أحمد الدروبي هو مدير الحملات الدولية بشبكة العمل المناخي، وعمل سابقا كمدير حملات في منظمة جرينبيس للشرق
الأوسط وشمال أفريقيا، يهتم بقضية المناخ وقضايا العدالة المناخية.
- تأثير التغيرات المناخية في المنطقة العربية:
في منطقة الخليج العربي، يتسارع ارتفاع درجات الحرارة بنسبة تفوق ضعف المتوسط العالمي، ويشهد الجنوب العراق وموريتانيا والسودان أعلى نسب للتصحر في المنطقة العربية. ويتسبب التصحر في تدهور الظروف المعيشية للسكان، ويشير التحليل إلى أنه ليس فقط نتيجة للتغيرات المناخية، ولكن أيضًا ناتجًا عن عوامل أخرى، مثل التشييد العشوائي الذي يفتقر إلى العزل الحراري. يؤدي أيضا ارتفاع درجات الحرارة إلى الاعتماد المتزايد على وسائل التبريد التي تستهلك الطاقة، مما يسهم في زيادة انبعاثات الكربون وتفاقم التغير المناخي.
- تأثير التغيرات المناخية على الهجرة والصحة:
يسهم التغير المناخي، وخاصة التصحر، في زيادة حالات الهجرة الداخلية حيث ينتقل السكان إلى مناطق أقل تأثرًا بتلك التغيرات. ويعيش المهاجرون في أماكن غير مؤهلة تمثل تحديًا إضافيًا للسكان وتعرضهم لتأثيرات صحية سلبية بسبب سوء الظروف المعيشية وارتفاع درجات الحرارة.يتعرض الجميع في المناطق المتأثرة لتأثيرات الحرارة المفرطة على الصحة العامة، مثل انخفاض جودة التنفس وتأثير الحرارة على الجهاز العصبي والدورة الدموية.
على الناحية الأخرى، يواجه القطاع الزراعي تحديات مدمرة نتيجة لتغيرات البيئة، مما يهدد الأمان الغذائي بشكل خطير. يمكن تلخيص هذه التحديات على النحو التالي:
- زيادة نسبة الملوحة في المناطق الزراعية الساحلية: تشير صور الأقمار الصناعية إلى تغيرات جذرية في أكبر منطقة زراعية في ساحل الشرق الأوسط، دلتا مصر، حيث تحولت إلى مزارع سمكية بسبب زيادة نسبة الملوحة، مما يجعلها غير صالحة للزراعة العادية.
- تأثير المزارع السمكية على البيئة: يُظهر الانتقال إلى المزارع السمكية تأثيرًا بيئيًا كبيرًا، حيث يتم اصطياد السمك من المحيطات وتجفيفه لاستخدامه كعلف للسمك في المزارع، مما يزيد العبء الاقتصادي ويؤدي إلى مشكلات لوجستية في عمليات النقل.
- تغير المواسم الزراعية وتأثيرها على الإنتاجية: تأخر المواسم الزراعية يؤدي إلى تأثير كبير على الإنتاجية، مع تأثر زراعة الزيتون في الشرق الأوسط وزراعة المانجو بارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى تدهور جودة المحصول وانخفاض الإنتاج.
- قلة قدرة التوقعات للتغيرات المناخية: يعزى تحدي التنبؤ بالتغيرات المناخية إلى تعقيد الظواهر الجوية وعدم اليقين في النماذج الجوية، مما يجعل تحديد الآثار المتوقعة أمرًا صعبًا.
- انتشار حشرات في أماكن جديدة: تطور قدرة الحشرات على التكيف مع التغيرات المناخية يؤدي إلى انتشارها في مناطق لم تكن مألوفة لها من قبل، مما يسبب تحديات جديدة لمكافحتها ويتسبب في تلوث بيئي بسبب استخدام المبيدات الحشرية.
- نقص المياه: تعتمد مصر على سبيل المثال، بنسبة عالية على مياه نهر النيل، والتوقعات بتقليل هذه المياه في المستقبل يشكل تحديًا كبيرًا لقطاع الزراعة والأمان الغذائي.
- زيادة حرائق الغابات: تعتبر الغابات رئة الكوكب، ومع زيادة درجات الحرارة، تزيد حرائق الغابات مما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يزيد من التغير المناخي.
- التحديات الهامة لتحقيق الأهداف البيئية: لتحقيق هدف الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050، يتعين على المجتمع الدولي تحقيق تخفيض كبير في الانبعاثات بنسبة 43% قبل 2030.
من الهام كذلك الحديث حول تفاقم المشكلة البيئية نتيجة للأزمة الديمقراطية، ويمكن تلخيص تأثيرات هذه التفاقم في النقاط التالية:
- الثورة الصناعية والاعتماد على الوقود الأحفوري: الدول الديمقراطية الحالية، التي كانت في الماضي دولًا استعمارية، ساهمت بشكل رئيسي في تفاقم مشكلة التغير المناخي نتيجة للثورة الصناعية واعتمادها على الوقود الأحفوري.
- مطالب الدول النامية بالصناعة والرفاهية: بينما تطالب الدول النامية الآن بحقوقها في التطور الصناعي والرفاهية، وعلى الرغم من كونها الأكثر ضعفًا في مواجهة تغير المناخ، إلا أنها تعاني أكثر. وتتسم محاولات الحصول على تعويضات بتعثر نظرًا لرفض الدول المتقدمة بسبب اتهامها للنظم الديكتاتورية وقلة الضمانات لتوجيه تلك الأموال بشكل فعّال.
- نمط اقتصادي استخراجي وديون الدول النامية: النظم الاستعمارية الحديثة تعيق الوصول إلى العدالة البيئية والعدالة الاقتصادية، حيث يتم فرض نمط اقتصادي استخراجي على الدول النامية، وتجد نفسها مضطرة لبيع ثرواتها بقيمة أولية ثم إعادة شرائها بقيمة أعلى، مما يزيد من ثراء المجتمعات الغربية ويفقر الدول النامية.
- تشابهات في المجتمعات العربية: تظهر تشابهات في مجتمعات العرب في ظواهر وأسباب التغيرات المناخية وآثارها، مما يعكس الأثر السلبي للنظام الرأسمالي على المنطقة وتأثيره على الثقافات القبلية وقلق الشباب والأطفال.
- الصدام المتوقع والمطالبة بالعدالة: الصدام المستقبلي بين الفئات المهمشة والنظم الحاكمة قد يكون الجانب الإيجابي الوحيد، حيث يمكن لهذه المجتمعات المهمشة المطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية نتيجة لتداعيات الأزمات البيئية.
- تعارض مع حقوق الإنسان: التأثيرات البيئية تتعارض مع حقوق الإنسان، حيث تؤثر في الحق في الحياة والسكن والصحة والتعليم، وتعزز اضطهاد النساء الذين يعتبرون الفئة الأكثر ضعفًا في المجتمع.
- دور الناشطين البيئيين والصعوبات التي تواجههم: يعتمد تصنيف الناشطين البيئيين على تعريف المصطلح بشموله لجميع المشاركين في الحراك البيئي، وتظهر الصعوبات التي يواجهونها في التصدي للمشكلات البيئية، مثل رفضهم مشروعات تنمية ضخمة وتهديد السكان الأصليين، من حيث تعرضهم لمخاطر الاعتقال أو التضييق.
- فرص لتحقيق العدالة المناخية: هناك فرص حقيقية لتحقيق العدالة المناخية، وتكمن في وقف إنتاج الوقود الأحفوري بشكل سريع وعادل، مع مراعاة القدرة على الإنتاج والمسؤولية التاريخية كأساس لتحقيق توازن في تخفيض الإنتاج بين الدول.
- ضرورة التفكير النقدي في التنمية: يجب أن يتم التفكير النقدي في مفهوم التنمية، حيث لا تقتصر التنمية على زيادة قدرة الفرد على الاستهلاك والازدهار، بل يجب أن تأخذ في اعتبارها حدود الكوكب وتحقيق التوازن بين التنمية وحماية البيئة.