامج كذلك، زيادة حصة القطاع الزراعي من إجمالي الصادرات لتبلغ 25% عام 2024 بدلًا من 17% عام 2020، فضلًا عن تحسن ترتيب مصر في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لتحتل المركز الـ 50 عام 2024 بدلًا من المركز الـ 60 عام 2020.

ونوَّه التقرير إلى أنه من المستهدف توفير من 430 إلى 530 ألف فرصة عمل جديدة وتحسين دخول صغار المزارعين مع حلول عام 2024.

شملت ركائز البرنامج الخاص بقطاع الزراعة تعظيم الجهود في مجال الحفاظ على الموارد بجميع أنواعها، وكذلك اتباع الإجراءات المتعلقة بتحقيق الكفاءة في استخدام المياه وضمان الأمن المائي، فضلًا عن تقليل نسبة الفاقد من الإنتاج الزراعي خلال مراحل الإنتاج المختلفة بدءًا من توقيت زراعة المحصول وأسلوب الزراعة ونوعية التقاوي وحتى فترة الحصاد.

على أن يضمن البرنامج الإصلاح التشريعي للقطاع الزراعي والذي يستند إلى إعادة هيكلة التعاونيات وتعديل قانون التعاونيات رقم 122 لسنة 1980، بما يضمن تعظيم الخدمات التي تقدمها الجمعيات الزراعية إلى المزارع والفلاح، بالإضافة إلى تحديث قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 ليتواكب مع المستجدات المحلية والإقليمية والدولية ويحقق طموحات المشتغلين في قطاع الزراعة.

وفيما يخص الأهداف الإستراتيجية لقطاع الصناعة في برنامج الإصلاحات الهيكلية، فاستهدف البرنامج استمرار نمو مؤشرات القطاع الصناعي من حيث زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 15% عام 2023/2024 مقابل 11.7% عام 2019/2020.

وفي السياق نفسه، من المستهدف وفق البرنامج، مضاعفة حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي الصادرات لتصل إلى 20% عام 2024 مقارنة بـ 10% عام 2020، فضلًا عن زيادة نسبة المشتغلين في القطاع لتتراوح ما بين 18% إلى 20% عام 2024 مقارنةً بـ 12.5% عام 2020، حيث من المستهدف توفير ما بين 400 إلى 460 ألف فرصة عمل سنويًّا في القطاع حتى 2024.

مع العمل على توطين وتعميق الصناعة بشكل يحفز نمو سلاسل التوريد المحلية وتعميق التشابكات في القطاعات الأخرى كالنقل واللوجستيات، بالإضافة إلى زيادة القيمة المضافة للمنتجات المصنعة بما يسهم في الاندماج في مراحل أعلى من سلاسل القيمة العالمية والإقليمية والمنافسة في الأسواق الدولية.

ثم جاء الضغط مرة أخرى من جانب صندوق النقد، نحو خفض الجنيه المصري خاصة مع ارتفاع قيمة الدولار عالميًّا.

الوضع الحالي هو الأكثر قسوة منذ بداية الأزمة في عام 2020، معدل التضخم ارتفع إلى معدل التضخم الأساسي (الأكل والشرب) إلى 14.6% في يونيو 2022 مقابل 4.5% في يوليو من العام السابق. وتراجعت قيمة الجنيه المصري بشدة من 15.7 جنيه في يونيو 2021 إلى 18.9 جنيه في يوليو 2022.

ليواجه الاقتصاد المصري أزمة مزدوِجة نعيشها حتى اليوم، ورغم برنامج الإصلاح الهيكلي الذي أعلنته الحكومة فنجد شكاوى المصانع المغلقة متزايدة، فمكونات الإنتاج المستوردة هى أساس الصناعة المصرية.

الخاتمة والتوصيات

الأزمة خانقة، ولا بديل إلا برنامج حقيقي يستهدف تشغيل قطاعات الصناعة والزراعة والإحلال محل الواردات ومن ثم تنبع التوصيات من البحث عن بدائل تمويلية للحد من الضغط على الموازنة العامة للدولة وفي الوقت نفسه إحياء أنماط بديلة من الاقتصاد القائم على تشجيع رؤوس الأموال الكبيرة للنهوض بالاقتصاد والخروج من الأزمة. وذلك من خلال منظومة متكاملة تشمل ما يلي:

على الجانب الإنتاجي:

  1. مراجعة معوقات إصدار التراخيص الصناعية والتي تشمل كود الدفاع المدني ومراجعات التوسع في المصانع.
  2. مراجعة منظومة الضريبة العقارية على المصانع المؤجرة على وجه الخصوص، حيث إن الأراضي حق انتفاع لا امتلاك.
  3. تشجيع النمط التعاونى في الإنتاج من خلال التعاونيات الزراعية والصناعية وذلك بمراجعة شاملة لتشريعات التعاونيات وفض التشابكات بينها وإعفاء التعاونيات من الضرائب وعدم معاملتها معاملة الشركات.
  4. حل المشكلات الأخرى الخاصة بترفيق المناطق الصناعية وتوفير وسائل انتقال آدمية إليها تيسِّر على العمالة.
  5. مراجعة أدوار مؤسسات تحمل منحًا ضخمة، وتراجع دورها بشكل كبير في خدمة القطاع الصناعي، مثل مركز تحديث الصناعة وربط الصناعات الصغيرة بخدمات المجالس التصديرية.

على الجانب الخاص بالحماية الاجتماعية:

  1. إعداد منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية تشمل وجود منظومة لشبكات الأمان الاجتماعي تضمن وصول كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى مستحقيها بحيث تغطي كافة الفئات الواجب حمايتها وفق دراسات كافية حول الاحتياجات المالية وإتاحة الخدمات. فالمعاشات النقدية المشروطة بالتعليم دون توافر الخدمة التعليمية على سبيل المثال ما هو الا منظومة مقنعة لإيقاف الدعم السلعي الشامل دون جدوى تنموية حقيقية.
  2. مراجعة منظومة المعاشات التساهمية لتمنح مبلغَ معاشٍ كافٍ قائم على الاشتركات وسنوات الاشتراك ومعايير العدالة والاحتياجات.

على الجانب الخاص بالقطاع المصرفي:

  1. مراجعة سريعة لحجم الأصول الأجنبية والالتزامات الأجنبية بالبنوك قبل تحول الأزمة الخاصة بالعملة إلى أزمة مزدوجة تشمل القطاع المصرفي كذلك.
  2. وضع معايير جديدة للاقتراض الميسر بهدف التشغيل.
  3. ايجاد أنماط تمويل تشاركية غير قائمة على الاقتراض.

المراجع:

  • الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والتنمية الإقتصادية www.mped.gov.eg ، “خريطة تتبع تدخلات الحكومة للحد من آثار أزمة كورونا”
  • الموقع الرسمي لوزارة المالية www.mof.gov.eg ، النشرة المالية الشهرية، سنوات متعددة
  • صنودق النقد الدولي ’ ” رؤية للإقتصاد المصري في ظل آثار كوفيد 19”، 2021
  • الموقع الرسمي لمركز معلومات مجلس الوزراء www.idsc.gov.eg خطة الإصلاح الهيكلي للإقتصاد المصري يونيو 2022
  • الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري www.cbe. Org.eg

Start typing and press Enter to search