العدوان الإسرائيلي المستمر “ليس صراعًا مع حماس فقط ولا غزة فقط”
منتدى البدائل العربي للدراسات
فلسطين

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [1.17 MB]

هذه الورقة أُعدت بشكل جماعي من جانب فريق عمل منتدى البدائل العربي للدراسات.

وتم تقديم ملاحظات عليها من جانب أعضاء المجلس الاستشاري للمؤسسة.

ترجمة إلى الإنجليزية: د. سونيا فريد

شكر خاص للفنانة سالي سمير لقبولها استخدام لوحاتها في هذا الإصدار.

مقدمة: جولة جديدة من الصراع 4

أولًا: صراع المفاهيم وحرب المصطلحات 8

ثانيًا: تفكيك الخطاب الإسرائيلي للحرب على الإرهاب 12

ثالثًا: طوفان الأقصى، في معاني أن تعود فلسطين البوصلة والقضية 16

رابعا: الفعل ورد الفعل في التضامن الغربي مع فلسطين 19

خاتمة: المؤسسات الدولية ما بين الدور والإمكانات 23

مقدمة: جولة جديدة من الصراع

شهد الصراع العربي الإسرائيلي تصعيدًا جديدًا بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية في غزة، بعد حملات مداهمة وقتل واعتقال في الضفة على مدار ستة شهور دون توقف، وبعد قصفٍ لغزة كل عامين على الأكثر واحتلال استيطاني لأكثر من سبعين عامًا، لم ينتهِ هذا الاحتلال مثلما يدَّعي البعض باتفاق أوسلو، فكل ما فعلته أوسلو هو أنها أمَّنت للدولة الصهيونية احتلال ديلوكسكما أسماه كتاب صهاينة حينها1، بحيث تقمع السلطةُ الفلسطينيةُ الشعبَ الفلسطينيَّ، في الوقت الذي تحاصره إسرائيل وتتدخل في أراضيه عند الحاجة، وعند عدم الاحتياج تتفرغ للسيطرة على الأرض وبناء المستوطنات.2 جاءت عمليات طوفان الأقصىفي 7 من أكتوبر/تشرين الأول، لتمثل مرحلة جديدة في هذا الصراع، والتي شملت هجومًا بريًّا وبحريًّا وجويًّا وتسللًا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وتعد هذه العملية هي أكبر العمليات على قوات الاحتلال منذ عقود. جاءت هذه العملية ردًّا على الاعتداءات من قوات الاحتلال في المسجد الأقصى.3 انقسمت هذه العملية إلى عملية برية بعبور السياج الفاصل بين غزة والمستوطنات الإسرائيلية، وأيضًا عملية جوية بقصف مدن إسرائيلية بالصواريخ، وإنزال جوي على المستوطنات باستخدام مظلات الصقر التابعة لكتائب القسام، وأخيرًا عمليات بحرية عبر وحدات الضفادع البشرية. وأسفرت العملية خلال ساعاتها الأولى عن مقتل مئات الإسرائيليين بين جنود ومستوطنين، حيث أبلغ جيش الاحتلال عن أسر 222 شخصًا واعتبارهم في عداد المفقودين، في حين أعلنت المقاومة الفلسطينية في بيان لها يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول عن أن عدد الأسرى يتراوح بين 200 و250 أسيرًا وقد يزيدون على ذلك، قُتِل منهم نحو 50 في قصف إسرائيلي، وغير مؤكد عدد الأجانب.4 ويقدر عدد القتلى من الجانب الإسرائيلي بنحو 1538 منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وفق ما أعلنه جيش الاحتلال في 30 من أكتوبر/تشرين الأول 2023.5 كما يقدر عدد الجرحى بنحو 5431 وعدد النازحين بنحو250 ألفًا حتى نفس التاريخ.6 وأدت هذه العملية إلى إغلاق المطارات المحلية في وسط وجنوب إسرائيل أمام الاستخدام التجاري، وألغيت عشرات الرحلات الجوية إلى تل أبيب في مطار بن غوريون.7

ردت إسرائيل على عملية طوفان الأقصى بعملية السيوف الحديديةوتوعدت قطاع غزة بحرب طويلة وصعبة، وخلال هذه الحرب التي شنتها إسرائيل على كافة الأراضي الفلسطينية (القطاع والضفة الغربية) بل وتخطتها إلى جنوب لبنان والعاصمة السورية دمشق. ارتكبت إسرائيل عديدًا من الجرائم، منها: “التهجير القسريوقصف أهداف مدنيةونبذ مبادئ التمييز بين العسكريين والمدنيين، وعدم تناسبية حجم الرد العسكري في ظل التميز العسكري لإسرائيل، كل ما سبق يجعل إسرائيل متهمة بارتكاب جرائم حرب ساعدت الوسائل التكنولوجية ووسائل الإعلام في الكشف عنها. كما حاولت عديد من المنظمات الإقليمية والدولية توثيق ما يحدث في فلسطين/ ومنها تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 20 من أكتوبر/تشرين الأول، ويغطي الفترة من 7 إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول،8 والذي يوثق انتهاك إسرائيل القانون الدولي الإنساني في هجماتها على القطاع، من حيث عدم اتخاذ الحيطة وتوخي الاحتياطات لدرء الخطر عن المدنيين من خلال هجماتها العسكرية، حيث إن الهجمات العسكرية لم تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية، فوجهت بعض الهجمات تجاه مدنيين.9 وتتمثل انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي قامت بها القوات الإسرائيلية في:

عدم توخي الاحتياطات الممكنة لدرء الخطر عن المدنيين أو من خلال شن هجمات عشوائية أخفقت في التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية.

تنفيذ هجمات موجهة مباشرة ضد الأعيان المدنية، حيث استخدمت القوات الإسرائيلية الحرب من أجل استهداف عائلات بأكملها، فعلى سبيل المثال في 7 من أكتوبر/تشرين الأول شنت القوات الإسرائيلية غارة جوية على مبنى سكني مكون من ثلاثة طوابق في حي الزيتون بمدينة غزة، حيث كانت تقيم ثلاثة أجيال من عائلة الدوس وقُتل في الهجوم 15 من أفراد الأسرة، منهم سبعة أطفال.10

استهداف منشآت يجرِّم القانون الدولي استهدافها في الحرب، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية مباني مدنية يُجرِّم القانون الدولي استهدافها، وهي دور العبادة والمستشفيات والمدارس ووثقت بعض التقارير استهداف الطواقم الطبية والمدنية على الرغم من التزامهم بارتداء الشارة الطبية المتفق عليها.

استهداف فئات بعينها يجرم القانون الدولي الإنساني استهدافهم؛ تعمل القوات الإسرائيلية على استهداف النساء والأطفال وكبار السن، ويجرِّم القانون الدولي الإنساني استهدافهم بموجب اتفاقيات جنيف الأربع. تشير بعض الإحصائيات إلى أن في كل 10 إلى 15 دقيقة يستشهد طفل فلسطيني،11 ويقدر عدد الشهداء حتى صباح 29 من أكتوبر بنحو 8005 بينهم 3342 طفلًا، و2062 سيدة، و460 مسنًّا، وفق ما أعلن عنه المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية.12

في تطور مختلف، يراه البعض تاريخيًّا، تقدم مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بنيويورك كريج ماكيبر، باستقالته احتجاجًا على تعاطي هيئات أممية مع الوضع في قطاع غزة. وما كان مختلفًا هذه المرة ليس طلب الاستقالة وإنما نص الطلب الذي قدمه، الذي أشار فيه دون مواربة إلى أن ما يحدث حاليًّا في قطاع غزة بفلسطين هو إبادة جماعية كلاسيكية، كما يقول الكتاب13. ربما جاء نص الاستقالة، من أحد العاملين في كبرى مؤسسات حقوق الإنسان في العالم، في هذا التوقيت ليدحض بشكل كبير السردية التي تتبناها إسرائيل، وتتبناها من ورائها القوى والدول الداعمة لها بأن ما تقوم به حاليًّا من جرائم يدخل في إطار ما يسمونه الدفاع عن النفس“.

وأكثر الجرائم المرتكبة حتى الآن هي العقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث تقوم إسرائيل بعقوبات جماعية ضد الشعب الفلسطيني، التي تصل إلى محاولات إبادة الشعب الفلسطيني، وتعد العقوبة الجماعية جريمة حرب بناء على ميثاق روما والمادة 33 من اتفاقية جنيف الدولية، التي تتمثل في منع الوقود والمياه والغذاء والإمدادات الإنسانية عن قطاع غزة، ما يشدد العقاب على قطاع غزة، وجدير بالذكر أن قطاع غزة يتعرض منذ 2007 إلى حصار يرقى إلى العقوبة الجماعية.14 وفي قطاع غزة تم توثيق حالات اعتقال وقتل جماعي للفلسطينيين، ما أدى إلى إعلان المفوضية السامية لحقوق الإنسان في 28 من أكتوبر/تشرين الأول عن تخوفاتها من وجود جرائم حرب من الجانب الإسرائيلي، فيما يخص حربه على غزة التي استمرت حتى الآن (21 يومًا) تتخللها عمليات تهجير قسري وعقاب جماعي واحتجاز رهائن واستهداف المدنيين. حيث حذرت السلطات الإسرائيلية عن طريق المنشورات المواطنين في قطاع غزة لمغادرة شمال قطاع غزة، وأن كل من يبقى يختار أن يكون متواطئًا مع حماس، وهو ما يعد إجبارًا للمواطنين على ترك منازلهم.15 وفي الـ27 من أكتوبر قامت إسرائيل بقطع كافة الاتصالات مع القطاع ليصبح أكثر من مليوني شخص خارج نطاق التغطية، وفي بيان لها قالت ديبورا برون المسؤولة في هيومن رايتس ووتش إن انقطاع المعلومات هذا قد يكون بمثابة غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان“.16

هذا العنف ليس وليد اللحظة الحالية بل هو ممتد منذ بدء المشروع الصهيوني، فمع الهجرة الأولى لليهود إلى فلسطين عام 1882 في أعقاب الحملات المعادية لليهود في أوروبا الشرقية والمذابح الروسية، تزايدت موجات الهجرة في النصف الأول من القرن العشرين مع بعض المتغيرات الدولية والإقليمية، منها: وعد بلفور والانتداب البريطاني على فلسطين والكتاب الأبيض، ومع الربع الثاني من القرن العشرين زادت الهجمات الصهيونية على المدن الفلسطينية، مع إنشاء جماعات شبه عسكرية في أول ظهور للميلشيات في منطقتنا، كانت مهمتها الأولى إبادة أصحاب الأرض أو تهجيرهم.17

أولًا: صراع المفاهيم وحرب المصطلحات

إن الحرب الدائرة حاليًّا في فلسطين وليس غزة وحدهامثلما هي صراع مسلح على المستوى العسكري، هي كذلك حرب مفاهيم ومصطلحات على المستوى الإعلامي والأكاديمي18، فالترويج لسرديات محددة تنتهك المصطلحات، وتطويعها لصالح الفكرة ولا تضبطها كما يجب أن تفعل، تستخدم عندما تخدم السردية المبتغاة وتختفي حين لا تكون. أحيانًا توضع في غير موضعها، وغير ذلك من وسائل التحايل لتتحول المصطلحات من وسيلة معرفة إلى أداة للدعاية ومن مصدر للوعي إلى سلاح للتضليل.

وقد تعجز هذه المقالة القصيرة عن رصد ومناقشة عشرات المصطلحات المستخدمة في ظل عملية الإبادة الجارية في فلسطين، تبريرًا لها أو من قبلها لإعطاء شرعية لمشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، ولذا سنكتفي هنا بثلاث أمثلة لمصطلحات رئيسية وما يتولد عنها من مصطلحات فرعية تمثل المستويات الثلاثة للصراع الدائر، مستوى الحقوق ومستوى القيم وطبيعة القضية، وذلك لتوضيح كيف تحدث عملية الانتهاك المشار إليها. وأهمية ذلك تنبع مما طرحه المفكر سلامة كيلة حول أهمية19 البدء بإعادة التأسيس لتغيير ميزان القوى، وإذا كانت مسألة إعادة بناء الحركة الفلسطينية المقاومة، بتحديد شعاراتها وتشكيل قيادتها وتشكيل رؤيتها من أجل تطوير المقاومة ركنًا أساسيًّا لهذه الفكرة، فيقع في القلب من هذه العملية مسألة المفاهيم الضابطة والراسمة لهذه الرؤية والمشكِّلة لشعاراتها والملهمة لجيل جديد من قيادتها ورصد وكشف المصطلحات التي تستخدم ضدها.

أولى المصطلحات وأبرزها هو مصطلح الدفاع عن النفسوحق إسرائيل في ذلك ردًّا على عمليات 7 أكتوبر التي يصفونها بـ الإرهابية (هناك جزء مخصص في الورقة لموضوع الحرب على الإرهاب)، وكأن الصراع قد بدأ في السابع من أكتوبر، وكأن لم يسبقه سنوات من الاحتلال والاستيطان والقمع والقتل لسكان غزة والضفة كما أوضحت المقدمة. إذن فالفعل هو الاحتلال بكافة ممارساته و7 أكتوبر هو رد الفعل، وأية مقاومة هي بالضرورة عمليات محدودة تكبد المحتل خسائر تستنزفه على المدى البعيد، وهو بالضرورة تستتبع من المحتل عمليات واسعة يسقط فيها من الضحايا والشهداء أكثر مما تكبد هو من خسائر، ولكن على المدى التراكمي يكون الأثر فيه أكبر سياسيًّا، وقدرة قوى الاحتلال على احتمال الخسائر أقل، حتى لو كانت تلك الخسائر محدودة.

ويختفي لتبرير مصطلح الدفاع عن النفسجوهر عمليات 7 أكتوبر وهو اختراق المقاومة ـ3 منشآت عسكرية على الأقل على الحدود، هي معبر إيريز الحدودي، وقاعدة زيكيم، ومقر فرقة غزة في رعيم.20 ويتم التركيز في دخول المستوطنات، وكأنه الفعل الوحيد في هذه العمليات، وذلك ليُبنى المصطلح على أساس أن المقاومة قامت بعمليات ضد مدنيينوهنا يظهر المصطلح الثاني في هذا السياق، وهو المدنيونوهل يعتبر سكان المستوطنات المسلحون مدنيين أم هم أداة من أدوات الاحتلال، التي يجوز التعامل معها من خلال العمليات، وإذا كانت المستوطنات كيانات طبيعية والمستوطنون مدنيين فلماذا كل دعوات المقاطعة لها حول العالم؟قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلهايشكِّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية، بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية21. وأمام هذا النص من الصعب الأخذ بتفسيرات مبسترة للقانون الدولي تستند إليها بعض النظم الغربية والمؤسسات الأممية في هذا المجال لتوصيف المستوطنين الإسرائيليين كمدنيين.

هذا تضليل واضح واستخدام غير منضبط للمصطلحات لتبرير عمليات الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال، بادعاء أن المدنيين في غزة هم مجرد دروع بشرية لحماس، وهنا يجدر السؤال: هل القانون الدولي يبيح قتل المدنيين في حالة اتخاذهم كدروع بشرية22، وهل بعد 15 عامًا لم تدرك حماس أن هذا التكتيك إن صحت مقولتهمغير ناجع مع كل التطوير في أدائهم الذي نشهده والذي لم يغيروا منه، وهل يمكن اعتبار سكان مدن بالكامل دروع بشريةفإن صح جدلًا هذا كله، فلماذا لا يعتبر كذلك سكان المستوطنات من النساء والأطفال دروعًا بشرية يزرعها المحتل في المقدمة وخطوط التماس، ويحق للمقاومة التعامل معهم بنفس الكيفية التي يتم التعامل بها مع أهل غزة؟ استخدام المفاهيم بشكل انتقائي خاصة في الغرب، يظهر تعاطفًا جليًّا للاستعمار القديم مع الاستعمار الراهن وحنينًا إلى ممارساتهم الكولونيالية القديمة.

ننتقل إلى أسطورة أخرى في هذا المجال والتي ما زالت تستخدم بكثافة لنقل محور الصراع من مستوى الحقوق إلى مستوى القيم، وهو الادعاء أن إسرائيل تمثل قيم الديمقراطية في منطقتنا، وفي هذا الإطار من المفيد أن نميز بين المثل الأعلى الديمقراطيبما يعني المساواة بين الأفراد في القانون وأمام القانون وأن تكون فرصهم في الحياة متساوية، وألا يكون التمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو الجنس، وهو في صميمه إيمان بالإنسانية المشتركة. ومن جانب آخر الإجراءات الديمقراطية ومن بينها حق التصويت، والاقتراع السري، والفصل بين السلطات، وسيادة القانون، وحرية التعبيرإلخ. والمثل الأعلى الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الإجراءات الديمقراطية. ولكن توجد حالات كثيرة تنفصل فيها الإجراءات الديمقراطية عن المثل الأعلى الديمقراطي“.23

ويمكن أن نقول إن الركن الأساسي للديمقراطية هو المواطنة المتساوية. وفي ظل دولة يهودية، فهناك كما يقول عزمي بشارة: عدم إمكانية لتأسيس الدولة على فكرة المواطنة، كونها قامت على التطابق بين الهوية الدينية، وبالتالي كانت المواطنة مشتقّة من الانتماء إلى الجماعة الدينية، وليست هي أساس الدولة .وإسرائيل لم تنجح يومًا في فصل القومية عن الدين، حتى لدى العلمانيين، بداية من آباء الصهيونية الأوائل، وهو ما منعها من التحوّل إلى دولة مواطنة. فإسرائيل حدّدت قانون المواطنة منذ اليوم بأنه يقوم على مبدأ مواطنة اليهودالذي يشمل يهود الداخل والخارج، بحيث يكون لهم حقّ جوهري منذ ولادتهم في أن يصبحوا مواطنين بمجرد السفر إلى إسرائيل، وذلك بسبب دينهم24. فهل يجوز توصيف مثل هذا الكيان بالديمقراطية وإذا كانت منطقتنا تسودها أفكار رجعية معادية في رأي الغرب لقيم الديمقراطية، فهل خطاب اليمين الديني المتشدد منسجم مع هذه القيم، وهو خطاب له جمهور واسع في إسرائيل وفقًا لكافة الدراسات التي أجريت على الرأي العام هناك، وهو أمر طبيعي لدولة تدعي قيامها على أساس نصوص دينية25. ويستمر الفصل في إسرائيل ما بين القيم والإجراءات من مستوى طبيعة الدولة (الديني) إلى المستوى الدستوري (الدستور الغائب) إلى المستوى التشريعي (مثل قوانين الصندوق القومي اليهودي) وصولًا إلى الممارسة (ما يجري مع عرب الداخل) ويؤكد وصف د. المسيري لها بأنها ديمقراطية عنصرية، وهو تعبير بالطبع ساخر ينفي عنها سمة الديمقراطية ولا يصفها بها.26

أما عن طبيعة الصراع في وسائل الإعلام الغربية، فقد تم تسمية الإبادة الجارية بأنها أزمة إسرائيل وغزة، فبعد سنوات من تغيير المصطلح من الصراع العربي الإسرائيلي إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يتم تقزيمه الآن من جديد واختصاره في غزة، وكأن عمليات إسرائيل في الضفة وجنوب لبنان بل وسوريا، ليست من ضمن هذا الصراع وكأن الدور المصري في الغرب ليس جزءًا مما يحدث. للأسف تقزيمالرؤية إلى الصراع بهذا الشكل لا يقود فقط إلى تضييق الخناق على المقاومة ويقود إلى انتصار المشروع الصهيوني الإمبريالي فقط، بل يفتح الأفق لتحقيق الهيمنة على المنطقة العربية ككل، كما يفصل سلامة كيلة، في كتابه المسألة الفلسطينية“.27 وهو ما يمكن أن نرى انعكاساته في فشل قمة السلام الدولية في القاهرة والتي لم تتمكن من الخروج بأية مبادرة أو بيان مشترك، على عكس ما كان يحدث في القمم العربية سابقًا في مثل هذه الظروف، والتي كنا نسخر من مخرجاتها وعدم فعاليتها، إلا أنها على الأقل كانت تخرج ببيان أو رؤية تحمل ثقل 22 دولة، يتم استخدامها في التفاوض مع الآخر، سواء الإسرائيلي أو الغربي، وهو ما ظهر في قدرة الكتلة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمرير قرار لوقف إطلاق النار في 27 أكتوبر. وهذا التضييق للقضية يقود من جانب آخر، أو دعونا نقول يستخدم في حصر القضية في البعد الديني، فيختفي اسم المستشفى المعمداني الأهليويتم وصفها في كل وسائل الإعلام بالمستشفى الأهلي، ويتم التكتم على الاعتداءات على الكنائس، ويتم التعامل بعنف مبالغ مع مظاهرات اليهود المعادين لإسرائيل في الغرب. ويتم اختزال موقف المقاومة من دولة إسرائيل وكأنه موقف من اليهود، بينما الموقف الحقيقي هو تجاه دولة ومجتمع إيديولوجي يتميز بالعنصرية ونظام سياسي يطابق الأبارتهايد، وممارسات صهيونية تشبه المحرقة النازية28. وفي المقابل يغذي هذا الحركات الإسلامية الراديكالية، بل والإرهابية التي تقوم بعمليات على أساس ديني وعنصري في مناطق مختلفة من العالم لا علاقة لها بالمقاومة. مما يدعم مقولات إسرائيل والغرب الزائفة عن أنها حرب على الإرهاب وهو ما سنتطرق إليه في النقطة القادمة.

ثانيًا: تفكيك الخطاب الإسرائيلي للحرب على الإرهاب

سعت إسرائيل منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى صياغة خطابها تجاه العالم استنادًا إلى مفردات الحرب على الإرهاب. وطبقًا لهذا الخطاب، فإن إسرائيل تعرضت لهجوم إرهابي مثلما تعرضت الولايات المتحدة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وحركة حماس هي القاعدة وتطورها الطبيعي داعش، ومن ثم يكون على إسرائيل حشد كل قوتها من أجل تدمير حركة حماس كما فعلت الولايات المتحدة مع تنظيم القاعدة بعد 2001، والمجتمع الدولي مع داعش عقب إعلان الأخيرة دولتها الإسلامية في 201429. وقد لاقى هذا الخطاب دعمًا من عدد من القوى الدولية كما هو الحال مع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا. بل إن الرئيس الفرنسي قد دعا خلال زيارته إلى إسرائيل إلى توسيع نطاق التحالف الدولي الحالي الذي يحارب تنظيم داعش في العراق وسوريا، ليشمل أيضًا القتال ضد حركة حماس في غزة30.

إلا أن هذا الخطاب الإسرائيلي يروِّج لعدة مغالطات مقصودة، تتبناها إسرائيل لكي تبرر سياساتها تجاه الفلسطينيين. أول تلك الأخطاء، هي أن حركة حماس ليست هي داعش، بل إن غزة شهدت صراعًا عنيفًا بين الجانبين لسنوات. ظهرت السلفية الجهادية في فلسطين متأخرة عن باقي المنطقة العربية. فبدأ ظهورها مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، واكتسبت مزيدًا من الشعبية في غزة بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.31 وقد استغلت السلفية الجهادية الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة في 2005، والصراع بين فتح وحماس على السلطة الذي تلاه، لزيادة نفوذها داخل الأراضي الفلسطينية. وفي عام 2005، تم إنشاء عدة مجموعات مرتبطة بالسلفية الجهادية، أبرزها خلال تلك المرحلة جند أنصار الله، وجيش الإسلام“. كان لهذه الجماعات السلفية الجهادية هدفان رئيسيان خلال هذه الفترة، أولا: مهاجمة إسرائيل، وثانيًا: أسلمة المجتمع الفلسطيني. ورغم أن هذين الهدفين قد يبدوان متشابهين مع خطاب حماس، فإنهما في الواقع يختلفان بشكل عميق. فبينما تنظر حماس إلى نفسها باعتبارها حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينيَّة إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني32، ترفض الجماعات السلفية الجهادية هذا النهج الوطني، وبدلًا من ذلك ترى نفسها جزءًا من حركة جهاد عالمية ضد أعداء الإسلام. وتشمل هذه الفئة من أعداء الإسلامإسرائيل بالفعل، وهي أيضًا تشمل الفلسطينيين الذين لا يتبعون نهج تلك الحركات، كما هو الحال مع الشيوعيين والقوميين، وفي مرحلة لاحقة شملت حماس نفسها، عندما بدأت حماس العمل على الحد من نفوذ الجماعات السلفية الجهادية في غزة. أما فيما يتعلق بأسلمة المجتمع الفلسطيني، ففي حين تتبنى حماس نهجًا تدريجيًّا، نادرًا ما يشمل العنف، يرى السلفيون الجهاديون أن مهمتهم تتمثل في القضاء على جميع السلوكيات غير الإسلاميةمن خلال اتباع جميع الوسائل بما في ذلك استخدام العنف33.

وزاد التوتر بين حماس والسلفية الجهادية عندما أعلن تنظيم جند أنصار الله، تأسيس إمارته الإسلامية في رفح في أغسطس/آب 2009، كخطوة أولى لإقامة الدولة الإسلامية في كل غزة، خلال خطبة الجمعة في مسجد ابن تيمية بمدينة رفح. وردت حماس بمحاصرة المسجد والاشتباك مع من بداخله. وأسفرت المواجهة المسلحة عن مقتل 22 شخصًا، من بينهم ستة من أعضاء حماس.34 ومع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، عاد التوتر مرة أخرى بين السلفية الجهادية وحماس. وفي إبريل/نيسان 2015، اعتقلت حماس عددًا من أنصار تنظيم الدولة الإسلاميةفي غزة. وتصاعد التوتر بين داعش وحماس بعد أن قام تنظيم الدولة الإسلامية بقتل كوادر من حماس في مخيم اليرموك للاجئين في سوريا. ونشر تنظيم داعش مقطع فيديو في يونيو/حزيران 2015 هدد فيه بإسقاط حركة حماس في قطاع غزة. وقد أدت هذه المرحلة الجديدة من السلفية الجهادية في غزة إلى موجة جديدة من الهجمات التي استهدفت قوات حماس. ففي أغسطس 2017، فجر انتحاري نفسه في قطاع غزة بالقرب من الحدود مع مصر، ما أسفر عن مقتل عنصر أمني تابع لحماس وإصابة عدد آخرين. وفي عام 2019، نفذ جهاديون في غزة هجمات انتحارية على نقطتي تفتيش تابعتين لشرطة حماس بالقرب من مدينة غزة، قُتل فيها ثلاثة من ضباط شرطة حماس35.

أما ثاني الأخطاء التي يتعمد الخطاب الإسرائيلي إغفالها فهو أن مقاومة إسرائيل لا تقتصر فقط على الحركات ذات البعد الديني، كما هو الحال مع حركتي حماس والجهاد، بل هي تضم أيضًا حركات قومية ويسارية عدة. حركات المقاومة المسلحة الفلسطينية تضم طيفًا واسعًا من الحركات، فهي تضم تنظيمات إسلامية كما هو الحال مع كتائب القسام التابعة لحركة حماس، والتي تأسست عام 1987، وكذلك سرايا القدس، والتي تعد ثاني أكبر قوة عسكرية في قطاع غزة، وتأسست هي الأخرى عام 1987 كجناح عسكري لحركة الجهاد الإسلامي. إلا أن المقاومة المسلحة تضم أيضًا حركات قومية ويسارية كما هو حال كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وكتائب جهاد جبريل الجناح العسكري للجبهة الشعبية للقيادة العامة، وكتائب أبو علي مصطفى، ويطلق عليها أيضًا: قوات المقاومة الشعبية وهي الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي تأسست عام 2000 حيث كان اسمها قوات المقاومة الشعبيةوتم تغيير الاسم إلى كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام للجبهة في رام الله عام 2001. وكذلك كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهي مجموعات عسكرية فلسطينية، تشكلت عام 2000 وتنشط في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.

وإذا كانت المقاومة الإسلامية المسلحة هي التي تتصدر المشهد خلال السنوات الأخيرة، فإن تاريخ المقاومة الفلسطينية متنوع. فقد تصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مشهد المقاومة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من خلال سلسلة من العمليات التي تخطت فلسطين والعالم العربي لتصل الى أوروبا، كما هو الحال مع العملية التي نفذتها ليلى خالد في أغسطس/ آب 1969، عندما قامت بخطف طائرة ركاب تابعة لشركة تي دبليو إيه الأمريكية وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، إلا أن العملية باءت بالفشل بعد هبوط الطائرة في لندن حيث تم إلقاء القبض على ليلى خالد. وفي سبتمبر 1970، أعادت الجبهة الشعبية الكرة عندما قام عناصرها بخطف طائرة شركة طيران العال الإسرائيلية. وتسعى إسرائيل دومًا في خطابها إلى إغفال هذا التنوع في أطياف المقاومة الفلسطينية لكي يتوافق خطابها مع خطاب الحرب على الإرهاب ضد التنظيمات الإسلامية المتشددة الذي يتبناه الغرب، وتغفل متعمدة أن الفرق الأساسي بين الإرهاب والمقاومة يأتي من السياق الحاكم، الذي يجب أن يكون اعتبارًا أساسيًّا عند تفسير قواعد القانون الدولي، التي يختلف كثير من الفقهاء في تفسيرها. ولا يعنى هذا الأمر في كل الأحوال القبول بانتهاكات حقوق الإنسان التي قد تقوم به بعض حركات التحرر الوطني، يسارية كانت أو إسلامية، ولكن فهمها يجب أن يأتي في سياق الاحتلال ومقاومته، وهي النقطة التالية.

وأخيرًا فإن هذا الخطاب الإسرائيلي يسقِط السبب الرئيسي للعنف في فلسطين وهو الاحتلال الإسرائيلي. يحقق هذا الخطاب لإسرائيل مصلحة أساسية، هي عدم التطرق إلى قضية الاحتلال، ذات الأهمية الأساسية لفهم دائرة العنف الحالية، وبنفس المعنى فهو لا يتحدث عن تاريخ الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني منذ 1948 وما قبلها وحتى اليوم. فهذا الخطاب يبدأ من يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول مُسقِطًا تاريخ الصراع وكذلك السياق الذي جاء في إطاره هذا الهجوم من حماس. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، نفسه إلى هذا الأمر في خطابه يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، حيث أشار إلى أن من المهم أن ندرك أيضًا أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ؛ لقد تعرض الشعب الفلسطيني على مدى 56 عامًا لاحتلال خانق. لقد رأوا أراضيهم وهي تلتهمها المستوطنات بشكل مطرد وتعاني من العنف، وخنق اقتصادهم، وتهجير أهلها وهدم منازلهم، وقد تلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم.”36. وردت إسرائيل على هذا الأمر بمطالبة غوتيريش بتقديم اعتذار أو الاستقالة من منصبه بسبب تصريحاته تلك، التي تربك الخطاب التي تود إسرائيل أن يهيمن على دوائر السياسة والإعلام في الغرب.

ثالثًا: طوفان الأقصى، في معاني أن تعود فلسطين البوصلة والقضية

في إطار عام يسوده الانهزام في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة، ومشاكل تعاني منها الشعوب العربية على مدى سنوات عديدة، جاءت عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 لتبعث الأمل في قلوب الشعوب العربية في الانتصار وفي التحرر من الاستعمار والتبعية للغرب، ولعل هذا الإطار العام يجعلنا نفهم سبب الفرحة العارمة التي عرفتها شوارع مدن عربية عديدة إبان هذه العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا الجناح العسكري لحركة حماس مدعومة بفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، وبعد العملية جاء الرد الإسرائيلي بمجازر لم تعرفها غزة من قبل، وحملات قصف ليلية استهدفت أساسًا الأطفال والنساء والمدنيين في بيوتهم وفي المستشفيات وفي مدارس الأونروا، ولم تسلم حتى جنازات الشهداء من القصف مثلما تم التفصيل في الفقرات السابقة. ومنذ بدءِ العدوان الغاشم تحرك الشارع العربي بشكل واسع عبر المظاهرات، للتعبير عن تضامنه مع الفلسطينيين ودعمهم ضد الاعتداءات التي لم تتوقف إلى اليوم، بل تزداد عنفًا ووحشية، وقد مثلت هذه التحركات عودة الروح إلى الشارع والرأي العام العربي، الذي عدَّل البوصلة نحو فلسطين مجددًا، وأعادت طرح مسألة التطبيع وعلاقات الدول العربية بالكولونيالية الغربية.

من عمَّان إلى بيروت، مرورًا ببغداد والقاهرة وتونس والرباط ومدن أخرى، أيقظت عملية طوفان الأقصىالتي أطلقتها حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى ضد الكيان الصهيوني تضامنًا عربيًّا شعبيًّا واسعًا، بينما اجتاح وسم #طوفان_الأقصى، وسائل التواصل الاجتماعي. شارك آلاف الأردنيين، في مسيرة حاشدة تحت شعار الطوفان الهادر، وسط العاصمة عمَّان دعمًا لغزة وللمقاومة في فلسطين، مطالبين بلادهم بطرد سفير تل أبيب، إثر عملية قصف المستشفى المعمداني في غزة، التي راح ضحيتها 500 شهيد في ليلة واحدة، فكانت الأشد دموية منذ بدء العدوان.37 وفي لبنان تعددت المظاهرات في بيروت وفي عدة مناطق أخرى، خاصة بعد قصف المستشفى المعمداني، حيث تجمَّع المحتجون أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبة بطرد السفير ووقف العدوان، كما قامت المقاومة اللبنانية بضرب مستوطنات إسرائيلية واستمرت حملات الدعم والمساندة من الشعب اللبناني وأيضًا من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية.

في تونس لم يهدأ الشارع منذ بداية العملية وأعلنت أحزاب ومنظمات عدة، تشكيل اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين“. وتم تنظيم مظاهرات أمام سفارة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لحث الرئيس قيس سعيد الذي عبَّر عن تضامن تونس شعبًا وحكومة مع فلسطينعلى طرد سفراء هذه الدول المشاركة في العدوان لتأييدها ودعمها الكيان الصهيوني بالسلاح والمال والإعلام، كما تم تنظيم تظاهرات ثقافية وجمع التبرعات مع الهلال الأحمر التونسي.38 ورفع التلاميذ التونسيون في المدارس لمدة أسبوع العلم الفلسطيني إلى جانب علم بلدهم، وأدوا التحية له بناءً على دعوة من وزارة التربية. وفي مصر رغم التضييقات الأمنية على المتظاهرين، قام طلاب في عدد من الجامعات بعدة وقفات مساندة لغزة، من بينها جامعات خاصة حديثة ليس لها تاريخ في العمل الطلابي، وخرج المتظاهرون يوم الجمعة 20 أكتوبر في جمعة دعم فلسطين كاسرين القيود التي وضعتها السلطة للتظاهرات حتى دخلوا ميدان التحرير، وتم القبض على عديد من المتظاهرين. أما في العراق وبعد دعوة المقاومة إلى التوجه إلى الحدود، احتشد مئات العراقيين على الحدود الأردنية وواصلوا الاعتصام عند المنفذ الحدودي الفاصل بين العراق والأردن، في محاولة منهم لإيصال المساعدات إلى غزة في حال وافقت الحكومة الأردنية. واللافت أنه في بداية التظاهرات كانت معظم الهتافات للأقصى والقدس، ومع اتساع نطاقها وتعدد روافدها مالت الهتافات بشكل أكبر إلى فلسطين وحقوق شعبها المشروعة. وفي عدة دول أخرى مثل المغرب، رغم تطبيع حكومتها مع الكيان الصهيوني، فإن الشعب المغربي كان حاضرًا في عدة مدن للاحتجاج ورفض التطبيع، كما شهدت الجزائر وليبيا واليمن والبحرين مظاهرات تضامنية ضد العدوان على غزة، وكانت معظم المظاهرات في الدول العربية فرصة أيضًا لتعبير الشعوب عن غضبها تجاه حكامها خاصة المطبعين منهم مع العدو الإسرائيلي.39

ولم يقتصر المد التضامني على المظاهرات والاحتجاجات أمام السفارات التي تدعم الكيان الصهيوني، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، بل امتد إلى تبرعات تضم الأدوية ومولدات الكهرباء والمواد الغذائية وقد نظمتها عديد من المؤسسات والجمعيات، كما لاقت حملات المقاطعة للبضائع الموجودة على قائمة حركة المقاطعة صدى أوسع من كل المرات السابقة. حيث انتشرت دعوات في كل المنطقة لحملات مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للعدو الإسرائيلي وعمل المؤثرون والناشطون على نشر التوعية عبر فيديوهات ومنشورات للتعريف بجدوى المقاطعة والمنتجات الواجب مقاطعتها، وكانت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل قد دعت عبر موقعها الإلكتروني إلى تعزيز حملات مقاطعة إسرائيل على كل الأصعدة، الاقتصادية والأكاديمية والثقافية والفنية والرياضية40. وفي ملاعب الكرة في كل الدول العربية شهدت المباريات هتافات لفلسطين من الجماهير، وأفعالًا تضامنية من اللاعبين، ففي مصر أصبح تقليدًا أن كل لاعب يسجل هدفًا يقلد وقفة حنظلة رافعًا يديه بعلامة النصر41. وهو أيضًا مؤشر هام لأثر توسيع الخطاب التضامني فمن تعاطفًا مع غزةوصورة المسجد الأقصى إلى وقفة حنظلة وعلامة النصر، يكشف عن تطور وعي واضح. كما شهدت الأحداث تضامنًا واسعًا من عديد من النجوم والفنانين الذين لم يكن لهم مواقف ظاهرة من قبل في القضايا السياسية42. كما عرفت موجات التضامن مع فلسطين أيضًا امتدادًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم التضييقات التي مارستها META متمثلة في فيسبوك وإنستغرام، ما جعل الناشطين والناشطات يلجؤون إلى موقع تليجرام وموقع X تويتر سابقًا، بفضل مساحة الحرية الموجودة في هذين الموقعين، وتم استغلال هذه المساحة لنشر السردية الفلسطينية للقضية ضد السردية الغربية، التي تساند إسرائيل وتدعمها وتقر بأن ما فعلته حماس يصنف كعمل إرهابي، متناسين أن الشعب الفلسطيني كان عرضة لكل أنواع العدوان والتهجير القسري منذ 75 سنة. ومن أبرزها هاشتاج هل تُدِينَ حماسباللغة الإنجليزية مكتوبًا بحروف عربية في سخرية واضحة، عبر الردود من السؤال الأول لأي ضيف مؤيد للقضية في محطات التلفزة الأجنبية، في دليل واضح على إدراك الرأي العام العربي لألاعيب الخطاب الغربي.

إن دور وسائل التواصل الاجتماعي كان كبيرًا في تعرية النفاق الغربي وازدواجية المعايير، التي يتعامل بها مع الضحايا، فحقوق الإنسان ليست للجميع وحق الدفاع عن النفس وتقرير المصير ومقاومة الاحتلال هو حكر على بعض الشعوب (مثل موقفهم من أوكرانيا) دون غيرها، وجرائم الحرب وقصف المدنيين والمستشفيات يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، ولكنه لا يعاقب الكيان الصهيوني الذي لم يلتزم بأية معاهدات أو قوانين دولية، وكأنها دولة فوق القانون وفوق منظمة الأمم المتحدة وقراراتها. وفضحت هذه الازدواجية في المعايير وتآكل النظام الدولي القائم على المعايير عمومًا، بما فيه القانون الدولي الإنساني وآلياته بما فيها مجلس الأمن، وهو ما سنتناوله في جزء قادم من الورقة. إن اتساع هذه الموجة من التضامن أبرزت بوضوح تطورًا في الوعي العربي تجاه القضية وليس فقط الحفاظ عليها في الوجدان، وأبرزت تنوع الرؤى الداعمة لها وأكدت على أنه لا توجد تيارات سياسية محتكرة لها في المنطقة، بل هي شائعة في كل الشعوب العربية.

رابعا: الفعل ورد الفعل في التضامن الغربي مع فلسطين

شهدت السنوات الماضية تغيّرًا في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، فرافق عدوان عام 2021 عديد من التحركات العالمية الرافضة والشاجبة للعدوان الإسرائيلي، والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني، كما شهدت السنوات الماضية نموًّا للمحتوى الداعم للقضية الفلسطينية في مواجهة ماكينات الإعلام الغربية، التي تسوِّق لإسرائيل والتي لا تفوِّت فرصةً لتقييد المحتوى الداعم للقضية الفلسطينية، فالاعتداء الإسرائيلي على المسجد الأقصى في عام 2021، ومخطط الاستيلاء على حي الشيخ جراح، صعُبَ تبريره في أوساط صناعة القرار الغربية، فشهد حي الشيخ جراح عديدًا من الزيارات الدبلوماسية الغربية الداعمة والمتضامنة مع سكانه الفلسطينيّين، والمندّدة بالسياسات الإسرائيلية تجاهه، كما استطاعت الجاليات العربية في أوروبا التي أصبحت أكثر قدرة على الالتحام بالمجتمعات الأوروبية التأثير فيها، بالإضافة إلى جهود عديد من المنظمات الأوروبية الداعمة للقضية الفلسطينية وحملات المقاطعة، التي استطاعت لعب دورًا مهمًّا في شرح القضية الفلسطينية، وإيصال أصوات الفلسطينيين إلى المجتمعات الأوروبية، كما ساهم صعود الإعلام البديل لا سيما منصات التواصل الاجتماعي في فضح جرائم الاحتلال وزيف ادعاءاته، على حساب الإعلام التقليدي الموالي لإسرائيل، الذي استثمرت فيه الحكومة الإسرائيلية أموالًا طائلة لكي تفرض هيمنة روايتها ووجهة نظرها43.

واستفادت القضية الفلسطينية إعلاميًّا من استضافة قطر لكأس العالم في عام 2022، هذا الحدث الذي يسلّط الأضواء على الملاعب، التي استغلّها العرب والفلسطينيون بشكل كبير لإظهار الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية، من خلال رفع الأعلام والحديث إلى الإعلام عن ابتزاز الإعلام الإسرائيلي الذي تم طرده في بعض المناسبات، على عكس ما كان يحصل في عديد من النسخ السابقة للبطولة والتي كانت تبرز فيها أعلام الاحتلال الإسرائيلي، كما كان لافتًا ظهور التضامن والتعاطف في أوساط المشجعين الأجانب الذين وجدوا الفرصة للاطلاع أكثر وعن قرب على القضية من وجهة نظر مختلفة، هذا الأمر الذي لم يخفِ الإسرائيليون انزعاجهم منه وارتباكهم أمامه.44

هذا التغير في موازين القوى على الصعيد الإعلامي دفع إلى تغيير واضح في الرأي العام العالمي والأوروبي، ترجم بمظاهرات غير مسبوقة دعمًا لفلسطين خلال عدوان عام 2021 وخلال الحرب الدائرة حاليًّا، كما ظهرت أصوات عديدة لسياسيين في البلدان الأوروبية، لا سيما خلال المظاهرات الشعبية. ففي فرنسا، خلال مظاهرة ضمت أكثر من 30 ألف شخص قام زعيم حزب فرنسا الأبية، جون لوك ميلانشون، بتوجيه نقد شديد إلى سياسات الحكومة الفرنسية لدعمها غير المشروط الذي تقدمه إلى حكومة الاحتلال، فتعرّض هو وحزبه كحال كثير من السياسيين والإعلاميين والرياضيين الفرنسيين، لاتهامات بمعاداة السامية45. كما شهدت شوارع عديد من المدن الأوروبية تظاهرات داعمة لفلسطين ومندّدة بالعدوان الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن أغلب الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية في أوروبا وأميركا في المعارضة، فإنه في إسبانيا على سبيل المثال كان لحزب بوديموس (يسار اجتماعي) الذي يشكّل جزءًا من السلطة مواقف داعمة وواضحة تجاه القضية الفلسطينية ممثّلًا في وزيرة الحقوق الاجتماعية، أيوني بيلارا، وزميلتها وزيرة المساواة، إيرين مونتيرو، فذهبت بيلارا بعيدًا مقارنة بالمواقف الرسمية، حين اتهمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، وطالبت بتقديم بنيامين نتنياهو إلى الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب، كما نددت نائبة البرلمان الأوروبي الأيرلندية اليسارية كلير دالي، بموقف الاتحاد الأوروبي المنحاز إلى إسرائيل46.

هذا الواقع والقوة المتصاعدة لأنصار القضية الفلسطينية في أوروبا، دفع الحكومات الأوروبية إلى إجراءات عديدة لكبح هذه القوة والحد من التضامن مع القضية الفلسطينية في أوساط المجتمعات الأوروبية في السّنوات الماضية، كما أدى إلى ردّة فعل سريعة منذ بداية العدوان الحالي، تحسّبًا للاحتجاجات الشعبيّة في ظلّ الدّعم غير المشروط الذي أعلنته عديد من الحكومات الأوروبيّة والغربية للاحتلال الاسرائيلي. وتبنى البرلمان البريطاني في يوليو/تموز الماضي قانونًا يعاقب على المقاطعة، كما صادق أعضاء البرلمان الألماني في 17 مايو/أيار 2019 على قانون غير ملزم يقضي بإدانة حركة المقاطعة ضد إسرائيل، واصفين إياها بمعاداة الساميّة47. كما تم حظر تظاهرات مؤيدة لفلسطين في برلين، وقوبلت المظاهرة المحظورة بقمع عنيف أدى إلى اعتقال ما بين 170 و200 متظاهر، على الرغم من عدم تطبيق الحظر التام على كل المظاهرات الداعمة لفلسطين كما حدث في فرنسا، بالإضافة إلى حالات تهديد بإلغاء صفة اللاجئ، كما حدث مع منسق حملة صامدونالفلسطيني زيد عبدالناصر، في حين يعاني الأفراد المسجلون تقييدًا يتعلق بفرص العمل وفرص التعليم والتنقل وتهديدًا دائمًا بالترحيل48. أما بريطانيا، فجرَّمت رفع العلم الفلسطيني أو ترديد هتاف يدعو إلى حرية العرب في المنطقة. لتأتي آخر القرارات من برلين، التي حظرت رسميًّا ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس ومنعت رفع الأعلام والشعارات بوصفها تهديدًا للسلام. أما في الولايات المتّحدة، فتظاهر المئات من اليهود الرّافضين للحرب في نيويورك وواشنطن، حيث قاموا باقتحام مبنى الكابيتول رافعين شعارات ترفض الحرب، وتطلب من إدارة الرئيس بايدن الضغط من أجل وقف إطلاق النّار في غزّة ما أدّى إلى اعتقال ما لا يقل عن 300 شخص49.

كما قام الاتحاد الأوروبي بالضغط على مواقع التّواصل الاجتماعي لحجب المحتوى المناصر للقضية الفلسطينية، فتعرّضت شركة ميتا للـتوبيخمن قبل الاتحاد الأوروبي متهمًا إياها بعدم معالجة المحتوى الذي يحتوي معلومات مضلّلة، على الرّغم من فرض ميتا كثيرًا من القيود على المحتوى الدّاعم للقضية الفلسطينيّة منذ عدّة سنين، وقد عانى الفلسطينيّون من تبعات هذه القيود خلال العدوان السّابق على غزّة والأراضي الفلسطينيّة في عام 2021. استجابت ميتا للضغوط الأوروبيّة عبر حذف ما يقارب الـ800 ألف منشور باللّغتين العربيّة والعبريّة حتى 14 أكتوبر 2023، أي خلال الأسبوع الأول من الحرب فقط، ثمّ أعلنت عن إنشاء وحدة خاصّة تضم متحدّثين باللغتين العربيّة والعبريّة مهمّتها حظر الحسابات واتّخاذ الإجراءات المناسبة. شملت هذه الإجراءات إغلاق صفحات عديد من الاعلاميّين من داخل قطاع غزة وخارجه. كما تلقّت شركة تيك توك، وشركة ألفا بيت المالكة لـgoogle وYouTube نفس التّوبيخاتمن قبل الاتحاد الأوروبي50. حذفت منصة إكس” (تويتر سابقًا) مئات الحسابات التابعة لحركة حماس، وذلك بعد تهديد تلقته من المفوضية الأوروبية، التي توعّدتها بعقوبات في حال لم تفعل51.

تأتي الحرب الدّائرة حاليًّا متزامنة مع استمرار الحرب الرّوسية على أوكرانيا، الحرب التي استدعت استنفار دول الغرب جميعًا لنصرة أوكرانيا وإدانة روسيا والضّغط عليها بشتّى السبل السياسية والدبلوماسيّة والاقتصاديّة، وإدانة قتل الأبرياء والمدنيّين، كما استدعت زيارات الرّؤساء والسياسيين الأوروبيين إلى كييف للتضامن مع السّلطة الأوكرانية والشعب الأوكراني والتأكيد على حقّه في الدّفاع عن نفسه في وجه العدوان الرّوسي بكل السّبل المتاحة، في حين تقف الحكومات الغربيّة على النّقيض من هذا التّوجه فيما خصّ القضيّة الفلسطينيّة وحق الفلسطينيّين في الدّفاع عن أنفسهم في وجه آلة القتل الإسرائيليّة، كما تم توصيف المقاومة الفلسطينيّة المحاصرة في غزّة منذ 16 عامًا بالإرهاب، في حين يبرّر للمحتلّ الاسرائيلي قتل ما يزيد على 7 آلاف مدني أغلبهم من النّساء والأطفال، كما تم فرض حصار كامل على القطاع ومنع مرور المساعدات الإنسانيّة ومنع الاتصالات في القطاع بحجة الدّفاع عن النّفس، ما لاقى انتقادات واسعة في أوساط المجتمعات الغربية ولا سيما من جانب النّاشطين والمنظّمات الحقوقيّة باتهام الحكومات الغربية بازدواجيّة المعايير تجاه القضية الفلسطينية.

إن المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية، والتي لا تزال مستمرّة في كثير من مدن العالم، حتّى تاريخ كتابة هذه الورقة، في المدن والعواصم الأوروبيّة، تشكّل تحدّيًا واضحًا لقرارات الحكومات الأوروبية بحظر التظاهرات وحظر رفع العلم الفلسطيني52. وهو ما يدل على تغيّرٍ في الرأي العام بدرجة ما، وتراجعًا في هيمنة وسائل الإعلام التقليدية على المواطنين. كما تعيد من جديد النقاش حول الموقف من إسرائيل وعدم تطابق ذلك بالضرورة مع معاداة السامية، وهو التناقض الذي أدى إلى استقالات جماعية في صفوف حزب العمال البريطاني، بسبب موقف قيادته المؤيد لإسرائيل، وكانت هذه القيادات قد وصلت بعد إزاحة كوربن رئيس الحزب السابق ومجموعته على خلفية عدة اتهامات كان من أهمها معاداة السامية، بسبب مواقفهم الداعمة لفلسطين53. إن طبيعة هذه التطورات تؤكد من جديد على البعد الإنساني للقضية الفلسطينية وإمكانية استثمار ذلك في إعادة القضية الفلسطينية إلى مقدّمة القضايا العالمية، وبناء التضامن بين مختلف الشعوب في ما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني لاسترداد أرضه وحقوقه، وهو المدخل الأساسي لأي سلام حقيقي في المنطقة.

خاتمة: المؤسسات الدولية ما بين الدور والإمكانات

بزيارة إلى الميثاق الخاص بتأسيس الأمم المتحدة، سنجد في الديباجة الخاصة به أن الهدف من تأسيسها جاء في أعقاب الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وبأن لها مهمة مركزية واحدة، هي صون السلم والأمن الدوليين، على أن تحقق الأمم المتحدة ذلك من خلال العمل على منع الصراع، ومساعدة أطراف النزاع على صنع السلام، ونشر قوات حفظ السلام، وتهيئة الظروف للسماح للسلام والازدهارإلى آخر الديباجة. وكذلك كان هذا هو أول ما أكدت عليه المادة الأولى من الميثاق وهي أهمية حفظ السلم والأمن الدوليين.54

لماذا نبدأ هذا القسم بالتأكيد على هذا الغرض والدور الذي يجب أن تقوم به الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، لأنه منذ الـ8 من أكتوبر/تشرين الأول، يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية55. وإذا عدنا إلى تعريف الإبادة الجماعية كما يراها القانون الدولي، فسنجد أنه أولًا: تم الاعتراف بجريمة الإبادة الجماعية لأول مرة كجريمة بموجب القانون الدولي في عام 1946 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وثانيًا: تم تعريفها وفقًا للقانون الدولي باعتبارها أيًّا من الأفعال التي تُرتكب بنية تدمير جزئي أو كلي لمجموعة وطنية، أو عرقية، أو دينية على الأقل.56 إذن لماذا لم تقم واحدة من أهم وأكبر المؤسسات الدولية بدورها في وقف هذه الإبادة حتى تاريخ كتابة هذه الورقة.

هناك عديد من الدراسات الأكاديمية التي تناولت تحديات عمل الأمم المتحدة، وأهم أسباب إخفاقها في إحلال السلم والأمنالدوليين، يرجع بعض أسباب هذا الإخفاق إلى عوامل ذاتية تتعلق بهيكلها وطبيعة عملها، التي يصفها البعض باعتبارها شديدة البيروقراطية. إلى جانب عوامل ترتبط بتاريخ تأسيس الأمم المتحدة، المرتبط بتوازن القوى بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى وجود حق الفيتوفي مجلس الأمن، وكذلك عوامل ترتبط بالتحديات المالية ونقص الموارد وعدم عدالة توزيع العبء المالي على الدول الأعضاء، إلى آخره. وربما ليس هنا مجال للحديث بالتفصيل حول التحديات التي تواجه الأمم المتحدة والتي بالفعل أُفردت لها عديد من الدراسات.57

هنا نركز فقط في إخفاق الأمم المتحدة في التعامل مع الحلقات المتتالية من عدوان الكيان الصهيوني على فلسطين، فمنذ عام 1948، أي منذ النكبة، لم يلتزم الكيان الصهيوني بأيٍّ من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين، فمنذ ذاك الحين، اتخذ مجلس الأمن سلسلة من القرارات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، باعتباره المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، كان آخرها القرار رقم 2334 في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، إذ تبنى المجلس بأغلبية كبيرة، قرارًا يدين الاستيطان الإسرائيلي، ويطالب بوقفه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما استمر الكيان في السياسات العدوانية على الشعب الفلسطيني. هذا إلى جانب مئات القرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك مجلس حقوق الإنسان والتي لم تتوقف حتى تاريخه، بالإضافة إلى فتوى محكمة العدل الدولية بشأن تشييد الجدار داخل الأراضي المحتلة.58 بل تطور ذلك من تجاهل للقرارات حتى الوصول إلى وصفها داخل أروقة الأمم المتحدة بأنها دنيئة“.59

وعلى الرغم من كل هذه القرارات السياسية والإجراءات القانونية والتوصيات العملية للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، فإنها لا زالت لا تتمتع بالمصداقية، كونها عاجزة عن تنفيذها وفرضها على أرض الواقع، بل إن الأمين العام الحالي غوتيريشرغم تصريحاته الجيدة بخصوص الأحداث الجارية، غير قادر على ترجمتها إلى أفعال.60 والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه القرارات نتاج وحصيلة تأثير الدول المنضوية تحت عضويتها، وفقًا لمصالح هذه الدول والقيم التي تؤمن بها مجتمعاتها والمساومات التي تتفاوض حولها. بالإضافة إلى أن هناك خللًا كبيرًا في ميثاق الأمم المتحدة الذي لم يتغير منذ إنشائها، بالرغم من تغير الظروف الدولية،61 حيث بقيت خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن تتحكم في كافة القرارات الأممية، وتحديدًا الولايات المتحدة التي وحدها استخدمت هذا الحق في إيقاف تنفيذ ما يقرب من 44 قرارًا منذ عام 1973 وحتى عام 2018، وذلك وفقًا لإحصاءات مركز المعلومات الفلسطيني.62

وجاء يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في خضم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون، ليسجل حلقة جديدة من حلقات فشل الخروج من تنفيذ قرارات لمجلس الأمن بشأن ما تواجهه فلسطين من جرائم حرب، حيث تم الاعتراض على مشروعين بقرارين، أحدهما مقدم من روسيا والآخر من البرازيل، بهدف وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وكلاهما تم اعتراض الولايات المتحدة عليه واستخدمت حق الفيتو من أجل وقفهما.63

من الناحية النظرية، فقرارات مجلس الأمن كهيكل داخلي من ضمن هياكل الأمم المتحدة لها صفة إلزامية، أي إن قراراته واجبة التنفيذ، بينما في حالة الجمعية العامة التي لا تعتبر قراراتها إلزامية التنفيذ، تعبر قراراتها والتصويت عليها بشكل ما عن رؤية المجتمع الدولي، والتي شاهدنا جميعًا كيف أنها تتسم بازدواجية المعايير. وهنا يمكن لنا أخذ مثالين لهذه الحالة في حالة الحرب الروسية على أوكرانيا وحالة العدوان الإسرائيلي على فلسطين.64

بملاحظة صيغة ومصطلحات القرارات التي تصف العدوان الروسي بـالغزو65، بينما تصف العدوان الإسرائيلي بـالأعمال العدائية، يمكن لنا تلمس أكبر التحديات التي تواجه الأمم المتحدة واستدامتها كمؤسسة دولية، فهي ليست فقط في ازدواجية معايير التعامل مع الأزمات المتشابهة وإنما في هيكل مؤسسات الأمم المتحدة وخصوصًا المسؤولة عن صنع القرار الذي يعبر عن سيطرة وانحياز كبيرين للكيان الصهيوني، ما يمهد له دائمًا الطريق للإفلات من جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها منذ 75 عامًا.

1 سلامة كيلة، المسألة الفلسطينية من سراب حل الدولتين إلى دولة علمانية واحدة، كتاب الهلال، دار الهلال، القاهرة، يونيو 2017، ص119.

2 Marwan Bishara, Palestine/Israel Peace or Apartheid, zed book, London, 2002.

3طوفان الأقصى“.. أكبر هجوم للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل، الجزيرة، 27 أكتوبر 2023،https://cutt.ly/zwEzKVsH، للمزيد حول عملية طوفان الأقصى: طوفان الأقصى، الميادين،https://cutt.ly/nwEWKSPb

4 ما الذي نعرفه عن الأسرى والرهائن في غزّة؟ BBC، 24 أكتوبر 2023، https://bbc.in/3seZB3V

أبو مرزوق يقدم توضيحات بشأن مصير وجنسيات أسرى طوفان الأقصى، الجزيرة نت، 28 أكتوبر 2023، https://bit.ly/3tK7TkE

5 إنفوجرافيك: عدد القتلى الإسرائيليين في حروبها منذ عام 1948، الخليج أونلاين، 30 أكتوبر 2023، https://khaleej.online/KDxxvJ

6 هبة سلامة، بسمة محمد، الأكثر دموية منذ 2007.. حصاد العدوان الإسرائيلي على غزة في الأسبوع الرابع، المصري اليوم، 30 أكتوبر 2023، https://rb.gy/cfvfay

7طوفان الأقصى“.. أكبر هجوم للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل، الجزيرة، ، مرجع سابق.

8 اعتمد تقرير منظمة العفو الدولية على شهود العيان الناجين من القصف، وصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو، حيث ترفض القوات الإسرائيلية دخول العاملين في المنظمة إلى قطاع غزة أو الضفة.

9 أدلة دامغة على ارتكاب جرائم حرب في هجمات إسرائيلية قضت على أسر بأكملها في غزة، منظمة العفو الدولية، 20 أكتوبر 2023، https://cutt.ly/ewEWVofl

10 المرجع السابق.

11 فيديو للدكتور مصطفى البرغوثي: إسرائيل قامت بـ3 جرائم حرب داخل غزة، sky news، 23 أكتوبر 2023،https://rb.gy/3hx3y

12 الحرب على غزة مباشر.. 8 آلاف شهيد وإنزال للقسام خلف خطوط العدووخلافات في حكومة نتنياهو، الجزيرة نت، 29 أكتوبر 2023، https://bit.ly/46MX5kl

13“Top UN Official in New York Steps down Citing ‘genocide’ of Palestinian Civilians.” 2023. The Guardian. Oct 31, 2023, https://tinyurl.com/yne8l4n4

14 فيديو لمنظمة العفو الدولية: لدينا أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة، France 24،https://rb.gy/ucw10

15 قلق أمميمن ارتكاب جرائم حربفي الحرب بين إسرائيل وحماس، sky news، 28 أكتوبر 2023، https://cutt.ly/VwEWMSFa للمزيد: لجنة التحقيق تجمع أدلة عن ارتكاب جرائم حرب من قبل جميع الأطراف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 7 أكتوبر 2023، ONHCR، 10 أكتوبر 2023، https://rb.gy/vo8zx

16 الحرب على غزة مباشر.. الاحتلال يقطع الاتصالات بالكامل ويوسع العمليات البرية، الجزيرة نت، https://rb.gy/77n7p

17 للمزيد حول البعد التاريخي للصراع العربي الإسرائيلي:

  • وليد الخالدي، دير ياسين، الجمعة 9/4/1949، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1999.

  • شحته العلول، محطات فاصلة في تاريخ فلسطين القديم والحديث، دار المشكاة، الأردن، 2019.

  • وليد الخالدي، قبل الشتات، التاريخ المصور للشعب الفلسطيني 1876-1948، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1987.

  • وليد الخالدي، تقسيم فلسطين من الثورة الكبرى إلى النكبة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2021.

  • الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، https://www.palquest.org/ar

18 يوجد في علم الدلالة اللغويفرع يُعنى باختيار الكلمة الصحيحة للدلالة على أمور صارت الكلمة القديمة الدالة عليها شديدة الوقع، أو أنها خفيفة الوقع يجب تشديدها بما يخدم مصالح مستخدميها، وهذا الفرع من علم الدلالة صار له متخصصون ولجان لغوية متخصصة، هذه اللجان تنشر كلمات تستخدم في الإعلام السياسي وفي القضايا الاجتماعية بكل فروعها، للوصول إلى ما يريده المسؤولون من تحكم في الرأي العام العالمي أو المحلي، مثل استخدام كلمة مناورةبدلا من انسحاب، وكلمة نكسةبدلًا من هزيمة، وكلمة التجاوزات بدلًا من الجرائم، وكلمة ترشيد الاستهلاكبدلًا من إنقاص الاستهلاك، وكلمة تقصير بدلًا من كلمة هزيمة “…إلخ. وهذا الفرع من علم الدلالة يستخدم بشكل واسع في الغرب وفي الإعلام الإسرائيلي. (بتصرف عن كتاب المعجم العربي وعلم الدلالة)، أ. إبراهيم الدسوقي عبد العزيز، د. إبراهيم عبد المجيد ضوة.

19 سلامة كيلة، مرجع سبق ذكره، ص103.

20 سكاي نيوز العربية، 7/10/2023 https://rb.gy/supxc

21 النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب) (8″) (المرجع نفسه، §336).

22 في مرمى النيران: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات تقييم مزاعم استخدام الدروع البشرية من قبل الفصائل الفلسطينية المسلحة، القانون من أجل فلسطين، فبراير 2022، https://rb.gy/z8vi2

23 عبدالوهاب المسيري، الديمقراطية العنصرية، مايو 2015، https://rb.gy/uk9s4

24 عزمي بشارة، من يهودية الدولة حتى شارون، دار الشروق، القاهرة، 2004.

25 Israël Palestine vérités sur un conflit, Alain Gresh, Fayard, Paris, 2001, p.55.

26 عبدالوهاب المسيري، مرجع سابق.

27 سلامة كيلة، المرجع السابق، ص105.

28جيلبير أشقر، العرب والمحرقة النازية، ترجمة: بشير السباعي، دار الساقي، بيروت، 2010، ص 433

29 Netanyahu says Hamas atrocities mirror ISIS, Reuters, 9 October 2023.

30 Stacy Meichtry, Macron Calls for Anti-ISIS Military Coalition to Target Hamas, The Wall Street Journal, 25 October 2023.

31 عقل صلاح، حماس والسلفيون في غزة، 2007-2017. المستقبل العربي، مجلد 40, عدد 466، 2017. ص 24-46.

32 #وثيقة_حماس.. تمسك بالثوابت والحقوق، المركز الفلسطيني للإعلام، 1 مايو/أيار 2017.

33 Schweitzer, Y. (2018). Salafi Jihadism in Gaza as Opposition to Hamas Rule. Kurz, Dekel, and Berti (eds.), The Crisis of the Gaza Strip, 61-66.

34 قتلى وجرحى في اشتباكات في غزة بين حماس ومتشددين إسلاميين، بي بي سي، 14 أغسطس/ آب 2009.

35 تفجيرات غزة: حملة أمنية موسعة في غزة بعد مقتل ثلاثة من عناصر حماس، بي بي سي، 27 أغسطس/ آب 2019.

36 Secretary-General’s remarks to the Security Council on the Middle East, 24 October 2023. Available at: https://tinyurl.com/ylrqg6cl

37 طوفان الأقصى يشعل تضامنًا عربيًّا شعبيًّا مع الفلسطينيين موقع الجزيرة https://shorturl.at/citz3

38 طوفان الأقصى يوحد التونسيين: ضربة موجعة للاحتلال الاسرائيلي واتفاقيات التطبيع معه، موقع القدس العربي https://shorturl.at/erBGI

39Derrière le soutien à la Palestine, la colère des peuples arabes contre leurs dirigeants : courrier international, https://tinyurl.com/yr72ywtv

40 موقع حركة مقاطعة إسرائيلBDS https://bdsmovement.net/ar 

41 حنظلة هو أشهر رسم كاريكاتوري للرسام الفلسطيني ناجي العلي، الذي قال عنه ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل دائمًا في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعدُ في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973، لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبعًا.”

42 إيمان محمد، فنانون يعلنون تضامنهم مع الشعب الفلسطيني عقب طوفان الأقصى موقع الجزيرة https://shorturl.at/ovFZ4

43 الرأي العام العالمي يتحول تجاه فلسطين، القدس العربي، 7 يونيو 2021، https://tinyurl.com/ytbpu5xt

44 محمد وتد، مونديال قطر 2022.. هل انتصرت فلسطين على إسرائيل؟ الجزيرة نت، 30 نوفمبر 2022، https://tinyurl.com/2paajhyk

وأيضًا: عبدالرحيم التوراني، اتفاقات أبراهاموالمونديال! الحرة، https://tinyurl.com/ypwexc86

45 زهير حمداني، من يقف مع فلسطين في أوروبا؟ ضمائر حية بمواجهة المواقف الرسمية المنحازة لإسرائيل، الجزيرة نت، 24 أكتوبر 2023، https://tinyurl.com/yvdjf5fv

46 نفس المرجع.

47 تجريم التضامن مع فلسطين يتصاعد في أوروبا، الغد، 4 أغسطس، 2023، https://tinyurl.com/yqle6pcp

48 كريم عيد صباغ، مناصرو القضية الفلسطينية في ألمانيا: اعتقال تعسّفي وتهديد بالترحيل، 28 أكتوبر 2023، https://al-akhbar.com/Lebanon/372174

49متظاهرون يهود يقتحمون الكونغرس للمطالبة بوقف الحرب.” 2023. BBC News عربي. https://www.bbc.com/arabic/articles/cn03gkp44epo.

50بعد توبيخات أوروبية.. منصات التواصل تصعّد حربها على المحتوى الفلسطيني.” 2023. التلفزيون العربي. https://tinyurl.com/yr7tmbs5

51النشرة الأسبوعية: انتهاكات بالجملة بحقّ الفلسطينيين/ات.” سمكس، 13 أكتوبر 2023، https://tinyurl.com/ywndmx52

52 أكبرها بلندن وإسطنبول.. مظاهرات حاشدة دعمًا لغزة تجتاح مدنًا عربية وغربية وإسلامية، الجزيرة نت، 28 أكتوبر 2023، https://tinyurl.com/ytcppx5y

53 “Mass Opposition Emerges to Sir Keir Starmer’s Support for Israeli War Crimes as UK Muslims Desert Labour Party.” 2023. World Socialist Web Site. Accessed October 30. https://www.wsws.org/en/articles/2023/10/18/mtob-o18.html.

54 النص الكامل لميثاق الأمم المتحدةhttps://www.un.org/ar/about-us/un-charter/full-text.

55 UN expert warns of new instance of mass ethnic cleansing of Palestinians, calls for immediate ceasefire, UNOHCR, 14 October 2023, https://tinyurl.com/yoquasgl

56 “United Nations Office on Genocide Prevention and the Responsibility to Protect.” United Nations, https://tinyurl.com/yrxrz3k2

57 للمزيد حول هذا الموضع يمكن مراجعة:

  • Adam Roberts (1993) The United Nations and international security, Survival, 35:2, 3-30, DOI: 10.1080/00396339308442683

  • Makinda, Samuel M. “Sovereignty and International Security: Challenges for the United Nations.” Global Governance 2, no. 2 (1996): 149–68. http://www.jstor.org/stable/27800134.

  • RAMESH THAKUR (2004) UNITED NATIONS SECURITY COUNCIL REFORM, African Security Review, 13:3, 66-74, DOI: 10.1080/10246029.2004.9627305

  • Ola, T. P. (2023). United Nations Security Council and global stability. Medzinárodné vzťahy – Slovak Journal of International Relations, 21(2), 135 – 154. https://doi.org/10.53465/SJIR.1339-2751.2023.2.135-154

  • Mingst, Karen A., Margaret P. Karns, and Alynna J. Lyon. 2022. “The United Nations in the 21st Century.” Routledge & CRC Press.

  • (JAUNS), T.J.A.F.U.N.S. (Ed.). (2023). Evolution of the United Nations System: An East Asian Perspective (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003369615

58 القرارات الدولية بشأن فلسطين، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، https://tinyurl.com/ynh9mcwe

59في قرار غير ملزم انتقدته إسرائيلالجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بـهدنة إنسانية فوريةبغزة.” فرانس 24، 28 أكتوبر 2023، https://tinyurl.com/yr7cowvs، تصريح مندوب إسرائيل من حسابه على موقع إكس، https://twitter.com/giladerdan1/status/1718024766106309061

60 للمزيد حول تصريح الأمين العام أنطونيو جوتيريتش، يمكنكم مراجعة: “أمام مجلس الأمن، الأمم المتحدة تحذر من انتهاكات الأطراف للقانون الدولي الإنساني في غزة| أخبار الأمم المتحدة.” 2023. https://news.un.org/ar/story/2023/10/1125267.

61 د. مجدي عيسى، القرارات الأممية والقضية الفلسطينية، مركز الأبحاث الفلسطيني، https://tinyurl.com/27o5kjwj

62 مشاريع قرارات لمجلس الأمن اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية الفيتو بحقها، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=20182

63فشل مشروعي قرارين حول غزة وإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، أخبار الأمم المتحدة، https://news.un.org/ar/story/2023/10/1125317.

64الجمعية العامة تعتمد قرارًا يدعو لهدنة إنسانية فورية في غزة، أخبار الأمم المتحدة.” 2023 October 27. https://news.un.org/ar/story/2023/10/1125382.

65الجمعية العامة تعتمد قرارًا يطالب روسيا بسحب قواتها من أوكرانيا، أخبار الأمم المتحدة، فبراير 2023. https://news.un.org/ar/story/2023/02/1118467.

Start typing and press Enter to search