يمثل الشباب المصري المكون الرئيس لثورة الخامس والعشرين من يناير، بحيث يرجع الفضل إليه في أخذ زمام المبادرة المتعلقة بالدعوة للمظاهرات التي شكلت الإرهاصات الأولى للثورة، وبعد تحقيقهم إنجاز اسقاط رأس النظام السياسي وقيامهم بحملات لإسقاط النخبة التابعة له وتحجيم نفوذها أو على الأقل عزلها شعبيا، قاموا بتنظيم أنفسهم في صور وأشكال عدة مثل الائتلافات الشبابية، ومنهم من انتظم في أحزاب سياسية على الطريقة التقليدية أو في مبادرات مدنية غير مسيسة.. ولم يكن الهدف هو الحفاظ على الحالة الثورية الشبابية فقط بقدر ما كان كل منهم يسعى لتحقيق أهداف الثورة كما يراها.
ومن ثم تهدف الورقة الى تحليل المشاركة السياسية الشبابية في مصر في مرحلة ما بعد الثورة، لبحث مدى اندماج الشباب في الحياة السياسية المصرية وذلك للوصول لأفضل وسائل إدماج الشباب في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة وذلك من خلال دراسة ظاهرة الائتلافات الشبابية والحركات الثورية والأحزاب السياسية الجديدة التي مثل الشباب المكون الرئيسي في تشكيلها منذ البداية، والتي تعتمد الشباب كمكون أساسي في أنشطتها، كما تهدف الورقة إلى إلقاء الضوء على تجارب الاندماج السياسي للشباب في المجال السياسي بعد الثورة سواء من خلال الترشح للانتخابات، أو من خلال العمل في الحملات الانتخابية للأحزاب والكتل البرلمانية المختلفة، وذلك من خلال عرض لأهم نماذج المشاركة السياسية للشباب عبر الوسائل التقليدية وغير التقليدية ومن ثم تتعرض الورقة للنقاط التالية:
يمكن القول أن الحركات الاحتجاجية الجديدة في مصر، ابتداء من اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية في مصر في عام 2000، ومرورا بحركة كفاية 2004 و6 أبريل 2008، مثلت المناخ التنظيمي التي نشأت من خلالها تلك الائتلافات، حيث نشأ شباب معظم الائتلافات الشبابية الفعالة على الساحة السياسية المصرية حاليا داخل حركة كفاية بتشكيل تجمع يضم شباب المدارس الفكرية المختلفة والمستقليين تحت مسمي “شباب من أجل التغيير” ثم جاءت حركة 6 أبريل كتعبير احتجاجي للشباب بعيدا عن النخبة السياسية المصرية وهذا ما أعطى دفعة مختلفة للحركة من حيث التنوغ في أشكال التعبيير والاحتجاج المختلفة عن تكتيك النخبة التقليدية، ومن ثم فإن الحركات الاحتجاجية الجديدة في مصر لعبت دورا فعالا في تسييس شباب الثورة وإن تم ذلك بطريق غير مباشر من خلال تدريب الشباب على القيام بالعمل الاحتجاجي المباشر كما في حملات التضامن مع ضحايا التعذيب في السجون المصرية مثلا، أو الالتحام مع مظاهرات واحتجاجات العمال فى المحلة وغيرها من أحداث احتجاجية حيث مثل ذلك مقدمات مهمة للثورة المصرية.([1])
تنوعت الخريطة الشبابية بعد ثورة 25 من يناير، بحيث حاول شباب الثورة تأطير جهودهم في عدة أشكال مؤسسية منها الائتلافات الشبابية، الأحزاب السياسية، أو الاندماج في الحركات الاحتجاجية القائمة كحركة كفاية وحركة 6 أبريل، وشباب من أجل العدالة والحرية وغيرها من الحركات والمبادرات والائتلافات، وفيما يلي إشارة لأشهر الحركات الشبابية على الساحة المصرية:
1.ائتلاف شباب الثورة: يعد ائتلاف شباب الثورة الحركة الشبابية الأكبر في تاريخ الائتلافات الشبابية بعد الثورة، بحيث ضم تركيبة متنوعة من شباب الثورة بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية الضيقة، هو ائتلاف سياسي لتمثيل “شباب الثورة”، تكون في ميدان التحرير يوم30 يناير2011، وهو أقدم الائتلافات الشبابية وأكثرهم فاعلية على الساحة السياسية المصرية، ويعتبر ائتلاف شباب الثورة أهم فاعل من الفاعلين الرئيسيين في مشهد الائتلافات الشبابية الحالي لما يتمتع به من مقومات منها ضمه لكافة الأطياف السياسية والمدارس الفكرية الأربعة الرئيسية (الشيوعية- القومية – الليبرالية – الاسلامية).
بجانب الدور السياسي الذي لعبه قبل أن يتم حله في يوليو 2012 في تحديد وضبط مسار التحول الثوري، فالخط السياسي للائتلاف ملتصق مع أهداف الثورة وتعبير دقيق عن الخطاب السياسي للقوى الثورية في مصر وينأى بنفسه عن الارتماء في أحضان أحد الأحزاب السياسية بجانب قدرته على الاستقلالية بالرغم من ضمه للعديد من ممثلي الأحزاب السياسية، فيضم بداخله شباب الأحزاب (الغد والتجمع والجبهة والكرامة والوفد) إلى جانب شباب التيارات السياسية المختلفة (الماركسية والتروتسكية والقومية والليبرالية والاسلامية) والحركات الاحتجاجية المختلفة مثل (حركة شباب من أجل العدالة والحرية و6 أبريل)، كما يعد الائتلاف الأكثر انتشارا وشرعية لدى جمهور المواطنين، نظرا لطبيعة أعضاءه وخلفياتهم السياسية التي ناضلت من أجل الحصول على الحرية في عهد النظام السابق ومواقفهم بعد نجاح الثورة وفعاليتهم داخل الميدان وفي وسائل الإعلام المختلفة، ومن ثم حشد تأييد قطاع عريض من المواطنين المؤيدين للتغيير الثوري نتيجة طرحه قضايا تمس حياة المواطنيين، فمنذ اللحظة الأولى لميلاد ذلك الائتلاف وبالنظر إلى البيان الأول له نجد تضمنه الحد الأدنى للأجور واسترداد ثروات مصر التي بيعت أو تم خصخصتها بجانب حقوق الفئات المهمشة بالمجتمع والمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين وحقوقهم الاجتماعية المختلفة، مما أعطى مصداقية للائتلاف لدى قطاع عريض من الشارع المصري([2]).
مع انضمام شباب الائتلاف للأحزاب الجديدة بعد الثورة، أصبح الائتلاف يضم ممثلين عن أحزاب مثل الحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي والوعي والتحالف الشعبي الاشتراكي ومصر الحرية، ثم تراجع دور الائتلاف وفعاليته منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 19 مارس وحتى الآن للأسباب التالية([3]):
ومن جهة أخرى يواجه اتحاد شباب الثورة أزمة بنيوية بافتقاره للرؤية السياسية، وذلك على عكس طبيعة ائتلاف شباب الثورة، فبنية الاتحاد تختلف وبشكل كبير عن صيغة وبنية ائتلاف شباب الثورة من حيث شكل القيادة التنفيذية التي يغلب عليها الطابع المهني فمن حيث التخصصات العلمية المختلفة يضم الاتحاد العديد من الشباب أصحاب المهن المختلفة وحديثي العمل بالسياسة مع وجود عدد محدود منهم من أنصار المدرسة الليبرالية.
ويظهر جليا الافتقار الى الرؤية السياسية في الوثيقة التي أعدها الاتحاد، والخاصة برؤيته للأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر خلال المرحلة الانتقالية.
وربما من أبرز هذه الائتلافات حركة سلفيو كوستا: حيث كوّن بعض الشباب معظمهم من السلفيين مجموعة خاصة على صفحات فيسبوك للتواصل الاجتماعي باسم سلفيو كوستا نسبة إلى سلسلة المقاهي العالمية “كوستا كوفي”. وكان سبب النشأة من الشباب كنتيجة لرفض القيادات السلفية المشاركة في ثورة 25 يناير في بداية الأمر وكان للشباب السلفي وجهة نظر أخرى في ضرورة المشاركة في الثورة بل والمشاركة في الحياة الحزبية والسياسية بعد رحيل مبارك، ومن جهة أخرى أراد الائتلاف عمل مراجعات فكرية على الفكر السلفي.
وعلى الرغم من اسم الحركة إلا أنها تضم بين صفوفها شباب من أطياف فكرية ودينية مختلفة، فمنهم مسيحيين واشتراكيين وعلمانيين وجهاديين، أي أن عضويتها لا تقتصر على السلفيين فقط. ووفقا للصفحة الرسمية للحركة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يشكل السلفيون حوالي 35% من عضوية الحركة، والمسيحيون حوالي 25%. والهدف الأساسي من الحركة هو إيجاد بيئة تعارف وعمل مشترك حقيقية بين هذه الأطياف والفئات المختلفة، بعيدا عن أي “سلطة تحاول أن تستمد قوتها في جو استقطابي أو فكر تآمري وهمي، أو بعبارة أخرى، تهدف الحركة إلى “تحقيق السلام المجتمعي المنشود، عن طريق التأكيد على مفهوم كرامة المواطن المصري، ومحاربة الظلم والظلام والنهوض بمتطلبات المواطن العادي توعويا وصحيا وتنمويا”.
وتسعى الحركة لتحقيق ذلك من خلال عدد متنوع من الأنشطة التي يغلب عليها الطابع الخيري أو التوعوي: من حملات التوعية الموسعة ومحو الأمية، الندوات والمؤتمرات، القوافل الطبية والخيرية بمختلف أشكالها، كما أنهم قاموا بعمل فكرة جديدة أبدى الكثيرون الموافقة عليها وهو مشروع “ورينا” وهي مسابقة بين الحملات الانتخابية مثل حملة البرادعي وحازم أبو إسماعيل، ويختارون مشكلة معينة مثل مشكلة القمامة، وتعرض كل حملة المشكلة وكيفية حلها ويطبق هذا الحل.
ومن الجدير بالذكر أن الحركة مفتوحة للتعاون مع الحركات الأخرى مثل حركة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين” في حملة “إفراج” للمطالبة بالإفراج عن المدنيين الذين تتم محاكمتهم عسكريا.
5- ائتلافات ذات أيديولوجيات محددة: لم تكن ثورة 25 يناير ثورة على نظام الحكم بالدولة فحسب بل كانت ثورة على النظام الحزبي في مصر والتنظيمات الأيديولوجية، بحيث شكل شباب الثورة ائتلافات تسعى لرفض هيمنة جيل مبارك في رئاسة الأحزاب السياسية والسعي لتشكيل ائتلافات تعبر عن التوجهات الايديولوجية كتوحيد لكل تيار ايديولوجي بهدف وضع رؤي مختلفة للمستقبل، ومن هذه الائتلافات:
أ. اتحاد الشباب الاشتراكي: هو اتحاد يضم كافة الشباب الاشتراكي الرافض لهيمنة القيادات الاشتراكية على مسار العمل التنظيمي سواء داخل الأحزاب (حزب التجمع والحزب الشيوعي) وإعادة بناء النظرية الاشتراكية لمواكبة التطور العالمي لما يسمى بعالم ما بعد الحداثة.
ب. الائتلاف الإسلامي: هو اتحاد عدد من التيارات الإسلامية المختلفة من أجل العمل الإسلامي المشترك لنبذ الفرقة وإبراز القوة وتطبيق الشريعة، ومنسق الائتلاف المهندس سيد عبد الفتاح، يهدف هذا الائتلاف إلى حفظ تاريخ الثورة من التزوير، وتسجيل مشاركة أسماء التيار الاسلامي في أحداث الثورة، وحجم هذه المشاركة ومدى فاعليتها في نجاح الثورة، والتأكيد على الارتباط الوثيق للهوية المصرية بالمشروع الحضاري الإسلامي ومواجهة الاتجاهات الفكرية والشخصيات العلمانية الاقصائية؛ التي تحاول السطو على ثورة الشعب المصري المسلم دينا وحضارة.
طور الشباب المصري والعربي وسائل كثيرة للمشاركة غير التقليدية في العقد المنصرم ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الأنماط من المشاركة السياسية غير التقليدية عبر الفضاءات الافتراضية هي بالأساس صنيعة الشباب؛ وقد تمكن هؤلاء الشباب من نقل نشاطهم وتعبئتهم من المجال الافتراضي على الإنترنت إلى خلق حركة حقيقية قوية في الشارع، تمكنت من صنع ثورة في الشارع العربي، تطيح بأنظمة، وتحاول فرض إصلاحات راديكالية على نظم أخرى؛ بداية من تونس، مرورا بمصر وليبيا، والتي امتدت إلى دول عربية أخرى كاليمن والبحرين وسوريا ولبنان والعراق وغيرها. ومما يعكس أهمية الحراك الافتراضي في نقل الحركة أو الوعي على الأرض هو الخوف الشديد الذي أبدته الأنظمة العربية منها، وقيام معظم الدول بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات لفترة ليست بالقصيرة عن شعوبها[4].
ومن هذه الوسائل غير التقليدية للمشاركة والتعبير عن الرأي بعد الثورة رسوم الحائط والمعروفة بفن الجرافيتي والتي ملأت حوائط شوارع الميادين الكبرى في مصر لتعبر عن توجهات جيل الشباب تجاها قضايا الثورة، سواء المرتبط منها بقضايا الفساد أو قتل المتظاهرين أو مصادرة حرية الرأى والتعبير، وكذلك فإن الشباب المصري قام بتطوير الأنماط التقليدية للاحتجاج من خلال الاحتجاجات الاليكترونية وحملات جمع التوقيعات من أجل أهداف معينة والفرق الموسيقية الشبابية التى تعبر عن تجمعات شبابية من اتجاهات معينة وكذلك تطوير الكاريكاتير السياسي وأيضا البرامج الساخرة والتي أصبحت تجذب الكثير من المشاهدين والمتابعين لصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
كانت مشاركة ائتلافات شباب الثورة في الانتخابات البرلمانية ضعيفة للغاية علي مستوي الترشح في الانتخابات وكانت النتيجة تعبير عن ضعف حالة المشاركة من جهة وضعف قدرة الائتلافات علي جذب قواعد شعبية في عملية التصويت لصالحهم.
يتضح من الشكلين التاليين أن نسبة الشباب الذي يبلغ من العمر أقل من 35 عاما هي 2% فقط من إجمالي عدد النواب داخل البرلمان كما أن نسبة تمثيل الائتلافات الشبابية داخل مجلس الشعب تبلغ 0.8% فقط من إجمالي مقاعد البرلمان، ومن ثم يمكن القول أن ائتلافات شباب الثورة لم تتمتع بعد بالقدرة على التواصل مع المجتمع بشكل كاف حتى تتمكن من حشد وتعبئة المواطن تجاهها أثناء العملية الانتخابية، لذلك فإن قدرة هؤلاء الشباب على التغلغل داخل المجال العام تظل رهن عدة عوامل منها: مدى قدرتهم التنظيمية ومدى إلتزامهم بالقيم المدنية داخل المجال المدني كالمواطنة والتسامح وقبول الآخر وقدرتهم على التواصل مع القوى والتيارات السياسية الأخرى، إضافة إلى قدرتهم على التواصل مع قطاعات واسعة من المجتمع وترجمة مطالبهم في صورة برنامج سياسي واضح ومفهوم وقابل للتطبيق، وقادر على مخاطبة هذه القطاعات وإقناعها بجديته في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، وأيضا بمدى تقبل المجتمع المصري الذي يغلب عليه الطابع الشبابي ــ فمتوسط العمر فى مصر 24.4 سنه([5])، ونسبة الشباب من 15 إلى 40 سنة إلى المجتمع المصري أكثر من 30 بالمئة ([6]) ــ وهو مؤشر قوي على حيوية وشبابية التركيبة السكانية للمجتمع المصري، لفكرة انتخاب الشباب وأن الخبرة وحدها قد لا تكفي لإدارة البلاد دون قوة شبابية وحيوية تسير العمل اليومي للدولة.
نسبة الشباب الاقل من 35 سنة والاكثر من 35 سنة بمجلس الشعب
نسبة شباب ائتلافات الثورة إلى القوى السياسية التقليدية.
خبرة مشاركة الشباب في الانتخابات البرلمانية 2011 عكست إشكالية كبرى تتعلق بخبرة المرشحين والماكينة الانتخابية الخاصة بكل مرشح، فضلا عن حملات طرق أبواب والمضمون والرسالة والإعلام التي اعتمدت على التواصل المباشر من خلال المسجد والكنيسة، والخوف من المد الثوري والشبابي، وثقافة المجتمع لم تسمح لهم بالفرصة، لذا يقترح بعض المتخصصين مشاركة هؤلاء الشباب في الانتخابات المحلية، بسبب رسوخ فكرة الأقدمية في العمل السياسي في مصر، وعدم الثقة في الكوادر الشبابية بشكل معين.
كما أن تقسيم الدوائر الانتخابية قد لعب دورا مؤثرا في عدم نجاح الشباب في المعركة الانتخابية، فكانت شاسعة جغرافيا، ففي الدلتا والصعيد سادت ثقافة العائلة والقبيلة، أما بالنسبة للحضر، فأصبح يتحكم فيه الحملات الممولة والمال الانتخابي، ومن ثم أصبح تقسيما هزليا للدوائر الانتخابية، وسيادة الاستقطاب المدني الاسلامي، كما عجزت معظم القوى الثورية عن التواصل مع مطالب الشارع أو اكتساب شعبية فيه.
ومن ثم يقترح البعض استحداث فكرة القيام ببعض الاجراءات التصحيحية فيما يتعلق بتحقيق تمثيل ايجابي للطبقات الأكثر تهميشا كالشباب والمرأة، فهي مجرد تدابير وقائية، فضلا عن أن أداء الاحزاب السياسية ضعيف جدا، لهشاشة تنظيماتها وسيولة المجال السياسي بعد الثورة، وفيما يتعلق بتنظيم الحملة من الداخل فقد واجه الشباب عدة صعوبات متعلقة بتأخر قرار النزول، وتوقف الحملات الانتخابية لتحالف الثورة مستمرة مثلا، ولبعض المرشحين الشباب أثناء أحداث محمد محمود، ففي فترة لا تتجاوز 10 أيام قامت الحملة بكل الأنشطة المتعلقة بالدعاية الانتخابية، وهي فترة قصيرة للغاية لا تكفي لبناء ثقة بين المرشحين الشباب وبين الناخبين.
في دراسة هي الأحدث لتحليل أنماط التصويت لدي المصريين بدءا من استفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية وصولا إلى استفتاء ديسمبر 2012 حول الدستور الجديد مرورا بكافة الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية بجولاتها المختلفة، لوحظ أن المحافظات التي تنخفض فيها نسبة الشباب ما بين 15-45 عاما عن 50% وهي 11 محافظة هي بالترتيب: سوهاج، المنيا، أسيوط، بني سويف، شمال سيناء، قنا، الفيوم، مرسى مطروح، الوادي الجديد، السويس، الدقهلية نسبة المشاركة السياسية فيها أقل من تلك التي تتجاوز فيها نسبة الشباب إلى المجتمع الـ50% وهي 16 بالترتيب محافظات الإسماعيلية، الشرقية، المنوفية، دمياط، بورسعيد، الغربية، القاهرة، كفر الشيخ، أسوان، الأقصر، القليوبية، الإسكندرية، الجيزة، البحيرة، البحر الأحمر، جنوب سيناء، حيث وصلت نسبة المشاركة فى الفئة الأولى 30% فقط بينما فى الفئة الثانية 33.6%، وهو ما يوضح أن المحافظات التي بها نسبة شباب أكبر هي أكثر مشاركة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الأرقام المسجلة في هذه الفئة بالنسبة للفئة الأخرى حيث تبلغ حوالي 68% من إجمالي المسجلين، وإن ظلت نسبة الـ33.6% نسبة تعد ضئيلة لما يتوقع من مشاركة شبابية بعد ثورة صنعها ودفع الثمن الأكبر فيها الشباب المصري. وهو ما يعكس حالة التهميش التي يعيشها هذا الشباب بعد ثورته، ويشير إلى ضرورة عمل القوى السياسية على إدماج مزيد من الشباب في العملية السياسية ليس فقط من حيث المشاركة وإنما كذلك من حيث دورهم في هذه العملية([7]).
أما عن تجربة مشاركة الشباب في الحملات الانتخابية، فقد مثل الشباب بما لهم من قدرة على مواصلة العمل فى الحملات الانتخابية تطوعيا لفترات طويلة وقود الحملات الانتخابية لمعظم المرشحين من كافة الفئات العمرية، ونجح هؤلاء الشباب في إيصال العديد من رموز المعارضة إلى النجاح وكسب مقاعد برلمانية أمام أعتى القوى المنظمة تنظيما جيدا ويتضح ذلك من خلال متابعة حملات بعض المرشحين أمثال الدكتور عمرو الشوبكي والدكتور عمرو حمزاوي والدكتور مصطفى النجار في الانتخابات البرلمانية، وكذلك مثل الشباب المحور الأساسي لحملات مرشحي الإخوان المسلمين والسلفيين أيضا وحتى رئاسة الجمهورية كان القائمين على حملات مرشحي الرئاسة في معظمهم من الشباب.
وفي مداخلة لأحد الشباب المشاركين في حملة الدكتور عمرو الشوبكي[8] مثلا لوحظت قدرة الشباب على تغطية دائرة كبيرة تضم مناطق مختلفة في تركيبتها السكانية فقد اختلفت ما بين المناطق الشعبية المهمشة، وبين مناطق الطبقة الوسطى، والوسطى العليا، فعلى مستوى الاستراتيجية السياسية لم يكن هناك اختلافا كبيرا ما بين المناطق المختلفة المكونة للدائرة الواحدة، حيث اتضح أن شباب الحملة لم يستخدموا المال في المناطق المهمشة استغلالا لفقر سكانها مثلا، وانما تواصلوا معهم من خلال المقاهي، وعبر المؤتمرات الجماهيرية، ورؤوس العائلات هناك بشكل أكبر من المناطق الأخرى في الدائرة كالدقي والعجوزة.
كما تنوعت أدوات الاتصال ما بين الاتصال المباشر من جانب المرشح وأعضاء الحملة مع الناخبين من خلال المقاهي العامة وجلسات الحوار، ولكن المرشح واجه صعوبات شديدة فيما يتعلق بالتواصل مع الناخبين بسبب عدم وجود الماكينة الحزبية التي كانت من المفترض أن توفر أعباء عملية الدعاية الانتخابية للمرشح المنتمي لحزب سياسي معين، وبالتالي لم تختلف أدوات الاتصال كثيرا لأن المناطق الممثلة للدائرة الانتخابية بالنسبة للمرشح جميعها تمثل حضر بالنسبة لتقسيم الحضر والريف، ولكنها تراوحت ما بين مناطق شعبية فقيرة ومهمشة الى مناطق الطبقة الوسطى والوسطى العليا فيما يتعلق بسياسة الحملة الانتخابية. وكان للشباب دور أساسي في طرح مبادرات جديدة وعملية نقد ذاتي ساهمت كثيرا في فك المركزية وإتاحة الفرصة للأفكار الجدية وكذلك تطوير العمل داخل الحملة.
[1]() دينا شحاتة (محرر)، عودة السياسية : الحركات الاحتجاجية الجديدة في مصر، (القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،2010).
[2]() مقابلة مع الناشط السياسي أحمد كامل البحيري، عضو ائتلاف شباب الثورة.
[3]() أحمد كامل البحيري، ائتلاف شباب الثورة.. الأزمة البنيوية وحتمية الحل،
http://acpss.ahramdigital.org.eg/News.aspx?Serial=97#.UDUydB1uKTk.facebook.
[4]() حبيبة محسن، “المشاركة السياسية غير التقليدية لجيل الشباب في مصر: بين الالتفاف على النظام القمعي ومواجهته؟”، في أحمد الساري وآخرون،”جيل الشباب فى الوطن العربي ووسائل المشاركة غير التقليدية، من المجال الافتراضي إلى الثورة”، إشراف محمد العجاتي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013
[5]() انظر تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2011
[6]() انظر تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء “مصر في أرقام 2012، السكان”، على موقع الجهاز، على الرابط التالي: www.capmas.gov.eg HYPERLINK “http://www.capmas.gov.eg”
() محمد العجاتي “كيف صوت المصريون في المرحلة الانتقالية من الثورة إلى الدستور”، القاهرة روافد للنشر والتوزيع، 2013
[8]() رابحة سيف علام، الانتخابات البرلمانية في مصر.. رؤى وتحديات، منتدى البدائل العربي للدراسات، ورشة عمل الانتخابات البرلمانية.