أزمة احتكار المعلومات في مصر
هبة خليل
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [1.34 MB]

مقدمة:

أضحى الحق في المعرفة والحصول على المعلومات وتداولها من أهم الحقوق التي يطالب بها المواطنون من كافة أنحاء العالم دولهم وحكوماتهم، وذلك لما تلعبه المعلومات والاحصاءات الرسمية من دور محوري في تمكين المواطنين، ليس فقط سياسيا ولكن أيضا تمكينهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. فلقد أثبتت كافة الخبرات الدولية، والمحلية، أن للحصول على المعلومات وإتاحتها دورا هاما في تعزيز الديمقراطية التشاركية، وتمكين المواطن من المطالبة بحقوقه، كما تلعب الشفافية الناتجة عن حرية تداول المعلومات دورا أساسيا في تعزيز المراقبة والمحاسبة، وبذلك أصبح الحق في المعرفة والمعلومات من أهم أسلحة محاربة الفساد.

ولذلك، فإن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) تؤكد في كافة أبوابها على أهمية تعزيز الشفافية وما تسميه “إبلاغ الناس”، أي توفير المعلومات بلغة بسيطة وإتاحتها بوسائل سريعة وسهلة، وذلك لما تلعبه الشفافية من دورهام في كشف ومحاربة الفساد ومحاسبة المسؤلين عنه. فالاتفاقية تربط بين تعزيز الشفافية وإنتاج وإتاحة المعلومات وبين تمكين المجتمع من المشاركة في محاربة الفساد ومراقبة الحكومات والقطاعين العام والخاص للمحافظة على الحقوق المواطنين وموارد البلد من الإهدار والسرقة نتيجة الفساد([1]).

تعاني مصر من أزمات متعددة متعلقة بإنتاج، نشر وإتاحة المعلومات. فقوانين وسياسات مصر العامة (المتخبطة أحيانا) تشير الى أن الأصل في المعلومات الاحتكار وعدم الاتاحة. وبذلك احتكرت الدولة في العقود السابقة ما يزيد على 80% من المحتوى المعلوماتي في مصر([2])، كما اعتادت المؤسسات المختلفة في الدولة التعامل مع المعلومات والبيانات كملك للدولة وأسرار لا يحتاج المواطن لمعرفتها. ولذلك، يتوجب علينا التطرق لأزمات الإنتاج والإتاحة على السواء، كما يتعين علينا النظر في آليات عمل الأجهزة المعلوماتية في مصر ومدى استقلاليتها، ووصول المواطن لها. وأخيرا يتوجب علينا أن نتطرق لأهم القوانين التي تساعد على خلق والإبقاء على بيئة تناهض حرية تداول المعلومات والحق في المعرفة.

محاور إستراتيجية للتعامل مع قضية حرية تداول المعلومات في مصر

السياسة العامة لإنتاج المعلومات في مصر:

إنتاج المعلومات والإحصاءات الرسمية من أهم مميزات الدول المتقدمة التي تدعم النمو وتتعامل مع مشكلاتها بطرق علمية. فكيف تتمكن دولة كمصر من حل مشكلاتها في السكن دون أن يقف الجميع، من نواب البرلمان، والتنفيذيون في الحكومة، إلى المجتمع المدني والمواطنين، على معلومات محددة وإحصاءات موحدة وصحيحة توضح معالم مشكلة السكن أو أزمة المناطق العشوائية أو غيرها من المشاكل المنتشرة في مصر؟ فلو لم نتفق على الداء، لما اتفقنا على الدواء. وبذلك تضحى المعلومات والإحصاءات الرسمية الصحيحة المتاحة للجميع على حد السواء من أهم سبل التنمية وحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وهكذا، فاحتكار الدولة للمعلومات وعدم اكتراثها بإنتاج معلومات وإحصاءات هامة وشاملة هو في الحقيقة ضد مصلحة الدولة والمجتمع بأسره.

من ناحية أخرى، يجب أن تكون الأجهزة المعلوماتية في مصر مستقلة، وأن تقف على مسافة واحدة بين المجتمع والسلطة الحاكمة. فالمعلومات المنتجة ليست منتجة بأمر الحكومة، ولا هي للاسترشاد بها في سياسات الدولة وخططها فحسب، وإنما هي معلومات عن المجتمع وللمجتمع أيضا. فحتى اليوم، تتعامل الأجهزة المعلوماتية في مصر على أساس أن المجتمع هو فأر التجارب الذي لا دور له، إلا أن تجرى التجارب عليه وتدون معلومات عنه. ينبغي أن يصبح المجتمع بأسره شريك أساسي في المعلومات، فهي في النهاية معلومات تخص حياته وأزماته ووطنه، كما أن المواطن هو الأحق بمعرفة مشاكله والدفاع عن قضاياه.

[3]

صورة مأخوذة من تقرير أزمة إنتاج وإتاحة وتداول المعلومات في مصر، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 2012

وهنا، ينبغي علينا التطرق لما نسميه بالأجهزة المعلوماتية في مصر، وهي المنتجة للمعلومات. أهم أجهزة المعلومات الرسمية في مصر هو الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (قرار رقم (743) لسنة 1963)، يشاركه الأهمية بحد أقل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار (قرار رقم (1) لسنة 1992)، ثم الأجهزة المعلوماتية اللامركزية والتابعة للوزارات (قرار رقم (627) لسنة 1981). إذا تطرقنا لمدى استقلالية المراكز المعلوماتية السابق ذكرها، لا تضح ببساطة افتقادها التام للاستقلالية: فمراكز المعلومات التابعة للوزارات خلقت خصيصا لتجمع معلومات خاصة وهامة لوزارة بعينها، ولتفيد هذه الوزارة في تنفيذ سياساتها من خلال المعلومات المتوافرة.

ويبقى أن نذكر أن أجهزة المعلومات في مصر تظل متضاربة في سلطاتها وبياناتها، فالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قانونا هو الوحيد المخول بإعداد الإحصاءات والبيانات، ومع ذلك فإن المراكز الأخرى أصبحت تشاركه هذه المهمة، بل وأن انعدام التنسيق بين هذه الأجهزة أدى الى عدم تكامل ولارتباك عملها، بل وتخبط بياناتها وإحصاءاتها، مما أدى الى انخفاض جودة الإحصاءات.

وأخيرا، فإن استقلالية أجهزة المعلومات تحمل في طياتها معاني كثيرة، متعلقة ليس بإنتاج المعلومات فقط، ولكن بإتاحة المعلومات ونشرها وتوزيعها أيضا وهو ما سنتطلع عليه في فقرة التوصيات.

القوانين والتشريعات والحق في المعلومة:

تشريعات تناهض حرية تداول المعلومات.. من أهم العقبات التي تواجه اتاحة المعلومات في مصر هي التشريعات التي تناهض حرية المعلومات، وهي عديدة.

نبدأ من الدستور المصري السابق (دستور 1971)، الذي لم يتضمن بتعديلاته العديدة حرية المعلومات فى أي مواده، باستثناء المادة 210  والخاصة بحرية الصحفيين فى الحصول على الأنباء والمعلومات، وحتى في هذا المادة ترك الأمر للقانون العادي ليحده ويتحكم في مدى إتاحة المعلومات. تعد الحماية الدستورية لحرية المعلومات من أهم الضمانات التشريعية، حيث تختلف القوانين ولكن الدستور يبقى بمواد أعلى درجة من القوانين العادية.

من ناحية أخرى، تصطدم حرية تداول المعلومات في مصر بعشرات التشريعات التي تتضمن ما يبيح حجب المعلومات بل وتجريم تداولها واتاحتها. نصت المادة 4 معدلة بالقانون رقم 28 لسنة 1982 بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أخل بسرية البيانات الإحصائية أو أفشى بيانا من البيانات الفردية أو سرا من أسرار الصناعة أو التجارة أوغير ذلك من أساليب العمل التي يكون قد اطلع عليها بمناسبة عمله في الإحصاء أو التعداد.

والقانون رقم 12 لسنة 1999 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شان التعبئة العامة نص هذا القانون فى مادته رقم 35 على أنه يعاقب على إفشاء البيانات والمعلومات الخاصة بالتعبئة بالحبس وبغرامة لا تقل عن ألفين وخمسمائة جنيه ولا تزيد على خمسة ألاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهنا نتذكر أن الدولة قد ربطت بين مهام التعبة ومهام الإحصاء في مركزها المعلوماتي الرسمي (والحصري لعشرات السنين).

أما قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 فتنص مادة 77 منه على انه يحظر على العامل: ان يفضى بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طرق النشر إلا إذا كان مصرحا له بذلك كتابة من الرئيس المختص، وغيرهم من القوانين والقرارات، كقرار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء رقم 22 لسنة 1968 الذي نص على الحظر المفروض على أية وزارة أو هيئة أو جهة أو فرد في نشر البيانات أو المعلومات الإحصائية، ثم أضاف بعد ذلك سريان الحظر على ما ينشر في الإعلام والصحف والمجلات على اختلاف أنواع المعلومات من بيانات ونتائج استفتاء وإحصاءات وغيرها. قوانين كالسابق ذكرها وغيرها يجب أن تراجع كليا في ضوء أي سياسة جديدة للإتاحة ولحرية تداول المعلومات.

وأخيرا فمشروع قانون حرية تداول المعلومات والذي تقدمت به منظمات المجتمع المدني وخبراء وأكاديميين وإعلاميين ([4])  هو محاولة جادة لتقنين اتاحة المعلومات وحق المواطن في الوصول للمعلومات، مع تقديم الاستثناءات بشكل كافٍ ومحدود في الوقت ذاته، كما يقنن دور القضاء في البت في نزاعات المعلومات، فالمادة (6 مكرر) محتواها كالآتي: يجوز الطعن أمام القضاء الاداري على جميع قرارات حظر النشر التي تصدر وفقا لقانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجنائية.

كما تقرر المادة 7 من القانون ذاته وجوب النشر الروتيني للعديد من المعلومات، والتي يحددها القانون باستفاضة، من قبل الأجهزة الحكومية. ولعل للبرلمان المنتظر دورا هاما في مناقشة هذا القانون المقترح والموافقة عليه، من أجل بناء دولة قانون تحترم تشريعات الحق في تداول المعلومات وإتاحتها، وتجرم حجب المعلومات واحتكارها من قبل الحكومة.

توصيات حول السياسة العامة لإتاحة المعلومات في مصر: استراتيجيات للتعامل مع القضية:

إيمانا بأهمية المعلومات، والدور المحوري الذي تلعبه في التنمية، وخلق مناخ ديمقراطي تشاركي وتمكين المواطن من آليات تساعده في الدفاع عن حقوقه ووطنه، أضحى اتخاذ الشفافية وإتاحة المعلومات كاملة من أهم معالم السياسة العامة التي يجب أن تتبعها الدولة عند تعديل تشريعاتها، وتنظيم انتاج، وإتاحة، وتداول المعلومات. فالأصل في المعلومات الإتاحة، والاستثناء هو الحجب بشروط مفصَلة وواضحة، ويكون الاحتكام للقضاء -في حالة وجوب حجب المعلومات- هو الفاصل بين المواطن واعتبارات الأمن القومي وخصوصية الأفراد وغيرها من أسباب حجب المعلومات.

يتطلب ذلك خلق ثقافة تعترف بالإتاحة وتتعامل مع المجتمع كشريك، لا كفأر تجارب. وهكذا يتعين على الدولة أن توفر التدريب للموظفين الحكوميين، وخاصة من لهم علاقة بالمنظومة المعلوماتية في مصر، وذلك لتوعية المسؤولين بأهمية إتاحة المعلومات وبحق المواطنين في معرفة المعلومات التي سيطرت عليها الدولة فيما قبل. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الدولة السعي لنشر المعلومات من خلال كافة الوسائل، وفي المكتبات والمجالس المحلية، كما ينبغي القيام بحملات لتنبيه المواطنين أن لهم الحق في الشراكة في وطنهم، وأن حقهم في المعلومات هو حق أساسي للدفاع عن حقوقهم الأخرى.

أخيرا، فإن القدرات المؤسسية لجمع وتقديم المعلومات بطرق متطورة وصحيحة يتطلب تنظيم التدريبات والورشات من أجل بناء القدرات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات.

  1. نشر كافة البيانات وتفاصيلها: عندما توفر الدولة المعلومات، من المهم أن نسأل اي المعلومات حق للمواطن؟

حتى يومنا هذا، توفر مراكز المعلومات المختلفة السابق ذكرها الحد الأدنى من المعلومات الإحصائية، والتي تتسم في كل الأحوال بأنها بيانات إجمالية وليست تفصيلية. لذا، يجب أن يكون الكشف عن المعلومات وإتاحتها شامل، أي أن تتوفر المعلومات في صيغها الإجمالية المبسطة، ولكن أن تتوفر قواعد البيانات المتكاملة وتفاصيل الإحصاءات الكاملة أيضا، وهو ما لن تتحقق الشفافية من دونه. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تنشر كل المؤسسات التي تملكها الدولة، أو التي تشارك فيها الدولة القطاع الخاص، وكافة الجهات الحكومية والإدارية للدولة كافة المعلومات الخاصة بالعمل والقوانين واللوائح والأوضاع المالية للجهة وأوجه الإنفاق بها ومصادر دخلها.

  1. نشر المعلومات: لو اتجهت السياسة العامة للدولة للإتاحة إيمانا بأهمية المعلومات في مختلف المجالات، يتوجب أن تعمل الدولة على تشجيع المواطن على الوصول لتلك المعلومات، وطلبها واستغلالها. من أجل ذلك، يجب أن تتوفر المعلومات المنشورة فى صيغ مبسطة يسهل فهمها للجميع، مع إتاحة البيانات الأصلية والمفصلة في نفس الوقت.

من ناحية أخرى، التوزيع الجغرافي للمعلومات يلعب دورا محوريا لمعرفة السكان بها وفي إمكانية وصولهم لها. لذا، فالمعلومات، مع وجودها على المواقع الالكترونية، يجب أن تتوافر في المحافظات والمجالس المحلية أيضا، لتقترب قدر الإمكان من كافة المواطنين أينما كانوا.

وهنا يلعب النشر التلقائي للمعلومات دورا هاما. والنشر التلقائي يعني أن يتم نشر المعلومات فور إنتاجها من قبل جهاز المعلومات المستقل، وذلك دون أن يطلبها المواطنون. والنشر التلقائي يتخذ طرق مختلفة بغرض إتاحة المعلومات لقاعدة أكبر من المواطنين، كإتاحتها من خلال وسائل الإعلام والمكتبات العامة وعلى المواقع الالكترونية للمؤسسات والجهات والوزارات المعنية، بالإضافة لإتاحتها في مراكز المعلومات التابعة للدولة وفي المجالس المحلية.

وهنا نتطرق لمشكلة مركزية المعلومات في مصر، وصعوبة النفاذ للمعلومات من قبل سكان الأقاليم المختلفة خاصة من خارج العاصمة، ولضمان التغلب على أزمة مركزية المعلومات، يتثنى على المجالس المحلية وكافة محافظات الجمهورية أن يتضمنوا مكاتب للمعلومات، يتمكن المواطنون في أي مكان من التوجه إليها لطلب المعلومات والحصول عليها من هناك. من الجدير بالذكر أن الوزارات أصبحت حديثا تتضمن مراكز خاصة للمعلومات، وهو ما تطرقنا إليه فيما سبق، لذا فالمطلوب أن تتضمن المحافظات والمجالس المحلية مراكز صغيرة و مشابهة من أجل الوصول لكافة المواطنين في جميع أنحاء الجمهورية.

  1. نشر المعلومات دوريا: يعد توقيت النشر من أهم ما يحول دون وصول المواطنين للمعلومات، حيث تتاح المعلومات عادة للمواطنين بعد سنوات من فترة سريان المعلومة، فحاليا نعاني من فجوة زمنية تصل لسنوات، وهي الفجوة ما بين الفترة التي تغطيها المعلومة وفترة إتاحتها للجمهور، فنجد أن بيانات عام 2006 مثلا لا تظهر إلا في 2008 وهكذا. فما الفائدة الكبيرة من معلومات قديمة وغير سارية؟ وكيف سيتمكن المواطن من الاستفادة من المعلومات إذا لم يحصل عليها إلا بعد أن انتهت أهميتها.
  2. ضغط تكاليف الحصول على المعلومات: من الأمور المثيرة للدهشة أن المعلومات في مصر لها أسعار، وأسعار باهظة لبعض المعلومات. فالأزمة تكمن في أن تتصفح الموقع الالكتروني للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، المركز المعلوماتي الأول في مصر، فيطلب منك إدخال اسم مرور وكلمة سر للوصول لمعلومات أكثر تفصيلا. فأين الإتاحة؟ وحتى لو قمت بالاشتراك ودفع التكاليف السنوية، ستصل لعدد محدود فقط من الإحصاءات، ولو أردت المزيد، ستقوم بسداد آلاف الجنيهات من أجل الحصول على بيانات أكثر، ولشراء الإصدارات الإحصائية للمركز. لذا، فمجانية المعلومات يجب أن تظل المبدأ الرئيسي في إتاحة المعلومات، حتى يتسنى لجميع أفراد الشعب الحصول عليها وتتكافأ فرصهم في الوصول لحقهم في المعلومات.

وفقا لهذا المبدأ، يجب ان لا تقف التكلفة حائلا دون حصول الأفراد على المعلومات، وبالتالي يجب أن يكون الأصل هنا هو الحق في الحصول على المعلومة بالمجان.. وبالرغم من ذلك، يمكن أن تكون لبعض المعلومات تكلفة، ينبغي أن تظل محدودة، وذلك إن تكلف إنتاج أو تحضير معلومات خاصة لم تكن متوفرة، ولكن التكلفة تظل الاستثناء ويجب أن تكون محدودة لا تتجاوز مبلغ محدد من المال.

  1. تجريم حجب المعلومات: لو تعاملنا مع المعلومات والإحصاءات الرسمية كأداة ينتجها مركز مستقل سياسيا وتقنيا ويوفرها للجميع، للمجتمع كاملا، والوزارات والبرلمان وغيرها من المؤسسات، لوجب تدخل جهة مستقلة لحل النزاعات حول المعلومات. البداية يجب أن تكون في تجريم حجب المعلومات عن المواطنين، ومعاقبة كل من يرفض تقديم المعلومات لمن يطلبها، سواء من المواطنين أو المؤسسات أو الأجهزة الحكومية.

ومن ثم، يتعين تحضير الإجراءات القانونية التي تمكن الأفراد من الحصول على المعلومة واللجوء الى القضاء (أو هيئة قضائية متخصصة في نزاعات المعلومات) عند الحاجة، وذلك شريطة أن يتم كل هذا في غضون فترات زمنية قصيرة لها حد أقصى منصوص عليه فى القانون كما يجب أن تتمتع هذه الإجراءات بالبساطة والتكلفة المجانية أو المحدودة جدا.

وأخيرا، يتبقى دور الجهة القضائية المستقلة في حماية المواطنين، ليس فقط من يبلغ عن حجب للمعلومات، ولكن أيضا من يبلغ من خطأ في المعلومات أو أي تلاعب من داخل مراكز إنتاج المعلومات.

  1. محدودية الاستثناء في الإتاحة: بالرغم من أن الأساس في المعلومات هو إتاحتها ونشرها، إلا أن هناك من المعلومات ما يحتمل بل ما قد يتوجب حجبه، وأذكر من الأسباب “الأمن القومي” و”خصوصية الآخرين” وحقوقهم وسمعتهم.

ولكن عند التعامل مع هذه الاستثناءات، يجب أن نؤكد على أنها ما هي إلا استثناءات ليس إلا، ومن هنا، من الضروري أن يكون النص على هذه الأمور صراحة وعلى وجه التحديد والقطع وليس على سبيل المثال. وهكذا فالاستثناءات الواردة في القانون يجب أن تتسم بالحصر وليس المثال، وبسرد الحالات بوضوح التي يسمح فيها بحجب المعلومات.

ــــــــــــــــــــــ

تعتمد هذه الورقة في توصياتها على تحليل لسياسات وقوانين إنتاج وإتاحة المعلومات في مصر، كما تستوحي بعضها من زيارة ميدانية ودراسة لسياسات الدنمارك وألمانيا في الشفافية وتداول المعلومات.

[1](( اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) دخلت حيز التنفيذ في 14 ديسمبر 2005

HYPERLINK “http://www.unodc.org/unodc/en/treaties/CAC/” http://www.unodc.org/unodc/en/treaties/CAC/

()أزمة إنتاج وإتاحة وتداول المعلومات في مصر، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 2012، صفحة 4

 HYPERLINK “http://eipr.org/sites/default/files/pressreleases/pdf/ngos_draft_law_freedom_of_information_march2012.pdf”

[4]()  مشروع قانون حرية تبادل المعلومات:

http://eipr.org/sites/default/files/pressreleases/pdf/ngos_draft_law_freedom_of_information_march2012.pdf HYPERLINK “http://eipr.org/sites/default/files/pressreleases/pdf/ngos_draft_law_freedom_of_information_march2012.pdf”

Start typing and press Enter to search