شباب الأحزاب السياسية في مصر بين قدرات التأثير ومشكلات التهميش
نادين عبد الله
مصر

باحث مساعد: نوران سيد أحمد

منسق ومستشار: محمد العجاتي

باحثون مساعدون: أحمد حسين سليمان – إنجي نوحي – خديجة الشافعي – محمد الفاتح – محمد عبد الحكيم – محمد مسعد العربي – محمد مهيب – محمود يحيى – منة عادل – مينا سمير – هبة عبد المنعم

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [1.42 MB]

مقدمة:[1]

تتسم، عادةً، عملية التحول من نظام سياسي يتصدره تنظيم سياسي واحد إلى نظام قائم على التعددية الحزبية، بالصعوبة.[2] إلا أن تواجد الأحزاب السياسية القوية في مثل هذه المراحل الانتقالية يلعب دورًا أساسيًا في ضمان نجاح عملية التحول ذاتها لعدة أسباب نذكر منها: (1) أن تواجد الأحزاب السياسية يمثل فرصة لصناعة قنوات للمشاركة الشعبية والتنظيم الفاعل، لا سيما وإنها تكسر قاعدة اقتصار العمل السياسي على النخبة المقربة للحكم، (2) كما أن هذه الأحزاب السياسية تلعب دورًا مهمًا في تنظيم إرادة قطاعات الشعب المختلفة وبلورتها في شكل برامج حزبية سياسية ومجتمعية منظمة في وقت تتجلي فيه الاختلافات الإيديولوجية والتضارب في المصالح والتوجهات بعد إزاحة النظم السلطوية[3]. وبالإضافة إلى ذلك، (3) تلعب الأحزاب السياسية دور الوسيط السياسي بين الحكومة والمجتمع، وذلك من خلال عملها على إعداد القادة والسياسيين الذين من المفترض أن يشكلوا يومًا الحكومة الجديدة متى نجحوا في الانتخابات البرلمانية، أو في حالة عدم وصولهم إلى الحكم، فمن المفترض أن تتولى كوادر هذه الأحزاب مهمة مراقبة أداء الحكومة.

وفي سياق متصل، تشير العديد من الدراسات الخاصة بالتحول من النظم السلطوية إلا إنه في الوقت الذي يلعب فيه الشباب دورًا تاريخيًا في الاحتجاج ضد السلطوية والثورة ضدها، فإن دوره يخفت في المراحل اللاحقة بشكل مباشر لذلك، خاصة حينما يواجه مشكلات التنظيم أي تحويل حركته وتحركاته “الثورية” إلى تنظيمات أو أحزاب قادرة على تفريغ المطالب السياسية بشكل منظم عبر المشاركة في العملية السياسية التقليدية. وهو الأمر الذي شهدناه في دول مثل أوكرانيا وصربيا، وهي دولاً شهدت احتجاجات شعبية، ومحاولات للانتقال إلى نظم أكثر ديمقراطية. وقد لعب الشباب في هذه الاحتجاجات أدوارًا تاريخية، كما كان الحال مع كل من: (1) حركة “أوتبور” الشبابية في صربيا، حيث أشعلت هذه الأخيرة الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس ميلوسوفيتش، ووحدت قوى المعارضة ضده في 2000، و(2) حركة “بورا” في أوكرانيا، والتي كانت إحدي القوام الرئيسية للثورة البرتقالية في 2004 في مواجهة الرئيس يانكوفيتش.

ولكن على الرغم من ذلك، شهدت المرحلة ما بعد الثورية صعوبات جمة فيما يتعلق بتحول هذه التحركات إلى تنظيمات أي تحولها من الحركة إلى الحزب السياسي. فقد تأسس “حزب أوتبور” قبل أيام من الإعلان عن الدعوة للانتخابات البرلمانية في 23 ديسمبر2003، وبدأ حملته الانتخابية في 29 نوفمبر 2003، وقدم قائمته الانتخابية من 250 مرشح، إلا أن هذه القائمة لم تحصل سوى على نسبة 1.6% من الأصوات، وهي النسبة التي لم تؤهلها للدخول إلى البرلمان (حيث يشترط الحصول على 5% على الأقل كحد أدنى)[4]. وفي سبتمبر 2004، وعقب ذلك الفشل الانتخابي، تم الإعلان عن دمج أتبور مع أحد الأحزاب السياسية القائمة كي تنتهي قصتها كحركة منفردة وفريدة. وإذا انتقلنا لحركة بورا في أوكرانيا، فنرى أنها انقسمت في 2005 إلى بورا السوداء (وهي الحركة الأصلية)، وبورا الصفراء التي أصبحت حزب سياسي في 23 مارس 2005.[5] وتحضيرًا للانتخابات البرلمانية في 2006، تحالفت بورا الصفراء مع أحد الأحزاب مكونة “كتلة بي آر بي ـ بورا”، إلا أن هذا التكتل لم يحصل في انتخابات 2006 البرلمانية سوى على 1.47% من الأصوات، وهي النسبة التي لم تؤهله للحصول، ولو على مقعد واحد، في البرلمان – فتم حل التحالف. وعقب تلك الانجازات المحدودة، أعلن حزب بورا الصفراء أنه لن يشارك في الانتخابات البرلمانية في عام 2012.[6]

وفي مشهد مشابه في مصر رغم الاختلافات المؤكدة، أشعلت مجموعات من الشباب المسيس ثورة 25 يناير رافعة شعار “العيش، والحرية والكرامة الإنسانية”. وقد تركزت إستراتيجيات هؤلاء الشباب للمشاركة السياسية -في جزء كبير منها- إثر الثورة على السياسات الشارعية بمعنى النزول إلى الشارع والتظاهر بهدف الضغط على المسئولين أو السلطة سواء بهدف الاحتجاج أو الضغط لتنفيذ مطالب محددة. فعليًا، نجح الشباب من خلال هذه الإستراتيجية في أن يكون لهم ما يشبه “حق الفيتو” على قرارات سياسية بعينها، فلنذكر مثلا إجبار التظاهرات المتلاحقة رئيس الوزراء أحمد الشفيق على الاستقالة في مارس 2011 أو دور السياسات الشارعية في دفع المجلس العسكري بوضع جدول زمني لتسليم السلطة السياسية إلى المدنيين في نوفمبر 2011. ولكن من ناحية أخرى، لم يستطع الشباب أن يترجم أفكاره الاحتجاجية إلى مكاسب في برلمان 2012، كما لم ينجح أحد من مرشحي الرئاسة الأقرب إلى هذه المجموعات الشبابية في الانتخابات الرئاسية (2012). فقد مكنت السياسات الشارعية الشباب من عرقلة ما كانوا يحتجون ضده، لكنها لم تمكنهم بالقدر نفسه من تنفيذ وتحقيق ما يريدونه بالفعل. ولأنهم افتقروا للتنظيم أو للهياكل والشبكات الاجتماعية الداعمة لهم بشكل منضبط، ظلوا دائما في خانة “رد الفعل”، ولم يستطيعوا الانتقال إلى خانة “الفعل المباشر”، والمشكلة الأكبر هي أن ثمار احتجاجاتهم لم يستفد منها سوى القوى الأكثر تنظيما التي تمكنت من السيطرة على الأمور لصالحها.

وفي خضم المرحلة الانتقالية، وبعد إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسومًا فى 28 مارس 2011 بقانون رقم (12) لسنة 2011 لتعديل بعض أحكام قانون الأحزاب السياسية رقم (40) لسنة [7]1977، (المعروف بتقييده للحريات الحزبية) ضمنت التعديلات الجديدة تسهيل شروط تأسيس الأحزاب[8]. وهنا، انضم العديد من الشباب إلى عدد من الأحزاب السياسية الجديدة، وذلك وفقًا لموجتين رئيسيتين:

ضمت الموجة الأولى مجموعتين من الأحزاب السياسية: فتكونت الأولى من الأحزاب الشبابية أو الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية على غرار حزب العدل والتيار المصري (تحت التأسيس)، وكل من مصر الحرية والوعي (تحت التأسيس). ولم يحالف هذه الأحزاب الشبابية الحظ في الانتخابات البرلمانية في 2012 حيث حصل كل من حزب العدل وحزب مصر الحرية على مقعدًا واحدًا لكل منهما. فخلافًا لجماعة الإخوان المسلمين التي تمتعت بتنظيم عمره 80 عاما، تأسست هذه الأحزاب حديثًا فلم تتمكن من بناء القاعدة الشعبية الكافية للحشد والدعم الانتخابي. كما أن قلة الخبرة التنظيمية والموارد كانوا من بين أوجه القصور الهيكلية التي منعتهم من الوصول إلى شريحة أوسع من المجتمع. أما المجموعة الثانية من الأحزاب، فضمت الأحزاب ذات التنوع الجيلي على غرار الحزب المصري الديمقراطي، المصريين الأحرار، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي. ورغم أنهم حققوا نجاحات أعلى من نجاحات الأحزاب الشبابية في الانتخابات البرلمانية لعام 2012، إلا إن النتائج التي حققوها كانت أقل بكثير عن تلك التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين، حيث حصل كل من هذه الأحزاب الثلاثة بالترتيب على 16، 13، و7 مقاعد، (من أصل 508 مقعدًا). وقد ظهرت الصراعات الجيلية في بعض هذه الأحزاب، ولو بدرجات متفاوتة، حيث اشتكى الشباب من إقصائهم من عملية صنع القرار، خاصة في ظل تعارض مواقفهم مع مواقف الأجيال الأكبر سنًا. وهو الأمر الذي دفع بعضهم إلى الاستقالة أو البقاء في الحزب دون أن يكون عضوًا عاملاً أو نشيطًا فيه.

أما الموجة الثانية من هذه الأحزاب، فقد تزامنت مع بداية حكم الرئيس مرسي حيث دفعت التحديات التي واجهها الشباب خلال المرحلة الانتقالية إلى تعضيد فكرة الانتقال من الحركة إلى التنظيم. وهنا نشأت عدة أحزاب أو تنظيمات معبرة بشكل أكبر عن الشباب وعلى رأسها كل من: (1) حزب الدستور، الذي أسسه د. محمد البرادعي، الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية وأحد رموز التغيير الرئيسية، و(2) حزب مصر القوية، الذي أسسه د. عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين والمرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية لعام 2012 والحاصل على المركز الرابع، بجانب (3) حركة التيار الشعبي التي أسسها حمدين صباحي رئيس حزب الكرامة الناصري، والمرشح الرئاسي الحاصل على المركز الثالث في انتخابات 2012 الرئاسية[9].

وإثر إزاحة حكم الإخوان المسلمين وجدت المجموعات الشبابية المختلفة نفسها في وضع هيكلي وتنظيمي ضعيف، خاصة وأن تنظيماتهم لم تأخذ فرصة كافية للنمو والبناء، كما وجدوا أنفسهم في إطار سياق سياسي ومجتمعي جديد تعبر عنه علاقات قوى مختلفة عن تلك التي كانت في عهد الرئيس الإخواني، وذلك على النحو التالي: (1) إرادة سياسية واضحة من قبل النظام السياسي لتحجيم حالة السيولة السياسية التي عرفتها البلاد سابقًا – ولعل إصدار قانون التظاهر بصيغته المقيدة الحالية لحق التظاهر السلمي أبلغ مثال على ذلك، والقمع الذي طال التظاهرات السلمية لمجوعات من الشباب اعتراضًا على هذا القانون. (2) شبكات مصالح تحرك الفضائيات الإعلامية بشكل لا يقبل الأصوات المعارضة للنظام، الشبابية منها على الأخص. (3) رؤية سلبية لقطاعات مجتمعية عديدة للدور السياسي للشباب باعتباره قائم على الاحتجاج المستمر.

وقد كان من الطبيعي أن يدفع هذا السياق إلى اتباع المجموعات الشبابية إستراتيجيات سياسية مختلفة إزاءه كل بناءً على أهدافه، وتقييمه للسياق السياسي، وطبيعة قواعده الاجتماعية. فقد تأسست تحالفات أو حركات شبابية جديدة، بعضها آثر التركيز على السياسات الشارعية التقليدية كوسيلة للاحتجاج على مناخ سياسي لم يعد موات، وعلى النقيض، قرر البعض الآخر، اعتناق منهج الإصلاح التدريجي، من خلال التركيز على الاندماج في العملية السياسية باستحقاقتها المختلفة، والشروع في بناء تنظيماتهم الحزبية وقواعدها الاجتماعية. وفي هذا الإطار، فإن هذا البحث سيركز على هؤلاء الشباب اللذين آثروا الإستراتيجية الأخيرة، علمًا بأن الفئة العمرية موضوع البحث هي تلك الفئة الممتدة من 18- 35 سنة، وذلك استنادًا إلى دستور 2014 الذي حدد فئة الشباب باعتبارها تلك الفئة ما بين 21 إلى 35 سنة، بحيث نضيف إليها الفئة العمرية من 18 إلى 21 سنة أي فئة طلاب الجامعات لأننا نولي لها اهتماما خاصا في هذه الدراسة.

فعليًا، نقطة إنطلاقنا في هذا البحث هي أن الشباب رغم ما يعانوه من صعوبات آنية في ترجمة تطلعاتهم في صورة برامج واضحة، وبلورة أحلامهم بشكل منظم قابل للتحقيق، إلا أن قدرتهم على المثابرة والعمل مع وفي المجتمع هي ضمانة نجاحهم على المدى الأطول. فلنتذكر مثلاً أن جيل الشباب الثائر في 1968، والذي مني بهزيمة ساحقة في الانتخابات البرلمانية اللاحقة مباشرة لهذه الاحتجاجات في بلد مثل فرنسا، هو الذي يتقلد اليوم مقاليد الأمور هناك، كما في أوروبا بشكل أعم.

في هذا الإطار، فإن الهدف من هذا البحث هو معرفة حجم وقدرة الشباب على التأثير في عملية البناء الحزبي وصناعة القرارات فيه، شكله، وحدوده ومعوقاته لأنها تعطي مؤشرًا مهمًا على قدرتهم على بلورة تطلعاتهم في شكل بدائل فكرية وتنظيمية من ناحية، كما تعطي مؤشرًا مهمًا على قدرة الأحزاب -باعتبارها الكيان المؤسسي المخول بإيصال المطالب التغييرية بشكل سياسي منظم- على استيعاب هؤلاء الشباب وتمكينهم من ناحية أخرى. وبشكل أكثر تحديدًا، سنتناول بالتحليل النقاط الرئيسية التالية: (1) حجم مشاركة الشباب في صناعة القرارات والتوجهات السياسية للأحزاب، وأسبابه ودلالاته. (2) آليات تأثير الشباب في عملية صنع القرار وحدودها. (3) سبل التواصل الحزبي مع فئة الطلاب وعوائقها. (4) أولويات وإستراتيجيات المشاركة الشبابية في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك لن ننسى في بداية هذا البحث تحليل أسباب ودلالات عزوف قطاعات شبابية عن الانخراط بالأحزاب السياسية لأنها تعطي مؤشرًا هامًا فيما يتعلق بتوجهات الشباب والتحديات التي تواجه عملية الانخراط في الحياة الحزبية.

وسيركز هذا البحث على تحليل النقاط سابقة الذكر في إطار 10 أحزاب سياسية -هي موضوع الدراسة- وهي تنتمي إلى الموجتين سابقتي الذكر فيما يتعلق بتأسيس الأحزاب بعد ثورة 25 يناير: حزب العدل، حزب مصر الحرية، الحزب المصري الديمقراطي، حزب المصريين الأحرار، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حزب المؤتمر، حزب الدستور، حزب مصر القوية، حزب التيار الشعبي، هذا بالإضافة إلى حزب قديم وعريق وهو حزب الوفد. أما عن معايير اختيار هذه الأحزاب فهي التالية: (1) مراعاة تمثيل كل من الأحزاب التي نشأت قبيل ثورة 25 يناير والأحزاب التي نشأت بعد اندلاعها، على أن يتم التركيز على الأحزاب التي تعبر عن موجتي تأسيس الأحزاب السياسية بعد الثورة (التي سبق وأن أشرنا إليها)، (2) مراعاة اختيار أحزاب تمثل التوجهات السياسية المختلفة (باستثناء الأحزاب الدينية) التي لن يتناولها هذا البحث، (3) مراعاة تواجد أحزاب تعبر عن التنوع الجيلي، وأخرى تعبر عن وجود أغلبية شبابية.

أما عن المنهجية المتبعة في هذا البحث لتحليل النقاط سابقة الذكر، فهي تتركز في إجراء 30 مقابلة، أجريت في الفترة ما بين يونيه وأغسطس 2014 )بما يعني أن الأحزاب المؤسسة في الفترة اللاحقة لذلك لم يكن من الممكن ضمها إلى العينة البحثية)، وذلك بموجب 3 مقابلات مع 3 شخصيات من كل حزب يمثل كل منهم 3 مناصب مختلفة بداخل الحزب: (1) عضو في موقع قيادي من الجيل الأكبر، (2) عضو في موقع قيادي من الجيل الأصغر، (3) أحد النشطاء الشباب بالحزب. ويرجع اهتمامنا بالاختلاف الجيلي واختلاف المواقع التنظيمية بالحزب إلى محاولتنا تقديم صورة أكثر دقة وشمولاً للواقع الحزبي. ولتحليل أسباب عزوف قطاعات شبابية عن الالتحاق بالأحزاب، فقد تم إجراء 12 مقابلة مع قطاعات مختلفة من الشباب الرافض للانخراط في الأحزاب السياسية في 5 محافظات مختلفة بموجب محافظتين شماليتين (الإسكندرية والدقهلية)، ومحافظتين جنوبيتين (الفيوم وأسوان)، بجانب العاصمة القاهرة. وقد تم مراعاة اختلاف الاهتمامات عند اختيار هؤلاء الشباب، فمنهم من كان (أو ما زال) مشاركًا في حركات مجتمعية، ومنهم الغير مشارك في أي نشاط مجتمعي. وجدير بالذكر أن هذه المقابلات قد تم إجرائها بالأساس مع فئة الشباب المتعلم سواء إن كان طالبا جامعيا أو خريج جامعة.

أولاً: عزوف قطاعات شبابية عن الانخراط بالأحزاب السياسية: الأسباب والدلالات

تعاني الأحزاب السياسية في مصر من العديد من المشكلات الهيكلية، فلا يزال تمويلها مثلا خاضع للعديد من القيود. وجدير بالذكر أن التعديلات التي أدخلها المجلس العسكري على قانون الأحزاب السياسية لم تقدم جديدًا فيما يتعلق بمعالجة القيود الصارمة على تمويل الأحزاب السياسية وحقها في تنمية مواردها. فقد تجاهلت هذه التعديلات مثلا مطالب الأحزاب السياسية الخاصة برفع الحظر على حقها في استثمار أموالها في مشروعات تجارية يدار عائدها لأغراض العمل الحزبي، أما الاستثناء الوحيد الذي أقره القانون في هذا الصدد، فهو استثمار أموال الأحزاب في إصدار الصحف أو استغلال دور النشر والطباعة[10]. بالتأكيد، ينتج عن ضعف الموارد المادية والبشرية مشاكل تنظيمية، حيث تفتقر الأحزاب للموارد التي تمكنها من إنشاء مقار تغطي بها أنحاء الجمهورية، كما يمنعها فقر التمويل من توظيف كوادر ذات كفاءة للقيام بالمهام الإدارية والتنظيمية اللازمة للحزب مثل إعداد قواعد البيانات، ووضع خطط للانتشار الإعلامي، وتصوير للفعاليات الجماهيرية. وينتج عن هذه المشاكل التنظيمية مشاكل في التواصل مع الجمهور، الأمر الذي يحدها في إطار نخبوي غير قادر على بناء قواعد اجتماعية حقيقية من ناحية، ويجعلها سهلة الوقوع فريسة الصراعات الداخلية من ناحية أخرى.

ورغم أن الحياة الحزبية قد شهدت طفرة كبيرة، إثر ثورة 25 يناير، إلا أن غياب الشعور بتغير شيء ملموس في الشأن السياسي بشكل عام أو في الشأن الحزبي بشكل خاص نتج عنه مؤخرًا انسحاب الكثيرين من ممارسة العمل الحزبي خاصة من فئة الشباب. وفي هذا الإطار، فإن المراقب لسير المرحلة “ما بعد الثورية” في مصر يدرك أن عملية انخراط الشباب في الأحزاب السياسية عانت من العديد من الصعوبات، فبجانب المشكلات الهيكلية التي عانت منها هذه الأحزاب، والتي حدت من فأعلىتها وقدراتها على التواصل، لم تكن فكرة الانضمام إلى الأحزاب السياسية جاذبة، بالقدر الكافي، من الأساس لقطاعات واسعة من الشباب، لا سيما وإن كثير منها يعاني من فجوة زمنية وجيلية متمثلة في سيطرة القيادات المسنة على عملية صنع القرار بالأحزاب في حين أن العناصر الشابة تعاني التهميش[11]. وبالنظر إلى العينة البحثية التي تناولتها الدراسة، وبالرغم من عدم تغطيتها سوى لمساحات جغرافية وديمغرافية، واجتماعية محدودة (فهي لم تغط سوى 12 شابًا جامعيًا أو حاصل على شهادة جامعية في 5 محافظات)، إلا أنها تعطي مؤشرات أولية مهمة فيما يتعلق بالعوائق التي تحد من رغبة الشباب للالتحاق بالأحزاب السياسية في مصر، ونعرضها كالتالي:

(1) ضعف مصداقية الأحزاب وسيطرة “الشللية” على بعضها، وهو الأمر الذي عبر عنه أحد الشباب بمعضلة فأعلىة الأحزاب الدينية (الإخوان والسلفيين) غير المقنعة له، وعدم فأعلىة الأحزاب المقنعة له: “الأحزاب الفعالة كالأحزاب الدينية لا تمثل الرؤية التي أؤمن بها، ولكن في حالة وجود حزب فعال وله قواعد ويقترب من قناعاتي، قد انضم ليه”[12]. وقد أشار شاب آخر إلى ضعف مصداقية الأحزاب، لأنها، من وجهة نظره، لا تعبر سوى عن مصالح أصحابها وليس عن الصالح العام، الأمر الذي لا يشجع الشباب للانضمام إليها: “الأحزاب المصرية، هشة وضعيفة، ولا تستطيع أن تقدم نفسها كفاعل على الأرض، فهي لا تمثل سوى مصالح مجموعة محددة من الفأعلىن على المستوى الاقتصادي”.[13] وهو الأمر ذاته الذي عبر عنه شاب آخر بعبارات مختلفة: “سيطرة جيل الشيوخ وبعض العناصر الانتهازيه على مقاليد الأمور بالأحزاب، تغييب دور الشباب وعدم وجود رؤية سياسية واضحة، أو بناء تظيمي فعال لدى الكثير من الأحزاب هي سبب نفوري الرئيسي من الانضمام إليها”[14]، وأضاف آخر: “لا أرى دورًا للأحزاب بعد الثورة لأنها ليست سوى مجموعة أفراد يضغطون على السلطة الحاكمة للحصول على مكاسب ومصالح فردية من دون أن يعود ذلك بالفائدة على المجتمع.”[15]وأخيرًا أرجع أحد الشباب رفضه الالتحاق بأي من الأحزاب إلى ضعف تأثيرها، فأشار: “لا توجد عوائق أو صعوبات شخصية أو سياسية تمنعنى من الانضمام لحزب ولكنى لا أرى حزب الآن يمثل رؤيتى كما لم أجد الحزب المؤثر على الساحة السياسية المصرية، كما أن الهياكل التنظيمية وما يدور بداخلها من صراعات بين قيادتها لا تشجعنى على الانضمام لحزب ما فى الوقت الحالى”.[16]

(2) ضعف تواصل الأحزاب مع الشارع وإنفصالها عنه، فقد عبر الكثير من الشباب عن مشكلة ضعف تواصل الأحزاب السياسية مع الشارع وعدم قدرتها على تكوين قواعد شعبية عبر القيام بأنشطة محلية ومجتمعية، وهو الأمر الذي بدا واضحًا بصورة أكبر في المقابلات التي تم إجرائها في محافظات الفيوم والدقهلية وأسوان أكثر من العاصمة القاهرة أو المحافظات المركزية كالإسكندرية. فقد أشارت إحدى الشابات من محافظة أسوان مثلا: “أتمنى أن يكون هناك حزب له أرضية عامة بكافة المناطق، من خلال أكثر من مقر بسيط، ويعرض خدماته للمناطق التي يقيم فيها، ويباشر أعمال التنمية، ويراقب أعضاء المجالس المحلية فى مدنهم وقراهم حتى يستطيع محاسبتهم خاصة فيما يتعلق بالخدمات المحلية”.[17]

(3) أزمة المعارضة “المستأنسة” وضعف الفأعلىة: فقد عبر العديد من الشباب عن تأزمهم مع الروح “الاستسلامية” التي تميزت بها أغلب الأحزاب، وهو الأمر الذي رجح عند بعضهم الانضمام إلى الحركات الشبابية السياسية أو الإنكفاء على العمل المجتمعي ونبذ السياسة. وهو ما عبرت عنه إحدى الشابات بالعبارات التالية: “لم أفكر أبدًا فى الانضمام لأي أحزاب سياسية، فأنا لم أجد حتى الآن حزبًا معارضًا قويًا قادرًا على الضغط على صانعى القرار فى مصر”.[18] وأشارت شابة آخرى: “لم أفكر أبدًا فى الانضمام لأحزاب سياسية، فأنا لم أجد حتى الآن حزبًا معارضًا قويًا قادرًا على الضغط على صانعى القرار فى مصر، فالوضع على الساحة السياسية قبل أو بعد الثورة غير مشجع على الانضمام للأحزاب، لذا فضلت انضمامى للجان الشعبية لأنها أكثر وصولا للناس، وتفاعلاً مع مشاكلهم”.[19]

(4) رفض “القولبة الإيديولوجية” أو الجهل بالتوجهات السياسية المختلفة: فقد عبر العديد من الشباب رفضهم الالتزام بعقيدة أو إيديولوجية بعينها، وهو الأمر الذي تداخل عند العديد منهم مع عدم إلمامهم من الأساس بفحوى هذه الإيديولوجيات من أجل الاختيار بينها، وذلك كما يلي: “لم أفكر في الانضمام لحزب، والسبب في ذلك: إني شخص غير مؤدلج ومنفتح على الأفكار والاختيارات، وربما لست ناضجة حاليًا لتأييد توجهات معينة، وقد يحدث هذا مستقبلاً.”[20] وهو الأمر الذي عبرت عنه شابة أخرى بمفردات مختلفة: “لن انضم إلى أى حزب سياسي لأني لست أؤمن بأيديولوجية معينة أو توجه معين يساعدني على تخيل أو تحديد توجه سياسي محدد، ولكن إن حدث ذلك فأفضل أن يكون اهتمام الحزب الذي سانضم إليه منصبًا بشكل أساسي على القضايا الحيوية في مصر والعالم العربي.”[21]

(5) رفض “الوصمة” المجتمعية: وهي من الأمور المثيرة للاهتمام لأنها توضح إلى أي مدي أثر المناخ السئ الذي شاب عملية الانتقال الديمقراطي ما بعد الثورة على اختيارات الشباب: “لا أحب أن يؤخذ عني انطباع بسبب الانتماء لحزب سياسي بعينه. فكثيرًا ما يتكون إنطباع سيئ لدى الناس عن قياداته بسبب مواقف معينة قاموا باتخاذها، فيتم تعميم تلك النظرة على كل أعضاء هذا الحزب بلا استثناء. فنحن لم نعتاد على ثقافة الاختلاف، ومستمرين كمجتمع في شخصنة الآراء والسياسات”.[22]

(6) الخوف من القمع أو الانشغال بالحياة الشخصية والعملية: فقد دفع السياق السياسي الحالي بعض الشباب إلى الخوف من الالتحاق بالأحزاب، وهو ما عبر عنه أحدهم بالعبارات التالية: “فكرت في الانضمام إلى حزب الدستور أو العيش والحرية، غير أني أقلعت عن الفكرة لأسباب شخصية تتمثل في المخاطرة ومخاوف القمع”[23]. ولكن جدير بالذكر، أن الأسباب المتعلقة بصعوبة الحياة أو الدراسة أو الانشغال بها كانت من الأسباب المهمة التي مثلت عائقًا أمام الشباب للالتحاق بالأحزاب خاصة في ظل غياب دافع قوي يساعد على مواجهة التحديات سابقة الذكر. ومن اللافت للنظر أن هذا السبب كان أكثر وضوحًا في المحافظات الجنوبية (الفيوم، أسوان) بالمقارنة بالقاهرة والمحافظات الآخرى حيث المستوى المعيشي الأكثر ارتفاعًا، ولكن قطعًا بشكل شديد النسبية.

وعلى صعيد آخر، وبالنظر إلى نفس العينة البحثية، يلاحظ تأثير عاملين على أولويات واختيارات الشباب عندما يتعلق الأمر بالحياة الحزبية:

 (1) البعد الجيلي: فقد عبر أغلب الشباب عن تفضيلهم للأحزاب ذات الأغلبية الشبابية على غرار حزب الدستور الذي تم ذكره في العديد من المقابلات، وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس) وحزب مصر القوية، وذلك لاتخاذهم مواقف معارضة شجاعة وإعطائهم فرصة أكبر للشباب، وهو الأمر الذي عبر عنه أحد الشباب بالعبارات التالية: “أفضل الأحزاب بالنسبة لي هما حزب الدستور، وحزب العيش والحرية؛ بالنسبة للأول، فانتخاباته الداخلية ناجحة وتأتي بأشخاص جيدين مثل هالة شكر الله. أما بالنسبة لحزب العيش والحرية، فقد فكرت من سنة في الالتحاق بحزب التحالف الشعبي غير أن انتخاباته أتت “بعواجيز الحزب”، فقام شباب الحزب بتكوين حزب العيش والحرية، وأنا أعرف مجموعة منهم، آراؤهم متزنة وثورية وإن كانت في بعض الأحيان حادة”.[24] “وهو ما عبرت عنه شابة أخرى كالتالي: “أفضل حزب الدستور لاعتماده على الشباب في إدارة الأمور بداخله، وتبنيه رؤى لها بعد اجتماعي لحل القضايا، كذلك لاتخاذ قيادته مواقف واضحة من الإسلام السياسي والنظام العسكري”.[25]

(2) البعد الاجتماعي: فقد ظهر تأثير هذا الجانب على أغلب الشباب في المحافظات (الفيوم، أسوان والدقهلية) بالمقارنة بالقاهرة والإسكندرية، حيث عكست المقابلات معهم وطأة الحياة اليومية والضغوط الاجتماعية والعملية وتأثيرها على عدم اهتمامهم/قدرتهم على الالتحاق بالأحزاب السياسية. كما عكست هذه المقابلات، في المحافظات ذاتها، اهتماما أكبر بضرورة التحام الأحزاب بالشارع عبر المبادرات المجتمعية، حيث ظهر بوضوح الاهتمام بالجانب الاجتماعي وربطه بالجانب السياسي في تعبيراتهم وإنتقادتهم للحياة الحزبية في مصر، وهي الأمور التي لم تظهر بالقدر نفسه في المقابلات التي أجريت مع الشباب في محافظتي القاهرة والإسكندرية، حيث تم تغليب جوانب الكفاءة وعدم القدرة على المعارضة بفأعلىة على الجوانب الخاصة بالعلاقة مع المجتمع الأوسع، حتى وإن لم يتم إغفالها بشكل كامل. وهو الأمر الذي يمكن تفهمه إذا عرفنا أن محافظة الفيوم سجلت، وفقًا لتقرير التنمية البشرية في محافظات مصر لعام 2008، أدنى معدلين للناتج المحلي الإجمالي وللتنمية البشرية، من بين محافظات مصر جميعًا بينما سجلت كل من القاهرة والإسكندرية أعلى معدلات التنمية البشرية.[26] بالطبع، هذه النتيجة ليست للتعميم، إلا أن ظهور البعد الاجتماعي بهذا الشكل الواضح في المحافظات سابقة الذكر، وفي أوساط فئة الشباب المتعلم، هو خير مؤشر على أهميتها وتأثيرها، خاصة كلما ابتعدنا عن المركز.

ومما سبق يتضح بشكل جلي، إنه بجانب الأسباب الخاصة بمصادرة المجال السياسي وتأثيرها على عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية، تبدو الأحزاب السياسية غير جاذبة لقطاعات واسعة من الشباب بسبب عامليين رئيسيين:

أولهما مرتبط بضعف التجربة الحزبية ذاتها في مصر، وانعكاستها التنظيمية فيما يتعلق بعدم قدرتها على دمج الشباب من ناحية، والتواصل مع الشارع الأوسع من ناحية أخرى، خاصة وأن الأحزاب السياسية الجديدة لم تأخذ فرصتها بعد، حيث لم يمر على تأسيسيها أكثر من 3 أعوام.

أما العامل الثاني فيتعلق بالأساس بالطبيعة الجيلية لفئة الشباب، والتي تميل إلى المواقف الأكثر راديكالية عن الأجيال الأكبر، والرغبة في هامش أوسع في استقلالية الحركة والتحرك – وهي أمور لا يبدو أن الأحزاب ذات التنوع الجيلي قادرة على التعامل معها بشكل صحي قائم على الشراكة الجيلية من ناحية، وعلى إحداث نوع من التوازن بين الالتزام الحزبي وحرية التحرك من ناحية أخرى، وهو ما يفسر تفضيل قطاعات شبابية الانخراط بداخل الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية، وإن كان الإسراف في هذا التوجه يهدد بجعلهم مثل “الجيتو” المنغلق على ذاته، وغير القادر على التفاعل مع المجتمع الأوسع والأكثر تنوعًا.

ثانيًا: حجم مشاركة الشباب في صناعة القرارات والتوجهات السياسية للأحزاب: الأسباب والدلالات

نعرض في هذا الجزء حجم تواجد الشباب في أماكن صنع القرار في الأحزاب السياسية موضوع الدراسة، كما نقدم عرضًا لمدى مشاركتهم في صناعة البرنامج السياسي للحزب، وذلك بهدف معرفة مدى قدرة الشباب على التأثير على قرارات الحزب وتوجهاته السياسية الرئيسية، وحدودها، ومدى اختلافها وفقًا للتركيبة الجيلية للحزب. وفي هذا الإطار سنقوم بإثبات أمرين هما خلاصة ما توصلنا إليه فيما يتعلق بالعينة الحزبية موضوع الدراسة:

(1) أن نسبة تقلد الشباب المناصب في المستويات التنظيمية العليا وفي أماكن صنع القرار في الأحزاب المعروفة بالتنوع الجيلي على غرار حزب الوفد، المصري الديمقراطي، التحالف الشعبي، ضعيفة حيث تصل النسبة في هذه الأحزاب إلى حوالي 30 % في حدها الأقصى كما هو الحال مع حزب المصريين الأحرار، علمًا بأن هناك أحزاب من بينهم تفتقر من الأساس إلى تواجد أي من الشباب في مواقع صنع القرار الحزبي مثل حزب الوفد. وهو الأمر الذي يعني وجود مشكلات حقيقية في عملية دمج الشباب بداخل هذه الأحزاب وتمكينهم الفعلي من عملية المشاركة في صنع القرار. وذلك بعكس الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية على غرار حزب الدستور، العدل، مصر الحرية، مصر القوية، التيار الشعبي، والتي بديهيًا يتواجد فيها الشباب في مراكز صنع القرار وفي المراكز التنظيمية العليا، بما يعني أن عملية تأثير الشباب في صناعة القرار والتوجه السياسي للحزب تظل مرهونة بتواجده في حزب شبابي. وجدير بالذكر، أن هذه النسب الخاصة بتمثيل الشباب هي نسب تقريبية بسبب حالة السيولة التي تنتاب المشهد الحزبي المصري، وما يتعلق بذلك من تجميد عضويات واستقالات وتغييرات مستمرة في الداخلين (إلى) والخارجين (من) هيئات صناعة القرار بالأحزاب أو من الأخيرة بشكل عام.

(2) أما فيما يتعلق بمشاركة الشباب في صناعة البرنامج السياسي للأحزاب، فالأمر مختلف حيث تشترك جميعها، وبغض النظر عن التركيبة الجيلية، في سمة واحدة: تغليب الجانب الفني التكنوقراطي في عملية كتابة البرنامج وصناعته عن الجانب الجيلي، حتى وإن أعطت بعض من الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية (مصر القوية والتيار الشعبي والدستور كمثال) الفرصة للشباب للتطوير البرنامج في مرحلة لاحقة من كتابته (من قبل المختصين والخبراء) – وهو الأمر الذي يعني أن التوجه السياسي للأحزاب ليس محل خلاف جيلي إنما الإدارة التنظيمية لهذه الأخيرة هي موضوع الخلاف والأزمة.

(1) حجم تواجد الشباب في أماكن صنع القرار في الأحزاب السياسية:

لو نظرنا إلى الأحزاب ذات التنوع الجيلي، فنجد إنه في حزب الوفد مثلا، لا يوجد، من الأساس، أعضاء شباب (18-35) سنة داخل الهئية العليا للحزب المكونة من 60 عضوًا، وهي المنوطة بوضع السياسات العامة واتخاذ القرارات الهامة للحزب وبناء قواعد اجتماعية له.[27] وجدير بالذكر، أن أصغر عضويين داخل الهيئة العليا يصل عمرهم إلى 42 عاما (علمًا بإنه وقت انتخابهم منذ 4 سنوات كان عمرهم بديهيًا هو 38 سنة)[28]. في حزب التحالف الشعبي، احتوت اللجنة المركزية في بداية تأسيس الحزب على 35% من الشباب علمًا بأن الأخيرة هي أعلى سلطة فى الحزب (والمسئولة عن اتخاذ القرارات السياسية داخله)، فالقواعد تنتخب المؤتمر العام (الذي كان يحوي في بداية تأسيس الحزب على 40% من الشباب)، والمؤتمر العام ينتخب اللجنة المركزية، والأخيرة تنتخب المكتب السياسى المسئول عن العمل اليومى، وعن تنفيذ قرارت اللجنة المركزية.[29] وقد انخفض اليوم التمثيل الشبابي في اللجنة المركزية بدرجة كبيرة إثر الانتخابات الداخلية الأخيرة للحزب التي أسفرت عن استبعاد أغلبية الشباب من الأماكن القيادية للحزب في مقابل سيطرة قيادات من الجيل الأكبر عليها -وهو من الأمور التي أدت إثر أزمات داخلية في الحزب إلى استقالة ما يقرب من 200- 300 كونوا حزب العيش والحرية (تحت التأسيس). والحقيقة هي إنه لم يتمكن الباحث من الوصول إلى أية بيانات دقيقة عن نسبة تواجد الشباب في اللجنة المركزية نظرًا للتغيرات المستمرة التي عانى منها الحزب مؤخرًا. وفي الحزب المصري الديمقراطي، تحوي الهيئة العليا للحزب المنوطة بصياغة القرارات الإستراتيجية على ما يقرب من نسبة 8% فيما يتعلق بنسبة تمثيل الشباب بموجب ما يقرب من 10-15 شابا من أصل 175 عضوًا في الهيئة العليا، والمكتب التنفيذي المنوط بتنفيذ هذه القرارات وتسيير العمل اليوم للحزب فيحوي على شاب واحد من أصل 20 عضوًا[30]. ويحوي المكتب السياسي لحزب المؤتمر على نسبة 20% من الشباب بموجب عضوين من بين 10 أعضاء بالمكتب السياسي، علمًا بأن الأخير هو المنوط بصناعة القرارات السياسية الإستراتيجية الخاصة بالحزب. أما في حزب المصريين الأحرار (بعد دمج حزب الجبهة بداخله)، فتصل نسبة تمثيل الشباب في المكتب السياسي للحزب والمخول بصناعة القرارت السياسية للحزب إلى ما يقرب من 30% بموجب ما يقرب من 5 شباب من أصل 15 عضوًا، ونسبة تمثيل الشباب في الهيئة العليا للحزب المخولة بصياغة القرارت الإستراتيحية للحزب حوالي 25% بموجب ما يقرب من 35 شابا من أصل 140 عضوًا.[31] هذا بالإضافة إلى أن ثلاث لجان أو أمانات من ستة لجان أساسية في الحزب يديرها قيادات شابة: لجنة العمل الجماهيري، لجنة الشباب، لجنة التدريب والتثقيف، علمًا بأن إستراتيجيات بناء قواعد الحزب الاجتماعية تقوم بها هذه الأمانات أو هذه اللجان في الحزب.[32]

وإذا انتقلنا إلى الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية، فإنه نظرًا لديموجرافية هذه الأحزاب، نجد إنه في حزب مثل حزب الدستور، والذي يحوي على نسبة شباب تحت سن 35 سنة تقارب الـ65%، أغلبية المناصب القيادية في الحزب يسيطر عليها الشباب سواء في الهيئة العليا المنوطة بصنع القرار، وذلك بنسبة تقترب من الـ75% بموجب حوالي 40 عضوًا من بين 53 عضوًا، أو المكتب السياسي المنوط بصياغة توجهات الحزب السياسية، وذلك بنسبة تصل إلى حوالي 81% بموجب 9 أعضاء من بين 11 عضوًا، حيث يزيد سن رئيس الحزب والأمين العام عن 35 سنة، وهما أعضاء بالمكتب السياسي للحزب.[33] هذا بالإضافة إلى أن معظم أُمناء المحافظات، وأُمناء الأمانات العامة من الشباب حيث تتراوح أعمارهم بين 32 و35 عاما. [34] وفي حزب العدل أيضًا، فإن الشباب يسيطر على عدد كبير من المناصب القيادية في الحزب بنسبة حوالي 66% بموجب 6 أعضاء من بين 9 أعضاء في المكتب السياسى، وحوالي 38% في الهيئة العليا بموجب 13 عضو من 34 عضو، حتى أن أمين تنظيم سنه 25 سنة، والأمين العام للحزب سنه 26 سنة بما يؤكد تواجد الشباب في جميع المستويات التنظيمية للحزب.[35] وفي حزب مصر الحرية، فإن الشباب هم الأغلبية في المستويات التنظيمية العليا للحزب، فالهيئة العليا المخولة باتخاذ القرارات المصيرية للحزب (12 عضوًا) تتكون بالكامل من فئة الشباب ما عدا د. عمر حمزاوى رئيس الحزب[36]، أي أن نسبة الشباب فيها حوالي 91%، كما أن المكتب السياسي للحزب بالكامل (المكون من 6 أعضاء) والمخول بصناعة التوجهات السياسية للحزب من فئة الشباب[37]، فالحزب منذ بدابة نشأته حزب شبابي بل وإنه يعاني من نقص فى وجود شخصيات عامة أو ذو خبرة سياسية قديمة.[38]

وفي نفس السياق، فإن الأحزاب التي بنيت على قوام حملات انتخابية بالأساس شبابية، تميزت بوجود قدر كبير من الشباب في مستوياتها التنظيمية العليا وفي مواضع صنع القرار، فكان هذا هو حال حزبي مصر القوية والتيار الشعبي. ففي حزب مصر القوية، يكاد يحتل الشباب هيكل الحزب بأكلمه، أي أن الشباب يحتلون من أقل المناصب التنظيمة حتى أعلى المستويات، كما أن المستويات التنظيمية العليا للحزب تتراوح فيها نسبة الشباب بين 65 – 70%، مثال على ذلك أمين محافظة السويس البالغ من العمر 24 عامًا.[39] وبشكل عام تمثل الشريحة العمرية الغالبة في جسد الحزب شريحة الشباب، وذلك حتى على مستوى القيادات العليا، حيث تحتوي الهيئة العليا للحزب على 6 أفراد يتجاوزون الأربعين عامًاً (قبيل الانتخابات الجارية الآن) من بين 100 عضو، بما يعني أن نسبة تمثيل الشباب فيها تصل إلى 94%، والمكتب السياسي يحوي فقط 3 أفراد عمرهم يتجاوز الأربعين عاماً من بين 12 عضوًا، اثنان منهما من المعينين، أي تصل نسبة تمثيل الشباب فيه إلى حوالي 75%.[40] والأمر ذاته ينطبق على حزب التيار الشعبي حيث يتواجد الشباب من أول القاعدة حتى القمة بنسبة قد تصل إلى80% وفقًا لأحمد البحيري عضو لجنة تأسيس الحزب، وإن كانت النسب ليست واضحة بطبيعة الحال طالما ان الحزب لايزال قيد التأسيس[41]

وفي هذا الإطار يمكن أن نرجع ضعف تواجد الشباب في مراكز صنع القرار في الأحزاب ذات التنوع الجيلي إلى سببين رئيسيين:

(أ) عدم قدرة أو خبرة الشباب في/على النجاح في الحملات الانتخابية داخل الأحزاب، والذي يرجع بدوره لعدة أسباب منها (1) عدم قدرة الشباب على تحمل الثمن المادي الباهظ الذي قد تحتاجه الحملات الانتخابية للهيئة كما هو الحال في حزب الوفد مثًلا[42]، أو (2) عدم القدرة على منافسة القيادات الأكبر سنًا كما هو الحال في الحزب المصري الديمقراطي والوفد والتحالف الشعبي حيث مزيد من التخوف من الشباب إما لأنه لم يثبت نفسه بعد، أو لأن الثقافة السياسية السائدة قديمًا بداخل عدد من هذه الأحزاب أو لدي من مارسوا السياسية سابقًا كونت صورة ذهنية لديهم فحواها أن الجيل الأصغر غير قادر في أحيان كثيرة على تحمل المسئولية. فمثلا في المؤتمر العام الأول لحزب التحالف الشعبي وبسبب عدم وجود نوع من التعارف المسبق بين المشاركين في المؤتمر، ظهرت تخوفات من الشباب لأنه لم يثبت نفسه بعد، كما كان الإنطباع السائد هو إنهم لا يمتلكوا الخبرة الكافية أو السمعة الرنانة، وذلك بخلاف الشخصيات الأكبر سنًا – وهي أمور أدت (ولاتزال) إلى ضعف انتخاب الشباب في المواقع القيادية على غرار المكتب السياسي أو اللجنة المركزية أو الهيئة العليا.[43]

(ب) عدم الرغبة في إعطاء ميزة نسبية للشباب، فلم يود مثلا حزب المؤتمر إعطاء أي ميزات نسبية فيما يتعلق بتقلد الشباب للمناصب العليا في الحزب، وكان المنطق وراء ذلك هو عدم إعطاء الشباب فرص زائدة على حساب الأجيال الأخرى.[44]وفي حزب التحالف الشعبي، لم تتم صياغة قواعد اللعبة الانتخابية بشكل يعطي بعض الميزات النسبية للشباب لضمان تمثيلهم في أماكن صنع القرار، وهو الأمر الذي انتهى باستغلال القيادات القديمة لشعبيتها السابقة في محافظات بعينها، فنجحت ولم يستطع الشباب المنافسة، وبالتالي، انخفض تمثيلهم بكثافة في اللجنة المركزية إثر هذه الانتخابات.

ومما سبق نستطيع أن نستخلص عدة إشكاليات مفتاحية فيما يتعلق بأزمة ضعف تمثيل الشباب في الأحزاب ذات التنوع الجيلي في مقابل الأحزاب الشبابية، وإنعكاستها على الواقع الحزبي، وبالتالي السياسي في مصر، وذلك كالتالي:

(أ) تعتبر فكرة إعطاء ميزات نسبية للشباب فيما يتعلق بتقلد المناصب العليا (أو كوتا) محددة لهم سلاح ذو حدين: فإذا كانت هذه الكوتا قد تضمن من ناحية وجود تمثيل معقول للشباب في الهياكل العليا للحزب إلا إنها لا تضمن بالقدر ذاته وصول من هم أكثر كفاءة أو شعبية لتقلد هذه المناصب.

(ب) ولكن إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى، نجد أن ضعف تمثيل الشباب في الهياكل العليا للأحزاب ذات التنوع الجيلي ينتج عنه تشبث الشباب، بطريقة ميكانيكية، بالتواجد في الأحزاب الشبابية لأن التواجد فيها يزيد من فرصهم وقدراتهم على التأثير على توجهات الحزب وقراراته، ولكنهم يفاجئون بعد ذلك بأن الأحزاب الشبابية، لأسباب عدة، تفتقر إلى مقومات التأثير على المشهد السياسي -على الأقل في الأمد القصير- فينفض البعض عنها، في مشهد يقترب من الدوران في دائرة مفرغة.

(2) مشاركة الشباب في صناعة البرنامج السياسي للحزب:

سنجد أن الأحزاب السياسية (باستثناء حزبي المؤتمر والوفد) منقسمة إلى مجموعتين فيما يعلق بكيفية صياغة البرنامج السياسي للحزب ودور الشباب فيه والشكل الذي يتخذه هذا الأخير:

المجموعة الأولى، هي التي تميزت بصياغة البرنامج (على الأغلب من قبل خبراء) ثم مشاركة الشباب في مرحلة لاحقة لتطويره. ففي حزب الدستور، تم وضع البرنامج السياسي للحزب من خلال مجموعة القيادات التي كانت مع د. محمد البرادعي في مرحلة تأسيس الحزب في نوفمبر 2012، ثم تم تعديل البرنامج عند تقلد د. هالة شكرالله رئاسة الحزب في يونيه 2014، حيث قامت الهيئة العليا المكونة في معظمها من الشباب بتطوير بعض بنوده.[45] وفي حزب مصر القوية، انتهت صياغة البرنامج السياسي للحزب أثناء الحملة الانتخابية لد. عبد المنعم ابو الفتوح، أي من قبل تأسيس الحزب، وذلك من قبل مجموعة من المتخصصين في القضايا المختلفة. ثم مع بداية تأسيس الحزب مباشرة، تم تشكيل المكتب الفني المنوط بوضع السياسات العامة فيما يتعلق بالاقتصاد والصحة والمجتمع وغيرهم، علمًا بأن المكتب الفني من المفترض أن يعمل على أمرين: من جهة، إدارة مدرسة السياسات العامة التي تقوم على تدريب الكادر الحزبي كي يكون برلماني جيد، ومن جهة أخرى، نقد سياسات الحكومة وتقديم بدائل لها. وفعليًا، الشباب هم بالأساس القائمين بذلك حتى أن مدير المكتب الفني لديه 34 عامًا فقط، وغيره من أعضاء المكتب يتراوح عمرهم بين العشرينات والثلاثينات. [46] وبالنسبة لحزب التيار الشعبي، فإن البرنامج السياسي للحزب كان مأخوذا من برنامج حمدين الانتخابي سواء في الخطوط العريضة للبرنامج على المستوى الاقتصادي الاجتماعي أو حتى في تفاصيل الحلول فيما يتعلق بقضايا التعليم والصحة وغيره، ولكن يعكف الشباب حاليًا على تطويره بصياغة وثيقة سياسية للحزب.[47] ويتشابه حزب المصريين الأحرار مع هذه الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية فيما يتعلق بصياغة البرنامج من قبل المتخصصين ثم مشاركة الشباب في مرحلة لاحقة في تطويره. فقد تم وضع البرنامج السياسي مسبقًا من قبل خبراء بالحزب منذ إنشاءه، ولم يشارك الشباب فيه إلا في طور إعادة تطوير البرنامج. فقد تم مثًلا عمل ملتقى لمناقشة الأربعة ركائز الأساسية والإستراتيجية التي من المفترض أن يقوم عليها الحزب، وهنا تمت الاستعانة بالكثير من الشباب الذين شاركوا في صياغة تلك الركائز.[48]

المجموعة الثانية، هي التي اكتفت بصياغة البرنامج الحزبي من قبل الخبراء المعنيين، والذي كان بين بينهم بعض الشباب. ففي الحزب المصري الديمقراطي، تم وضع برنامج الحزب في أول مراحل إنشاءه من خلال لجان الخبراء والمكتب السياسي من دون النظر إلى التركيبة الجيلية المكونة لهذه اللجان،[49] والآن يتم بتحديث البرنامج بنفس الطريقة الفنية اعتمادًا على جمع المعلومات والمقترحات من الأمانات النوعية مثل لجنة الصحة ولجنة التعليم والبيئة وتقديمها للمكتب المختص بالاوراق السياسية لصياغة البرنامج النهائي.[50] وفيما يخص حزب التحالف الشعبي، فقد تم وضع البرنامج السياسى للحزب من خلال المؤتمر العام، حيث ساهمت مجموعة من اللجان المتخصصة فى وضع البرنامج السياسى بغض النظر عن التركيبة الجيلية المكونة لهذه اللجان، ثم تم إقرار البرنامج فى المؤتمر العام. وهذا يعني أن الشباب شاركوا في إقرار البرنامج بما أن نسبة تواجد الشباب في المؤتمر العام اقتربت حينذاك من الـ40%. وفي حزب العدل، تمت كتابة برنامج الحزب بشكل تكنوقراطي من خلال خبراء متخصصين في القضايا المختلفة، وبغض النظر عن التركيبة الجيلية.[51] والأمر ذاته في حزب مصر الحرية، حيث تمت صياغة البرنامج السياسي عن طريق متخصصين فى مجالات مختلفة، وإن لم يصبح جميعهم أعضاءً بالحزب.[52]

أما الوضع في حزبي المؤتمر والوفد فمختلف قليلًا، حيث لم يشارك الشباب في وضع برنامج حزب المؤتمر، لأن الأخير جاء معبرًا عن انتقاء بعض المواد من برامج الأحزاب المندمجة في الكيان الجديد “حزب المؤتمر”.[53] وفي حزب الوفد، تم وضع البرنامج السياسي “لحزب الوفد الجديد” عام 1979 حيث استمر العمل به حتى عام 2006، عندما أعلن محمود أباظة -رئيس الحزب أنذاك- باقتراح ورقة عمل لإدخال بعض التعديلات على البرنامج السياسي، وأشرف على هذه الورقة د. وحيد عبد المجيد، ود. علي السلمي، ود. عصام شيحه، وقاموا بإدخال بعض التعديلات عليها. وتناولت هذه الورقة ضرورة تدخل الدولة ضد “الليبرالية المتوحشة”، والدور الاجتماعي للرجال الأعمال، موقف الحزب من حق الاعتصام، قانون التظاهر، قانون الطوارئ، إلا أن الشباب لم يكن لديه دور في هذه التعديلات رغم إنه دومًا طالب بضرورة تغيير اللائحة بشكل يزيد من دوره.[54]

ومما سبق يتضح أن الشباب شارك بشكل أو بآخر في صياغة الأفكار السياسية التي تبنتها هذه الأحزاب السياسية (باستثناء حزبي الوفد والمؤتمر)، أو على الأقل يبدو أن عملية صياغة الأفكار السياسية للحزب عملية اتسمت في مجملها بقدر أكبر من التوافقية والإدماجية، عنه فيما يتعلق بالإدارة التنظيمية لهذه الأحزاب. وهو الأمر الذي يعني أن الأزمة المتعلقة بكيفية دمج الشباب بداخل الأحزاب السياسية هي مشكلة تنظيمية بالأساس وليست فكرية.

ثالثًا: تأثير الشباب في عملية صنع القرار: الآليات وحدودها

نعرض في هذا الجزء الآليات المستخدمة من قبل الشباب للمحاولة في التأثير على صناعة القرار داخل الأحزاب السياسية المختلفة: القانونية منها والاحتجاجية (التظاهر والاعتصام). وسنحاول أن نشرح ونثبت، أن اللجوء إلى وسيلة دون الثانية من جهة، وقدرة تأثير الشباب على صناعة القرار من عدمه من جهة أخرى، ترجع إلى عاملين أساسيين: (1) ضعف أو قوة هياكل وآليات التواصل والمشاركة الداخلية في الحزب، وهو الأمر الذي يرجح لجوء الأعضاء من الشباب إلى استخدام الوسائل المؤسسية للتواصل بداخل الحزب إذا كانت ميكانيزمات المشاركة الداخلية قوية أو يرجح على العكس من ذلك لجئوهم إلى الآليات الاحتجاجية بغية توصيل صوتهم وطلابتهم. (2) مدي تواجد الشباب في أماكن صنع القرار في الحزب، الأمر الذي يتيح لهم آلية مباشرة للتأثير على صناعة القرار عبر التصويت، ويزيد من فرص القلة المعترضة على استخدام السبل القانونية الداخلية للتعبير عن اعتراضتها، وهو الأمر الذي ينطبق تحديدًا على الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية على غرار حزب مصر القوية.

فعليًا تتنوع الوسائل المستخدمة وفقًا لطريقتين وهما: الوسائل المؤسسية والقانونية الداخلية أو طرق التواصل الداخلية للحزب من جهة، والاعتصام والاحتجاج من جهة أخرى، وهو الأمر الذي سنقوم بعرضه كما يلي:

(1) الوسائل المؤسسية والقانونية الداخلية المتبعة للاعتراض والتواصل، وذلك عن طريق عدة وسائل مثل (أ) التواصل المباشر مع الجهات المنوطة بصنع القرارات على غرار الأمانات المعنية بالأمر أو الهيئة العليا أو المكتب السياسي موضوع النزاع داخل الحزب، أو (ب) طلب لقاء للنقاش مع رئيس الحزب، أو (ج) اللجوء لوسائل الضغط المتاحة في اللائحة الداخلية للحزب، فمثلا في حزب المصريين الأحرار تكفل اللائحة الداخلية للحزب قيام شباب الحزب بإصدار بيان تنديد أو اعتراض على قرار ما باسم الشباب أو طلبة الجامعة مثلا كوسيلة ضغط[55]. وفي حزب مصر القوية، إذا اتخذ المكتب السياسي قرارًا لا يرضي جزءا من أعضاء الحزب فيمكن التواصل مع الهيئة العليا كي تجتمع لمراجعة قرار المكتب السياسي.[56] فعادة وسائل الاتصال بين أعضاء الحزب والمسؤولين فيه متاحة، وفي العموم لا يوجد صعوبة في التواصل الرأسي بل يمكن أيضًا الوصول لأمين المحافظة عن الحزب، الذي يستطيع بدوره الوصول إلى المكتب السياسي لو استدعى الأمر لتوصيل رأي أو اعتراض.[57] وتتوقف حدود التأثير في أغلب الأحيان وفقًا لقدرة الشباب داخل الحزب على إيصال صوتهم وقدرتهم على المثابرة.

(2) الاحتجاج والاعتصام، ومن الأمثلة على ذلك فمثلا في حزب الوفد، في الانتخابات البرلمانية لعام 2010، كان هناك قرار من الحزب بالاستمرار في الانتخابات في الجولة الثانية، وهو الأمر الذي رفضه الشباب فقاموا بعمل وقفة احتجاجية مما أدى إلى عودة الحزب عن قراره في الاستمرار.[58] وفي مشهد من المشاهد -رغم الاختلاف- شهدنا اعتصام العشرات من الشباب في مقر حزب الدستور في يناير 2013 احتجاجا على بعض القرارات التنظيمية بالحزب واعتراضًا على بعض القيادات فيه.

والحقيقة هي أن اللجوء إلى وسيلة دون الثانية من جهة، وقدرة تأثير الشباب على صناعة القرار من عدمه، من جهة أخرى يتوقف على العاملين التاليين:

(1) هياكل وميكانيزمات التواصل والمشاركة الداخلية بالحزب، حيث تدفع قوتها إلى لجوء الأعضاء الشباب إلى الوسائل المؤسسية للتواصل الداخلي أو على العكس، يرجح ضعفها لجوئهم إلى الاعتصام والاحتجاج. وفي هذا الإطار، نعطي بعض الأمثلة المعضددة لهذا الطرح: (أ) كثير من الخلافات التي ظهرت على السطح في حزب الدستور كانت نتيجة غياب لائحة للحزب (وهي المنوطة بتحديد الصلاحيات والاختصاصات والحقوق والواجبات بل وآليات التواصل الفعال)، علمًا بأن الأخيرة ظلت غائبة في هذا الحزب منذ نشأته. وقد أدى ذلك، من ناحية، إلى حدوث اختلاط في الاختصاصات والصلاحيات، ومن ناحية أخرى، دفع إلى غياب صيغ فعالة للمشاركة الشبابية الداخلية في الحزب. وهي كلها أمور تطورت فيما بعد إلى إنفجار نزاعات واحتجاجات داخلية قادها الشباب في مواجهة الجيل الأكبر من القيادات. (ب) الأمر ذاته تكرر في حركة التيار الشعبي التي تأسست على قوام حملة حمدين صباحي الرئاسية، وهو ما دفع مؤسسي حزب التيار الشعبي الشاب إلى صياغة لائحة حزبية لتحديد الصلاحيات والاختصاصات،[59] لا سيما وأن تأسيس حركة التيار الشعبي ومن بعده حزب التيار الشعبي على قوام حملة انتخابية سابقة خلق العديد من الأزمات التنظيمية بين المشاركين الأوائل في الحملة من ناحية، والمنضمين الجدد إلى الحركة أو الحزب من ناحية أخرى، وكيفية استيعاب المجموعتين بشكل متساو وبدون تمييز. (ج) كما أدى عدم وجود آلية تواصل فعالة في الحزب المصري الديمقراطي بين الشباب من جهة، والقيادات من جهة أخرى، إلى قيام العديد من النزاعات بالحزب، علمًا بأن حلقة الوصل الوحيدة بين الشاب والهيئة العليا تمثلت فقط في أمين الشباب عضو الهيئة العليا.[60] صحيح إنه لم تحدث اعتصامات داخل الحزب لكن غياب آليات تواصل فعالة دفعت إلى انسلاخ مجموعة كبيرة من الشباب الأعضاء في الحزب لتكوين منظمة “شباب ديمقراطي اجتماعي” (شدا) كمنظمة شبابية تابعة في أفكارها للحزب لكن مستقلة عنه تنظيميًا. وجدير بالذكر، أن هذا الطرح لم يتم تفعيله لعدم موافقة الهيئة العليا للحزب عليه، مما أدى إلى انسلاخ جزء من هؤلاء الشباب خارج الحزب، وتحول جزء آخر منهم إلى أعضاء غير فاعلين به.[61] كما أدى غياب صيغة للتواصل الفعال بين الشباب والمسئولين بالحزب إلى تفاقم الخلاف السياسي المتمثل في رفض الشباب دعم الحزب للسيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية. ورغم قرار الهيئة العليا بترك الحرية للأعضاء فيما يتعلق بدعم أي من المرشحين الرئاسيين إلا أن الحزب واجه حملة من الاستقالات الشبابية الجماعية. (د) وقد تكرر أمر مشابه لذلك في حزب المؤتمر، حيث أدى ضعف قدرة الشباب على مواضع صنع القرار بالحزب -بسبب غياب آليات كافية للتواصل والتأثير- إلى انسلاخ جزء غير صغير من الأعضاء الشباب من الحزب، وسعي البعض منهم إلى تكوين حزب جديد.

ومن الجدير بالإشارة إلى أن المقارنة بين الأحزاب ذات التنوع الجيلي ذو التوجهات اليمينية مثل حزب المصريين الأحرار، والتي لا تعاني من مشكلات كبيرة في دمج الشباب، وتلك ذو التوجهات الأكثر يسارية على غرار حزبي المصري الديمقراطي والتحالف الشعبي، والتي تعاني من مشكلات أكبر في هذه المسألة، يمكن أن تضيف لنا عنصرًا أو بعدًا ثالثًا مكمل للتحليل الذي قدمناه أعلاه. فرغم أن قوة ميكانيزمات التواصل الداخلي بداخل هذه الأحزاب، تظل عاملًا محددًا بشكل أساسي لاختيار الشباب اللجوء إلى الأساليب المؤسسية للاحتجاج من عدمه، إلا إنه من ناحية أخرى، تلعب توجهات هؤلاء الشباب ذاتها دورًا مهمًا في اختياراتهم أو تصرفاتهم عند الاختلاف أو الشعور بالتهميش. ففي حين يميل الشباب الأكثر يمينية إلى الحلول الإصلاحية بداخل الحزب (كما في خارجه)، يميل الشباب ذو الميول الأكثر يسارية إلى الحلول الأكثر راديكالية في التعامل مع المشكلات الداخلية.

(2) مدي تواجد الشباب في أماكن صنع القرار بالحزب، وهو الأمر الذي يتيح لهم آلية مباشرة للتأثير على صناعة القرار عبر التصويت، ويدفع القلة المعترضة إلى محاولة توصيل اعتراضتها عبر السبل القانونية الداخلية. وينطبق ذلك تحديدًا على الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية على غرار حزب مصر القوية، وحزب العدل وحزب مصر الحرية. وفي هذا الإطار، نقدم بعض الأمثلة المعضدة لذلك: (أ) في حزب مصر الحرية مثلاً، الشباب هم صناع القرار لأن الحزب بالأساس هو حزب شبابي، وحجم أعضاءه صغير، مما يتيح مساحات واسعة للتواصل بين الأعضاء والهيئة العليا، وبالتالي قليلاً ما يشهد الحزب خلاف حاد والاستقالات فيه محدودة.[62] (ب) وفي حزب العدل، توفر مشاركة الشباب في اللجان النوعية للحزب آلية للتأثير على صناعة القرارات عبر المشاركة في الجانب الفني المتعلق بها.[63] (ج) وبالتأكيد الأمر نفسه ينصب على حزب مصر القوية الذي يتميز بوجد آليات فعالة للتواصل بجانب تواجد قوي للشباب في أماكن صنع القرار نظرًا لديمجرافية الحزب كما سبق وأن أشرنا. (د) الأمر نفسه في حزب الدستور، ولكن بدرجة أقل حيث لا يزال الحزب يعاني حتى يومنا هذا من النزاعات الداخلية نظرًا للمشاكل الهيكلية التي عانى منها منذ لحظة تأسيسه والتي لم تنجح الانتخابات الداخلية في معالجتها سوى بشكل جزئي ومحدود. بالتأكيد، تتواجد اليوم نسبة كبيرة من الشباب حاليًا وفعليًا بداخل مراكز صنع القرار بالحزب بعد إجراء الانتخابات الداخلية الجديدة في يونيه 2014، مما يمكنهم من التأثير في عملية صنع القرار واللجوء إلى الوسائل القانونية حين الحاجة للاعتراض. ولكن من ناحية أخرى، الانضباط الجزئي للوسائل التواصلية بالحزب لم ينه أبدًا النزاعات حتى يومنا هذا حيث تتجد الأخيرة ليس فقط بتجدد الأحداث السياسية (مثل الانتخابات الرئاسية لعام 2014، والموقف من مساندة أحد المترشحين من عدمه)،[64] بل أيضًا بسبب المسائل التنظيمية الداخلية التي دومًا ما تجدد الأزمات الداخلية وتفجرها.

ومما سبق يتضح بشكل جلي، أن غياب هياكل وميكانيزمات التواصل في الأحزاب السياسية ذات التنوع الجيلي هي من الأمور الرئيسية التي تتسبب في خلق النزاعات بداخل هذه الأحزاب. ورغم أن هذه الأخيرة يتعامل معها الكثيرون باعتبارها أزمات جيلية إلا إنها في الحقيقة ليست سوى نتاج لأسباب هيكلية أكثر منها جيلية، أي نتاج ضعف آليات التواصل الرأسي الفعال بداخل هذه الأحزاب، حتى وإن أشتدت وطأتها وحميت بسبب الميول الأكثر راديكالية لدى الشباب المنتمي إلى الأحزاب ذو التوجهات الأكثر يسارية.

رابعًا: التواصل الحزبي مع فئة الطلاب: سبل الإدارة والعوائق

في هذه الجزئية، نتناول بالتحليل، من ناحية، الكيفية التي يتم بها إدارة الملف الطلابي في الأحزاب المختلفة ودلالات ذلك، ومن ناحية أخرى نتناول العوائق التي تواجه هذه الأحزاب في تجنيد الطلبة وصناعة حركات طلابية فعالة وقوية. وسنثبت من خلال هذا العرض: (1) أن إدارة الملف الطلابي تتم وفقًا لطرق مختلفة من حزب لآخر بحيث تختلف درجة الخصوصية الموكلة للملف الطلابي ودرجة الاستقلالية الموكلة للحركة الطلابية. وإنه، بشكل عام، يزداد الاهتمام الموكل لمكاتب الطلبة أو للحركة الطلابية من ناحية، وهامش الاستقلالية الممنوح إليهم من ناحية أخرى، كلما صارت التركيبة الجيلية أكثر ميلاً إلى عمر الشباب في الحزب – وهو الأمر الذي ينتج عنه زيادة فأعلىتها، وبالتالي، نجاحها على الصعيد الانتخابي. (2) إنه بجانب العوائق الذاتية التي تعيق العمل الطلابي من قصور في التمويل وصراعات داخلية.. إلخ، يعتبر السياق السياسي والقانوني التضيقي الراهن من ناحية، والقمع الأمني الحالي من ناحية أخرى، هو العائق الأكبر فيما يتعلق بتجنيد الطلبة.

(1) إدارة الملف الطلابي وإستراتيجيات التواصل:

لو نظرنا إلى كيفية إدارة الملف الطلابي في الأحزاب ذات التنوع الجيلي سنكتشف، أن الخصوصية والاستقلالية الموكلة للحركة الطلابية بداخل هذه الأحزاب محدودة نسبيًا. فنجد إنه في حزب المؤتمر مثلاً، لا يوجد من الأساس مكتب للطلبة بل يندرج الطلاب تحت لواء اتحاد شباب الحزب، خاصة وأن الحزب بشكله التجميعي الحالي عمره عام واحد[65]. ويعني ذلك أن الحزب -بشكل ما- لا يولي للملف الطلابي خصوصية خاصة بل يتعامل معه باعتباره ملف كباقي الملفات التي يعمل الحزب عليها وبها. أما بالنسبة لأحزاب الوفد والمصري الديمقراطي بالإضافة إلى حزب العدل، فإن المكتب الطلابي هو جزءًا من الأمانة الخاصة بالشباب في الحزب، بحيث يهتم المكتب بمشاكل الطلاب داخل الجامعة مثل أسعار الكتب، اللائحة، الأسر الطلابية الخاصة بالحزب بالجامعات، انتخابات الاتحاد. وبالتالي، ينبثق هذا المكتب من أمانة الشباب التي تعتبر نقطة الوصل في نقل أفكار الطلبة ومطالبهم إلى المكتب السياسي أو الهيئة العليا للحزب أي أماكن صنع القرار بالحزب. وإذا كانت هذه الصيغة تولي اهتمام أو خصوصية أكبر لملف الطلاب بوضعه داخل أمانة الشباب إلا إنها لا تمنحه حرية الحركة والقرار فيما هو خارج أمانة تنظيم الشباب الحزبية، وهو الأمر الذي يعني في النهاية إعطاء، من جهة، استقلالية أو هامش حركة محدود للحركة الطلابية، ومن جهة أخرى، يحد من خصوصية الملف الطلابي فيما يتعلق بآليات إدارته وتفعيله. ولو انتقلنا لحزب التحالف الشعبي، فنجد إنه لا يوجد فيه من الأساس مكتب للطلاب. فكما أشرنا سابقًا، كانت الفكرة في الأساس تقوم على أن يكون كل من الطلبة والشباب أعضاء في اللجنة المركزية العليا من دون أن يكون هناك أمانة خاصة للشباب، وهو الأمر الذي كان من المفترض أن يعطي نوعًا من التساوي الجيلي فيما يتعلق بالقدرة على المشاركة في صنع القرار، إلا أن هذا الأمر تغير إثر الانتخابات الداخلية في الحزب حين نجحت القيادات الأكبر سنًا فيها واستبعد الشباب من أماكن صنع القرار. وفي كل الأحوال، فإن غياب مكتب خاص بالطلاب واعتباره ملفًا من ضمن ملفات أخرى يديرها الحزب يحد من هامش الخصوصية والاستقلالية الطلابية بالحزب.

وفي المقابل، لو انتقلنا إلى الأحزاب الشبابية، نجد أنها تمنح طلابها اهتمامًا خاصًا لأنها تتعامل مع الحركة الطلابية باعتبارها مخزنها الاجتماعي والمجتمعي الرئيسي، وأداتها لمفرخة القيادات المستقبلية سواء في الانتخابات المحلية أو النقابية (أو في المستقبل البرلمانية). وهو ما عبر عنه أحد قيادات التيار الشعبي كتالي: “الحركة الطلابية هي المفرزة الحقيقة للعمل السياسي، كما أنها تعطي القدرة على الاختلاط بالناس المختلفة وتعطي مساحة للعمل مع طبقات وأفكار مختلفة، فالجامعة هي بمثابة مجتمع مصغر، والخبرة دائما تأتي من خلال ذلك، في تنظيم ليس لديه قاعدة طلابية لا ينجح، والعكس الصحيح”.[66] وفي هذا الإطار، نجد أن هذه الأحزاب تمنح لطلابها هامشًا أوسع من الاستقلالية والحركة. ففي حزب الدستور، يوجد مكتب طلابي يتابع العمل الطلابي بشكل منفرد، بحيث تتم إدارة الملف الطلابي داخل الجامعات من خلال “أسرة الميدان” وتتم إدارة أسرة الميدان من خلال المكتب الطلابي في الحزب. وبالتالي نجد إنه في كل جامعة يوجد مكتب للطلاب يتم انتخابه من القاعدة الطلابية وهذا المكتب يتعامل مباشرة مع أمانة المحافظة.[67] وترجع هذه التركيبة الإدارية التي تمنح خصوصية أعلى في عملية إدارة الملف الطلابي إلى ثلاث أسباب رئيسية: (1) ديمجرافية الحزب المكونة بالأساس من الشباب، الأمر الذي منع إدراج هؤلاء الطلاب في أمانة الشباب، (2) تفضيل القيادات في الحزب أن تتجه أمانة الشباب للعمل السياسي العام بدلا من الاهتمام والتخصص في بمشاكل الطلاب فقط، خاصة وأن هذه الفئة العمرية لديها مشاكل مختلفة أو إضافية عن/إلى المشاكل السياسية العامة،[68] (3) الاهتمام الخاص الذي سيوليه الحزب لمشاكل الطلاب من شأنه مساعدة الحزب على جذب وتجنيد المزيد من الشباب الذي يتوافق فكره مع حزب الدستور.[69] وفي حزب التيار الشعبي، يوجد مكتب للطلاب يتمتع بالاستقلالية الكاملة فيما يتعلق باتخاذ القرارت والحركة عن الهيئة التنظيمية العليا.[70] وفي حزب مصر الحرية، فهناك حركة طلابية، تتمتع بقدر من الاستقلالية في صنع القرار والتحرك على الأرض، كما أن هناك محاولات حالية لزيادة استقلاليتها، وإن كانت حتى هذه اللحظة تابعة تنظيميًا لأمانة التنظيم.[71] أما حركة طلاب مصر القوية، فهي التي تحظى بأعلى مستوى من الاستقلالية. فهي حركة طلابية منفصلة ماليًا وإداريًا عن الحزب، وإن شاركته الخط الفكري الرئيسي. والحقيقة هي أن السبب الأساسي لتمتعها بهذا القدر من الاستقلالية يرجع إلى طريقة نشأتها: حيث تكونت هذه الحركة قبل تأسيس الحزب ذاته عن طريق اللجان الطلابية المشاركة في حملة د. عبد المنعم أبو الفتوح الرئاسية داخل الجامعات في 2012. وبالتالي، جاء تأسيس هذه الحركة سريع للغاية لأن هيكلها كان موجودًا بشكل مسبق في الجامعات. وقد اعتمدت هذه الحركة النسق اللامركزي في الإدارة بداخلها، وأجريت مؤخرًا انتخابات داخلية في جميع مستوياتها.[72] ويقوم الحزب بدعم حركة مصر القوية إلا أنه لا يتدخل في شئونها أو في القرارات الصادرة عنها.[73]

ومما سبق يتضح بشكل جلي أن هناك علاقة تكاملية بين التركيبية الجيلية للحزب، وقدر الاستقلالية الممنوحة للحركة الطلابية من ناحية، ومقدرة الأخيرة على الفاعلية والنجاح من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي برهنت عليه انتخابات الاتحادات الطلابية الماضية في فبراير 2013. فرغم أنه من الصعب التمييز بين النسبة التي حصل عليها كل حزب بشكل مستقل نظرًا لدخول عدد كبير من طلاب الأحزاب في تحالفات سياسية جمعتهم، إلا أنه لا يزال من المؤكد أن طلاب حزبي الدستور ومصر القوية قد حصلوا على أعلى النسب في هذه الانتخابات بعد طلاب جماعة الإخوان والمستقلين.[74]

(2) عوائق التجنيد الطلابي:

تتشارك معظم الأحزاب نفس الوسائل فيما يتعلق بالتواصل والتجنيد الطلابي، وتتركز فعاليات الأسر الطلابية التابعة للأحزاب في الجامعات على الجانب الخدمي والاجتماعي (كالمساعدة في توفير الكتب الجامعية بأسعار رمزية، تقديم خدمات للطلبة فيما يتعلق بإقامة الدورات الخاصة بالتنمية البشرية والعلمية والمهنية) والجانب الثقافي (إقامة المعارض الفنية، والمسرحيات، الرحلات الجامعية)، هذا بالإضافة إلى الجانب السياسي (تنظيم الندوات السياسية، والدورات التثقيفية)، ولكن بالطبع يتم ذلك حاليًا في أضيق الحدود، أي حينما لا يقابل الطلبة إعتراض مباشر فيما يتعلق بتنظيمها، وذلك نظرًا لحظر الأسر الطلابية ذات الظهر الحزبي وبالذات تلك التابعة لحزبي الدستور (أسرة الميدان) ومصر القوية (أسرة الكلمة كلمتنا)، والتي عرفت على مدار عام مضى بفاعليتها وتحركاتها المشهودة على الصعيد السياسي. والحقيقة هي أن عملية تنظيم هذه الأنشطة والفعاليات بهدف التجنيد من ناحية، وتفعيل الحركة الطلابية من ناحية أخرى، تواجه العديد من العوائق، نقسمها إلى داخلية وخارجية، ونعرضها كما يلي:

(1) العوائق الحزبية الداخلية:

 ومن أهمها نسرد، (أ) العوائق الإدارية والتواصلية بداخل الأحزاب، حيث أن الملف الطلابي في بعض الأحزاب ليس سوي جزءًا من أمانة الشباب -كما سبق وأن أشرنا- الأمر الذي لا يعطي هامش الاهتمام المطلوب، ولا يوفر آلية للتواصل الداخلي بصناع القرار فيما يتعلق بالملف الطلابي، وهو من الأمور التي دفعت مجموعة من الشباب في الحزب المصري الديمقراطي إلى إنشاء منظمة شبابية منفصلة عن الحزب “منظمة الشباب الديمقراطي” (شدا) -التي نوهنا عنها سابقًا- حتى يكون للطلاب ملف خاص بهم داخل هذه المنظمة. فقد كانت إحدى أهدافها هو التواصل مع الطلاب من سن 16 سنة، وعمل برامج تدريبية وتثقيفية لهم، بهدف صناعة حركة طلاب قوية بدل من الحركة الطلابية الضعيفة في الحزب.[75](ب) الخلافات الفكرية، والتي برزت بشكل واضح على السطح بعد 30 يونيه، حيث انتشرت مظاهرات طلاب الإخوان وغيرهم من طلاب الحركات الحزبية الأخرى، الأمر الذي أدى إلى اختلاف المواقف بين جيل الشباب خاصة من الطلاب المؤيدين للتظاهر من جهة، والأجيال الأكبر الغير مؤيدة للتظاهر من جهة أخرى، وهو الأمر الذي ظهر في أحزاب مثل المصري الديمقراطي والتحالف الشعبي. وكانت هذه الخلافات من الأسباب التي دفعت جزء كبير من الطلبة لترك الحزب.[76] وجدير بالذكر، أن هذه الخلافات قد اخترقت أيضًا جيل الشباب نفسه، خاصة الطلبة من بينهم، حيث انقسموا -كما حدث في حزب المصريين الأحرار مثلا- إلى فريقين: الفريق الأول يؤيد التعامل الأمني داخل الجامعة، لأن من وجهة نظره، التعامل بالعنف من قبل الطلبة لا بد وأن يُعامل بالعنف المقابل، أما الطرف الثاني، فقد رأى إنه من غير الواجب دخول “الزي الميري” داخل الجامعات من الأساس، وأن في ذلك عودة “للنظام القديم” والتضييق على الحريات. ومن المؤكد أن هذه الخلافات في وجهات النظر سواء أن اتخذت شكل أزمات جيلية أو انتشرت بين أبناء الجيل الواحد، فهي تمثل عائقًا حقيقيًا لصناعة حركة طلابية حزبية قوية.[77] (ج) نقص التمويل، لتنفيذ المشروعات والبرامج التدريبية وغيرها من الخدمات والأنشطة الخاصة بالطلبة.

(2) العوائق الأمنية والقانونية الخارجية:

(أ) العوائق القانونية، فاللائحة الطلابية الحالية تمنع العمل السياسى فى الجامعة، الأمر الذي لا يساعد طلاب الأحزاب على عمل ندوات تعريفية بأحزابهم، وتوجهاتها السياسية مثلاً.[78] حتى أن أسر الميدان (حزب الدستور) منعت بعض فعالياتها في بعض الجامعات، ولم يتم إعطائها التصاريح الازمة لعدد من ندواتها.[79] (ب) العائق الأمني، فازدياد وتيرة القمع داخل الجامعات، وخارجها تجعل الطلبة (وحتى الناشطون يتخوفون من المشاركة في الحياة السياسية)، هذا بجانب الإحباط واليأس الذي أصاب قطاعًا واسعًا من الشباب من جراء الأوضاع السياسية الراهنة. وهو ما عبر عنه أحد القيادات في حزب مصر القوية كالتالي: “يمكنني أن أصف الوضع الآن “بجمهورية الخوف”، فعلى سبيل المثال حينما يحجز حزب مصر القوية قاعة في أحد الفنادق ليعقد مؤتمرًا ثم يرفض الفندق، لا يعني هذا بالضرورة أن الأمن أجبره على ذلك، ولكن حالة الخوف المسيطرة تجعل الناس تؤثر الابتعاد عن المشاكل، وتلك الأجواء لا تصنع تفاعل حي لأن الناس تكون متخوفة حتى من التجمع والتنظيم.[80]

فمما لا شك فيه أن السياق السياسي القمعي الحالي له بالغ الأثر على عملية التجنيد الطلابي، خاصة وأن العوامل الداخلية السلبية الخاصة بالأحزاب كانت دومًا موجودة، ومع ذلك استطاعات الحركات الطلابية تكوين نفسها وتحقيق بعض النجاحات الانتخابية، وهو الأمر الذي يزداد صعوبة حاليًا.

خامسًا: المشاركة الشبابية في الملف الانتخابي: الأولويات والإستراتيجيات

في هذا الجزء، سنعرض لإستراتيجية الأحزاب السياسية فيما يتعلق بمشاركة الشباب في الانتخابات المقبلة (البرلمانية والمحلية). وسنركز في هذه الجزئية بصفة خاصة على: (1) الدوافع والأسباب الكامنة وراء اهتمام الأحزاب السياسية، الشبابية منها بالأساس، بهذه الانتخابات. (2) الإستراتيجيات المختلفة التي تتبعها هذه الأحزاب للتحضير لمشاركة شبابها في الانتخابات المحلية لأنه -بجانب ضبابية السياق السياسي الراهن فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية المقبلة- ما زالت مشاركة الشباب في هذه الأخيرة، من الأساس، خارج نظاق الأولوية القصوى لهذه الأحزاب. وفي هذا الإطار، سنتناول بالعرض والتحليل تركيز الأحزاب السياسية، باختلاف تركيبتها الجيلية، على موضوعين أساسيين متعلقيين من جهة، بالمشاركة في الانتخابات المحلية، ومن جهة أخرى، ببناء القواعد الاجتماعية للحزب وهما: الدورات التثقيفية من ناحية، والمشروعات المحلية من ناحية.

فعليًا، نجد أن أغلبية الأحزاب تولي أهمية واضحة للانتخابات المحلية المقبلة، وإن كانوا يعانون من عدم الوضوح بسبب عدم صدور القانون الخاص بالمحليات. وفيما تولي الأحزاب ذات التنوع الجيلي أهمية للانتخابات البرلمانية فتعمل جاهدة حاليًا على صياغة وضبط التحالفات الانتخابية واختيار المرشحين، تركز الأحزاب الشبابية جهودها بالأساس على الانتخابات المحلية لسببين: (أ) ضعف فرصهم في الانتخابات البرلمانية نظرًا لاحتياج الأخيرة مزيدًا من الدعم المالي، وإلى شخصيات معروفة ولها قدر من الخبرة السياسية، وهي أمور تتوافر بصعوبة لدى الشباب أو الأحزاب الشابة بصفة عامة، وهو الأمر الذي تزيد وطأته في ضوء قانون مجلس النواب لعام 2014 حيث حدد الأخير نسبة مقاعد النظام الفردي بحوالي 74% ومقاعد نظام القائمة المغلقة بـ21%، وهو الأمر الذي يزيد من سيطرة العصبيات والقبليات من جهة ورأس المال من جهة أخرى، (ب) تعاملهم مع الانتخابات المحلية باعتبارها فرصة في ذاتها لبناء الحزب وقواعده الاجتماعية. وهو ما عبر عنه أحد قيادات حزب مصر القوية بالعبارات التالية: “نحن ننظر للمحليات على أنها من أهم أسس التغيير. ومع ذلك لا يتم تسليط الاهتمام عليها رغم أنها قد تكون أهم من مجلس الشعب لأن التفاعل المباشر مع الناس في الشارع يكون من خلالها بالأساس. لذا، ننوي المشاركة في المرحلة القادمة في الانتخابات المحلية لأننا لا بد وأن نبدأ من الأسفل، من الشارع، لنكون أداة للتغيير من المستويات الأدنى، فنصل من خلالها لانتخابات مجلس الشعب ومجلس الوزراء”.[81] وفي المجمل تركز الأحزاب جميعها على ضرورة ضخ الشباب ومساندتهم وتدريبهم لخوض الانتخابات المحلية، أما فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية فأغلبية الأحزاب ستكتفي بوجود الشباب في القوائم، وفقًا للنسبة المحددة لهم ولا يوجد اهتمام كبير لخوضهم الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية إلا في حالات توافر شعبية وخبرة سياسية لشباب بعينهم في دوائرهم.

وجدير بالذكر، إنه يمكن اعتبار الاهتمام بالانتخابات المحلية (وغيرها من الملفات الانتخابية) -والتي تأتي اليوم إثر تركيز العديد من الأحزاب الشابة على السياسات الشارعية سابقًا- نتيجة تفاعل هذه الأخيرة مع عدة عوامل شجعت على هذا المنحى: (1) تغير المناخ السياسي بما لا يعرض الشباب المتظاهر فقط للقمع بل يخلط بين أجنداتهم السياسية وأجندة الإخوان المسلمين الخاصة، (2) استفزاز التظاهرات المستمرة لقطاعات واسعة من مواطنين، فضلاً عن عدم قدرة هذه التظاهرات على إحداث تغييرات هيكلية في نمط الإدارة أو الحكم، وهو ما عبر عنه أحد قيادات حزب التيار الشعبي مستخدمًا العبارات التالية: “على مدار الـ3 سنوات كان التكتيك الأفضل هو النزول للمظاهرات وحشد المليونيات. لكن حدث اليوم للمجتمع المصري حالة تشبع ثورى ولم يعد الشارع متقبلاً للمظاهرات مثلما كان الوضع سابقًا. فيجب علينا أن نستمع إلى مطالب الشارع ونحققها، والآن المطلب الجماهيري هو أن تقل المظاهرات، ولكن لا بد وأن يزداد في المقابل التحرك الجماهيري بفكرة المبادرات المجتمعية والمحلية”.[82] (3) إدراك هؤلاء الشباب أن إحداث إصلاحات أكثر جذرية في بنية النظام وفي علاقة الدولة بالمجتمع يتطلب بناء شبكات وقواعد اجتماعية أقوى على الأرض، وانتزاع مساحات أكبر في المجال العام والسياسي حتى لو بشكل متدرج، عبر المشاركة في العملية السياسية والانتخابية. وهو ما عبر عنه أحد قيادات حزب الدستور بالعبارات التالية: “تغيرت حايًا إستراتيجية حزب الدستور، حيث كان في البداية يلجأ إلى التظاهر والاحتجاج، والمشاركة في التحالفات والحركات المناهضة للنظام، كحركة تمرد، أو جبهة الإنقاذ الوطني، وذلك من أجل الحفاظ على مدنية الدولة وهويتها، وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير من حيث العدالة الاجتماعية وتمكين الشباب. ولكن إستراتيجية الحزب الآن، أصبحت أكثر براجماتية، فهو يتجه للوصول إلى السلطة، فيفكر في عدد المقاعد التي يستطيع أن يحصدها في الانتخابات مثلاً.. إلخ”[83].

وفي هذا الإطار، تركز أغلبية الأحزاب، والشبابية منها على الأخص، على وسيلتين فيما يتعلق بضخ الشباب كمرشحين في الانتخابات المحلية:

(1) البرامج التدريبية والتثقيفية:

ففي الحزب المصري الديمقراطي مثلا تم إنشاء “مدرسة الكادر” التي تخصصت بعمل تدريبات للشباب، والقيام بتدريبات للمدربين والذهاب بهم إلى المحافظات لتدريبهم على كيفية خوض الانتخابات وعلي مهارات التحدث وغيرها. [84] وفي حزب المصريين الأحرار، يتم تجهيز خطة عمل فيما يتعلق بالمتدربين على خوض انتخابات المحليات في كل المحافظات. فمثلًا، إذا كانت المقاعد المحددة لمحافظة مثل محافظة الجيزة في مجلس الشعب هي 2.300 مقعد، فيتم تحديد عدد المراكز والمكاتب وعدد الأشخاص الذين سيتم تأهيلهم في كل مكان، ومن يجتاز تلك الدورات يقوم الحزب بدعمه في خوض الانتخابات.[85]وفي حزب مصر القوية، يوجد لجنة تدريب محلي تقوم بدور تثقيفي وتدريبي وتعمل على حث الشباب على الاحتكاك بالناس في الشارع من خلال المشروعات المحلية بهدف كسب الخبرة والمهارة.[86] وفي حزب الدستور، يتم تأهيل الشباب من خلال “أكاديمية الدستور” التي تعرفهم على العمل التشريعي واللجان البرلمانبة وكيفية العمل من خلالهما، وتتجه أكاديمية الدستور حاليًا لتوسيع عملها كي يشمل المحليات، ويتعامل مع ملفات مثل الصحة والتعليم والمياه.

(2) المشروعات المحلية:

في الحزب المصري الديمقراطي مثلاً، يشارك الشباب في حملات التوعية في المناطق الشعبية والقوافل الطبية للتفاعل مع الناس على المستوى المحلي.[87] وفي حزب مصر القوية، تقوم لجنة التنمية المحلية، وهي تعتبر من أهم اللجان الموجودة داخل الحزب، ببحث المشكلات الموجودة في المحليات والتواصل مع المسؤولين بطريقة تشبه محاكاة دور المجلس المحلي. فعليًا، يسعي الحزب من خلال تلك الأنشطة إلى التواصل مع المسؤولين على مستوى الأحياء والمحافظات لتوصيل مشكلات الناس والمقترحات بحلها، بل وأيضًا المساعدة في تبنيها وتنفيذها.[88] وفي حزب المصريين الأحرار، يقوم الشباب بالمشاركة في حل المشاكل التي يكون لها علاقة بمشكلات المساعدات الاجتماعية على المستوى المحلي، وهم يشاركون أيضًا في العديد من المشروعات المحلية مع رؤساء الأحياء والأقسام والمحافظات والوزارات وغيرها[89]. وفي حزب الدستور، يعمل الشباب على مشروعات تنموية وتووعية، فمثلاً يعمل الشباب في أمانة الدلنجيات بالبحيرة على مساعدة السيدات المعيلات، ومحو الأمية.[90] ومثال آخر هو ما قامت به أمانة الإسكندرية بإعداد قائمة تتعلق بزيادة أسعار وسائل المواصلات في الإسكندرية كي يلتزم بها السائقون ويكون المواطنون على وعي بنسبة الزيادة.[91]

 ومما سبق يتضح أن الشباب في الأحزاب ذات التنوع الجيلي كما الأحزاب الشابة تتعامل مع الانتخابات المحلية من منطلق إنها فرصة سياسية ومجتمعية لتدريب الكوادر، التلامس مع مشكلات الناس على أرض الواقع وبناء قواعد اجتماعية للحزب، وهو الأمر الذي يتضح في سعيهم الحثيث للتدريب وتنظيم المشروعات المحلية من جهة، وتركيزهم على العملية السياسية أكثر من السياسات الشارعية من جهة أخرى، لا سيما وأن اللجوء للأخيرة يعرض صاحبه، حاليًا، للقمع الأمني.

خلاصة وملاحظات ختامية:

(1) المصادرة الحالية للمجال السياسي تؤثر سلبًا على المشاركة السياسية للشباب، وعلى العكس من ذلك تزداد الأخيرة كلما مال المجال السياسي نحو الانفتاح، وهو أمر بديهي. أما الأهم، هو أن الأحزاب السياسية ما زالت، وبغض النظر عن السياق السياسي، غير قادرة على جذب قطاعات واسعة من الشباب بسبب عامليين رئيسيين: أولهما مرتبط بضعف التجربة الحزبية ذاتها في مصر، وانعكاستها التنظيمية فيما يتعلق بعدم قدرتها على دمج الشباب من ناحية، والتواصل مع الشارع الأوسع من ناحية أخرى، خاصة وأن الأحزاب السياسية الجديدة لم تأخذ فرصتها بعد، حيث لم يمر على تأسيسها أكثر من 3 أعوام. أما العامل الثاني فيتعلق بالأساس بالطبيعة الجيلية لفئة الشباب والتي تميل إلى المواقف الأكثر راديكالية عن الأجيال الأكبر، والرغبة في هامش أوسع في استقلالية الحركة والتحرك – وهي أمور لا يبدو أن الأحزاب ذات التنوع الجيلي قادرة على التعامل معها بشكل صحي قائم على الشراكة الجيلية من ناحية، وعلى إحداث نوع من التوازن بين الالتزام الحزبي وحرية التحرك من ناحية أخرى، وهو ما يفسر تفضيل قطاعات شبابية الانخراط بداخل الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية، وإن كان الإسراف في هذا التوجه يهدد بجعلهم “جيتو” منغلق على ذاته، وغير قادر على التفاعل مع المجتمع الأوسع والأكثر تنوعًا.

(2) أن نسبة تقلد الشباب المناصب في المستويات التنظيمية العليا وفي أماكن صنع القرار في الأحزاب المتنوعة جيليًا ضعيفة بما يعني وجود مشكلات حقيقية في عملية دمج الشباب بداخلها وتمكينهم الفعلي فيما يتعلق بعملية المشاركة في صنع القرار. وإذا لجئنا إلى فكرة إعطاء ميزات نسبية للشباب فيما يتعلق بتقلد المناصب العليا (أو كوتا) محددة لهم بهدف إيجاد حل لهذه الإشكالية، فنكتشف إنها سلاح ذو حدين: فضمان هذه الكوتا من ناحية وجود تمثيل معقول للشباب في الهياكل العليا للحزب لا يعني إنها تضمن بالقدر ذاته وصول من هم أكثر كفاءة أو شعبية لتقلد هذه المناصب. كما لو نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى، نجد أن ضعف تمثيل الشباب في الهياكل العليا للأحزاب ذات التنوع الجيلي ينتج عنه تشبث الشباب، بطريقة ميكانيكية، بالتواجد في الأحزاب الشبابية لأن التواجد فيها يزيد من فرصهم وقدراتهم على التأثير على توجهات الحزب وقراراته، ولكنهم يفاجئون بعد ذلك بأن هذه الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية، تفتقر، لأسباب عدة، إلى مقومات التأثير على المشهد السياسي -على الأقل في الأمد القصير- فينفض البعض عنها، في مشهد يقترب من الدوران في دائرة مفرغة.

أما فيما يتعلق بمشاركة الشباب في صناعة البرنامج السياسي للأحزاب، فالأمر مختلف حيث تشترك جميعها، وبغض النظر عن التركيبة الجيلية، في سمة واحدة: تغليب الجانب الفني التكنوقراطي في عملية كتابة البرنامج وصناعته عن الجانب الجيلي، حتى وإن أعطت بعض من الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية الفرصة للشباب للتطوير البرنامج في مرحلة لاحقة من كتابته من قبل المختصين والخبراء –وهو الأمر الذي يعني أن التوجه السياسي للأحزاب ليس محل خلاف جيلي إنما الإدارة التنظيمية لهذه الأخيرة هي موضوع الخلاف والأزمة- بما يعني أن الأزمة المتعلقة بكيفية دمج الشباب بداخل الأحزاب هي مشكلة تنظيمية بالأساس، وليست فكرية.

(3) تتوقف قدرة تأثير الشباب على صناعة القرار من عدمه على عاملين تنظميين هما: قوة أو ضعف هياكل وآليات التواصل والمشاركة الداخلية في الحزب من ناحية، ومدى تواجد الشباب في أماكن صنع القرار في الحزب من ناحية أخرى. فهناك علاقة متوازية بين قوة هياكل وميكانيزمات التواصل في الأحزاب السياسية أو تواجد الشباب في أماكن صنع القرار من جهة، ولجوء الشباب إلى الوسائل القانونية للتعبير عن الغضب أو الإعتراض (والعكس) من جهة أخرى. ولذا فإن غياب ميكانيزمات التواصل الداخلي أو ضعفها في الأحزاب ذات التنوع الجيلي هي من الأمور الرئيسية التي تتسبب في خلق النزاعات بداخل هذه الأحزاب. ورغم أن هذه الأخيرة يتعامل معها الكثيرين باعتبارها أزمات جيلية إلا إنها في الحقيقة ليست سوى نتاج لأسباب هيكلية أكثر منها جيلية، أي نتاج ضعف آليات التواصل الرأسي الفعال بداخل هذه الأحزاب.

(4) توجد علاقة تكاملية بين التركيبة الجيلية للحزب، وهامش الاستقلالية الممنوح للحركة الطلابية من ناحية، ومقدرة الأخيرة على الفاعلية والنجاح من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي برهنت عليه انتخابات الاتحادات الطلابية الماضية في فبراير 2013. فرغم إنه من الصعب التمييز بين النسبة التي حصل عليها كل حزب بشكل مستقل نظرًا لدخول عدد كبير من طلاب الأحزاب في تحالفات سياسية جمعتهم، إلا إنه لا يزال من المؤكد أن طلاب الدستور ومصر القوية قد حصلوا على أعلى نسب للنجاح بعد طلاب جماعة الإخوان والمستقلين.

(5) تولي الأحزاب ذات التنوع الجيلي أهمية للانتخابات البرلمانية فتعمل جاهدة حاليًا على صياغة وضبط التحالفات الانتخابية واختيار المرشحين، وهو ما يتناقض مع رؤي الأحزاب ذات الأغلبية الشبابية التي تتركز جهودها بالأساس على الانتخابات المحلية نظرًا لضعف فرصها في الانتخابات البرلمانية من ناحية، واعتبارهم أن الانتخابات المحلية هي في ذاتها فرصة سياسية ومجتمعية لبناء الحزب وقواعده الاجتماعية من خلال تدريب الكوادر والتلامس مع مشكلات الناس على أرض الواقع. ومن جهة أخرى، نؤكد أن الأحزاب السياسية، باختلاف تركيبتها الجيلية، تركز على موضوعين أساسيين متعلقيين من جهة، بالمشاركة في الانتخابات المحلية، ومن جهة أخرى، ببناء القواعد الاجتماعية لأحزابهم وهما: الدورات التثقيفية من ناحية، والمشروعات المحلية من ناحية أخرى.

الهوامش:

[1] تتوجه الباحثة بالشكر الجزيل للباحثة نوران سيد أحمد لكل الجهد الذي أولته من أجل إنجاح هذا البحث وتجميع المادة العلمية الخاصة به.

[2] Matthias Catón, “Political parties: necessary for democracy?” , IDEA, 3 December 2007, available on: http://is.gd/LVa98h

[3] سعاد الشرقاوي، الأحزاب السياسية. أهميتها، نشأتها، نشاطها، مركز البحوث البرلمانية، يونيه 2005، ص. 22

[4] Mladen Joksic and Marlene Spoerri, “From Resistance to Revolution and Back Again: What Egyptian Youth Can Learn From Otpor When Its Activists Leave Tahrir Square?”, Carnegie Council, 18 February 2011, available on: http://is.gd/Md2OFB

[5] Taras Kuzio, Pora ! Takes Two Different Paths, Eurasia Daily Monitor, Volume: 2 Issue: 23, 1 February 2005, available on: http://is.gd/zTvtFC

[6] لمزيد من المعلومات حول حزب بورا والنتائج التي حصل عليها، انظر: http://is.gd/J0Vc9r

[7] منح القانون لجنة شئون الأحزاب سلطة شبه مطلقة لقبول أو رفض تأسيس الأحزاب. والحقيقة هي أن تشكيل اللجنة ذاته يشير إلى إستحالة الموافقة على أحزاب من شأنها أن تضعف من سلطة الحزب الحاكم أو تنافسه. فوفقًا للقانون رقم 177 لسنة 2005 وهو المعدل لقانون 40 لسنة 1977، فإن لجنة شئون الأحزاب تتكون برئاسة رئيس مجلس الشورى، ووزير الداخلية، ووزير شئون مجلس الشعب، وثلاثة من بين الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم من غير المنتمين إلى أي حزب سياسى، وثلاثة من الشخصيات العامة غير المنتمين إلى أي حزب سياسي، وهي تركيبة تعني بديهيًا أن أن الحزب الحاكم يتحكم في عملية تأسيس الأحزاب السياسية من عدمها.

[8] تضمن المرسوم شروط تأسيس هذه الأحزاب، والتي صارت تتم عن طريق إخطار لجنة قضائية خالصة (عكس ما كان الوضع سابقًا) وتختص بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكام هذا القانون، على أن تتشكل هذه اللجنة برئاسة النائب الأول لرئيس محكمة النقض، وعضوية نائبين لرئيس مجلس الدولة، ونائبين لرئيس محكمة النقض، واثنين من رؤساء محاكم الاستئناف، ويمارس الحزب نشاطه بعد 30 يوم من الإخطار إذا لم تعترض لجنة الأحزاب على تأسيسه.

[9] والحقيقة هي أن هذه التنظيمات -التي عانت من مشكلات هيكلية عدة- لم تثن الشباب عن التظاهر أو الاحتجاج بل ظل التأرجح بين الاهتمام بالبناء الداخلي لهذه الأحزاب من جهة، وضرورة الحشد في الشارع لوقف قرارات سلطوية بعينها على غرار الإعلان الدستوري الرئاسي في نوفمبر 2012 من جهة أخرى، هي العلامة المميزة للفعل السياسي الشبابي. وإنتهي الأمر بنجاح هذه المجموعات الشبابية في تحريك الشارع، أو بالأحرى استثمار السخط الشعبي ضد سياسات النظام الإخواني وتحويله إلى إنتفاضة شعبية في 30 يونيه 2013 لحقها تدخل عسكري أزاح الرئيس مرسي من الحكم.

[10] أنظر المادة 11 من قانون الأحزاب الجديد الصادر في 28 مارس 2011.

[11]نوران سيد أحمد، “بناء الأحزاب وإشكالية الالتزام الحزبي”، منتدى البدائل العربي للدراسات، 11 يوليو 2012، ص2، http://is.gd/6pNYkb

[12]، مقابلة مع أمنية الجميل، 28 سنة، موظفة بمكتبة الإسكندرية، الإسكندرية، صيف 2014.

[13] مقابلة مع تامر بدوي، 22 سنة، خريج كلية آداب الإسكندرية، الإسكندرية، صيف 2014.

[14] مقابلة مع ماهيتاب فرحات، 22 سنة، طالبة جامعية، المنصورة، صيف 2014.

[15] مقابلة مع هديل حسن، 28 سنة، مدرسة حاسب آلي، القاهرة، صيف 2014.

[16] مقابلة مع محمود يحي، 21 سنة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، صيف 2014.

[17] مقابلة مع هاجر محمد، 25 سنة، بكالوريوس خدمة اجتماعية، أسوان، صيف 2014.

[18] مقابلة مع هديل حسن، مرجع سبق ذكره

[19] المرجع السابق

[20] مقابلة مع أمنية الجميل، مرجع سبق ذكره

[21] مقابلة مع أسماء عصام، عضو في مؤسسة البلد للتنمية، القاهرة، صيف 2014.

[22] مقابلة مع محمود يحي، مرجع سبق ذكره

[23] مقابلة مع بسنت أحمد، 21 سنة، طالبة بكلية سياسة واقتصاد، القاهرة، صيف 2014.

[24] المرجع السابق

[25] مقابلة مع ماهيتاب فرحات، مرجع سبق ذكره

[26] نعمان الزياتي، حقيقة تنمية محافظات مصر، الأهرام الاقتصادي، أغسطس 2008، http://is.gd/ZFmqZP

[27] مقابلة مع طارق تهامي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، القاهرة، خريف 2014

[28] المرجع السابق.

[29] مقابلة مع أحمد شكر، القيادي الشاب بحزب التحالف الشعبي، القاهرة، صيف 2014.

[30] مقابلة مع محمد ابو النجا، القيادي الشاب بالحزب المصري الديمقراطي، القاهرة، صيف 2014.

[31] مقابلة مع أمير يوسف، المتحدث باسم لجنة انتخابات الحزب، القاهرة، صيف 2014.

[32] مقابلة مع أحمد عيد، القيادي الشاب بحزب المصريين الأحرار، القاهرة، صيف 2014.

[33] مقابلة مع سيف الخوانكي، العضو السابق في المكتب السياسي لحزب الدستور، القاهرة، خريف 2014.

[34] مقابلة مع محمد سليمان، عضو المكتب السياسيي لحزب الدستور، القاهرة، صيف 2014.

[35] مقابلة مع محمد موسي، أمين تنظيم حزب العدل، القاهرة، صيف 2014.

[36] مقابلة مع شهير جورج، القيادي الشاب بحزب مصر الحرية، القاهرة، صيف 2014.

[37] مقابلة مع محمد الكسباني، الناشط بحزب مصر الحرية، القاهرة، صيف 2014.

[38] مقابلة مع تامر سحاب، أمين تنظيم حزب مصر الحرية، القاهرة، صيف 2014.

[39] مقابلة مع محمد الغمري، الناشط بحزب مصر القوية، القاهرة، صيف 2014.

[40] مقابلة مع أحمد عبد الحميد حسين، القيادي بحزب مصر القوية، القاهرة، صيف 2014.

[41] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، عضو لجنة تأسيس حزب التيار الشعبي، القاهرة، صيف 2014.

[42] مقابلة مع طه عبد الجواد، الناشط بحزب الوفد، القاهرة، صيف 2014.

[43] مقابلة مع أحمد شكر، مرجع سبق ذكره

[44]مقابلة مع عبد الرحمن بكري، الأمين العام لاتحاد الشباب بحزب المؤتمر، القاهرة، صيف 2014.

[45] مقابلة مع عبد الرحمن الهواري، الناشط بحزب الدستور، القاهرة، صيف 2014.

[46] مقابلة مع أحمد عبد الحميد حسين، مرجع سبق ذكره

[47] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[48] مقابلة مع بلال حبش، أمين العمل الجماهيري بحزب المصريين الأحرار، القاهرة، صيف 2014.

[49] مقابلة مع نسرين شرارة، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي، القاهرة، صيف 2014.

[50] مقابلة مع نهلة بكري، أمين المصريين بالخارج بالحزب، القاهرة، صيف 2014.

[51] مقابلة مع حمدي السطوحي، رئيس حزب العدل، القاهرة، صيف 2014.

[52] مقابلة مع شهير جورج، مرجع سبق ذكره

[53] مقابلة مع عبد الرحمن بكري، مرجع سبق ذكره

[54] مقابلة مع طه عبد الجواد، مرجع سبق ذكره

[55] مقابلة مع مينا يسري، الناشط بحزب المصريين الأحرار، القاهرة، صيف 2014.

[56] مقابلة مع ممدوح الشايب، عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، القاهرة، صيف 2014.

[57] مقابلة مع محمد الغمري، مرجع سبق ذكره

[58] مقابلة مع طه عبد الجواد، مرجع سبق ذكره

[59] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[60] مقابلة مع نسرين شرارة، مرجع سبق ذكره

[61] مقابلة مع هبة القرار، قيادية بمنظمة شدا، القاهرة، صيف 2014.

[62] مقابلة مع شهير جورج، مرجع سبق ذكره

[63] مقابلة مع أحمد نبيل، الناشط بحزب العدل، القاهرة، صيف 2014.

[64] مقابلة مع عبد الرحمن الهواري، مرجع سبق ذكره

[65] مقابلة مع عبد الرحمن بكري، مرجع سبق ذكره

[66] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[67] مقابلة مع محمد سليمان، مرجع سبق ذكره

[68] مقابلة مع هاجر، القيادية بحزب الدستور، القاهرة، صيف 2014.

[69] مقابلة مع عبد الرحمن الهواري، مرجع سبق ذكره

[70] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[71] مقابلة مع شهير جورج، مرجع سبق ذكره

[72] مقابلة مع أحمد عبد الحميد حسين، مرجع سبق ذكره

[73] وجدير بالذكر أن لجنة الشباب في الحزب مكونة من ثلاثة قطاعات، الأول هو قطاع الطلائع من سن 12 لـ18 عامًا، وهو خاص بالمشاكل التي تحدث في المدارس في التعليم الأساسي والثانوية العامة والعاملين هناك يحاولون دراسة تلك المشاكل والعمل على تقديم حلول لها، والثاني من سن 18 لـ23 عامًا أي مختص بالجامعة وهو موكل كليًا لحركة مصر القوية. وهناك تعاون وتبادل خبرات بين الحركة وبين الحزب. أما القطاع الثالث فهو قطاع الشباب ابتداءً من سن 23.

[74] مقابلة مع محمود عمر، رئيس حركة مصر القوية، ومحمد سليمان، المسئول السابق على مكتب الطلبة في حزب الدستور وعضو المكتب السياسي حاليًا بالحزب، القاهرة، صيف 2014.

[75] مقابلة مع نسرين شرارة، مرجع سبق ذكره

[76] مقابلة مع أحمد شكر، مرجع سبق ذكره

[77] مقابلة مع مينا يسري، مرجع سبق ذكره

[78] مقابلة مع خالد حواس، عضو اللجنة المركزية بحزب التجمع، القاهرة، صيف 2014.

[79] مقابلة مع محمد سليمان، مرجع سبق ذكره

[80] مقابلة مع ممدوح الشايب، مرجع سبق ذكره

[81] مقابلة مع محمد الغمري، مرجع سبق ذكره

[82] مقابلة مع أحمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[83] مقابلة مع عبد الرحمن الهواري، مرجع سبق ذكره

[84] مقابلة مع نسرين شرارة، مرجع سبق ذكره

[85] مقابلة مع احمد كامل البحيري، مرجع سبق ذكره

[86] مقابلة مع أحمد عبد الحميد حسين، مرجع سبق ذكره

[87] مقابلة مع نسرين شرارة، مرجع سبق ذكره

[88] مقابلة مع محمد الغمري، مرجع سبق ذكره

[89] مقابلة مع أحمد عيد، مرجع سبق ذكره

[90] مقابلة مع محمد سليمان، مرجع سبق ذكره

[91] مقابلة مع عبد الرحمن الهواري، مرجع سبق ذكره

Start typing and press Enter to search