قانون الأحزاب في مصر.. طريق التعددية ووسائل التفعيل (تجارب وتوصيات)
شيماء الشرقاوي
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [4.86 MB]

مقدمة:

تمر مصر الآن بمرحلة تحول ديمقراطي، ومن أهم ملامح مراحل التحول هو استحداث إطار تشريعي يخدم أهداف هذا التحول، وفي هذا السياق نجد أن قانون الأحزاب يرتبط بشكل كبير بمزاولة العمل السياسي وتكوين المؤسسات الانتخابية، وهو لا يقل أهمية عن قوانين مباشرة الحقوق السياسية على سبيل المثال.

وحيث أن قانون الأحزاب هو الإطار التشريعي الذي يحكم عمل الأحزاب ومدى فاعليتها في العملية السياسية، فوجود أي إشكاليات بالقانون من شأنها أن تؤثر على الممارسة الديمقراطية ومدى كفاءة عمل الأحزاب وفاعليتها. هنا نجد أن قانون الأحزاب المصري والذي تم تعديله بعد قيام ثورة 25 يناير عام 2011، حيث أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مارس 2011 مرسوما بقانون رقم (12) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، به عدد من الإشكاليات منها أن الدستور المصري لعام 2014 أقر في المادة (74) حرية تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، وعلى هذا نجد أن الإحالة للقانون تفرغ المادة من مضمونها، حيث أنه من المفترض أن يكون الدستور هو الحاكم للقوانين وليس العكس، وعلى هذا فهناك تعارض واضح بين القانون الحالي والدستور حيث أن القانون يقر وجود لجنة قضائية تختص بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب وأيضا شرط نشر أسماء الـ5000 عضو في صحيفتين يوميتين (مادة 7) مما يكلف مبالغ طائلة لا تستطيع العديد من الأحزاب الجديدة توفيرها، وتعد هذه القيود القانونية تعسفية وتعارض حرية تكوين الأحزاب التي نص عليها الدستور. أما عن نماذج قوانين الأحزاب، فالقانون لم يخرج بنا من نموذج الترخيص، حيث أنه طبقا لهذا القانون لن تقوم الأحزاب بالإخطار بل ستقوم بالترخيص، وذلك بإعطاء لجنة الأحزاب المنصوص على تشكيلها في المادة (8) الأحقية في الاعتراض على إنشاء الحزب خلال 30 يوما، وكذلك توسيع اختصاصات هذه اللجنة في البحث والاستقصاء واللجوء لجهات أخرى لجمع المعلومات دون تحديد هذه الجهات.[1]

يحتوي القانون أيضا على إلغاء الدعم المادي الذي كان يتم تقديمه للأحزاب عن طريق الدولة، وتنص المادة (11) من القانون على أن موارد الحزب تتكون من اشتراكات أعضائه وتبرعات الأشخاص الطبيعيين المصريين وكذلك من حصيلة استثمار أمواله في الأوجه غير التجارية التي يحددها نظامه الداخلي. ولا يجوز للحزب قبول أي تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبي أو من جهة أجنبية أو دولية أو من شخص اعتباري ولو كان متمتعا بالجنسية المصرية. لم يقدم الإطار التشريعي المصري سواء كان الدستور أم القانون للأحزاب أي وسائل لتحفيز الديمقراطية كتشجيع للأحزاب على خوض الانتخابات المحلية حيث لم يأت القانون بذكر دور الأحزاب والمحليات أو وضع محددات للديمقراطية الداخلية مثل الانتخابات الداخلية للأحزاب.

قانون الأحزاب والخبرات الدولية:

عند التعرض للنماذج والخبرات الدولية نجد أن عددا من القوانين والأطر التشريعية لتنظيم عمل الأحزاب قد تعاملت مع مبدأ حرية تكوين الأحزاب، فمثلا بالنسبة لدساتير وقوانين تونس والمغرب، وهي دول شهدت مؤخرا انتفاضات شعبية، فقد أقرت دساتيرها -الدستور التونسي الجديد ودستور المغرب المعدل- حرية تكوين الأحزاب، وأتت القوانين لتؤكد على هذا وتنظمه. وهناك تشابه بين القانونين التونسي والمغربي فيما يخص تكوين وتأسيس الأحزاب السياسية، وكلاهما أكد على أن تكوين الأحزاب السياسية يكون بالإخطار، إلا أن الحالة التونسية تعتبر أفضل كثيرا بسبب عدم وجود شروط تحتوي على مصطلحات فضفاضة كالمساس بالدين الإسلامي أو النظام الملكي في حالة المغرب. ففي حالة تونس يجب تسليم إخطار مكتوب وفي حالة عدم ورود رد خلال 60 يوم، يعتبر ذلك قرارا ضمنيا بعدم الاعتراض على تكوين الحزب[2].

نجد أيضا أن في ألمانيا والتي تتمتع بتقاليد ديمقراطية راسخة، أكد الدستور على ضرورة اعتراف الأحزاب بالدولة الديمقراطية، وبالنسبة للأحزاب التي يشكك في ديمقراطيتها فيمكن منعها بناء على طلب تقدمه الحكومة. ولكن ليس هناك ما يلزم بمنع هذه الأحزاب.[3] نأتي لنموذج الدانمارك، وهو ينطوي على الحرية الكاملة في تكوين الأحزاب، نجد أن الدستور لم يذكر أي شيء يتعلق بالأحزاب السياسية، وبالنسبة للإطار القانوني تعتبر الأحزاب السياسية في الدنمارك مثل الجمعيات التطوعية والمؤسسات الخاصة.[4]

وبالنسبة لنموذج البرازيل، نجد أن القانون ينص على حرية تكوين الأحزاب طالما تحترم السيادة الوطنية والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتقوم الأحزاب بالتسجيل والحصول على الشخصية الاعتبارية في الهيئة الانتخابية “Electoral Tribunal”، هناك شروط محددة لتكوين حزب سياسي من أهمها أن يحصل الحزب على توقيعات من المواطنين لا تقل نسبتهم عن 0.5% من نسبة المصوتين في أخر انتخابات تم إجرائها في البلاد وعلى أن يكونوا ممثلين من /31 عدد الولايات البرازيلية.[5]

وفي سياق تمويل الأحزاب، نجد نموذج الدانمارك، الدعم مقابل عدد الأصوات الانتخابية حيث تتلقى الأحزاب تمويلا من الحكومة المركزية إذا حصلت على 1000 صوت انتخابي على الأقل، وتتلقى تمويلا من الحكومات المحلية إذا حصلت على 100 صوت على الأقل في الانتخابات المحلية.[6] في نفس السياق نجد النموذج السويدي، حيث تدفع الدولة الأموال على شكل إعانات للحزب واعانات لأمانة السر. ويحق للحزب بالإعانات الحزبية إذا فاز بمقعد في البرلمان أو بأكثر من 2.5% من الأصوات على مستوى البلد كله في أحد الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة. وتتلقى الأحزاب خلال الفترة التي تفصل بين الانتخابات تمويلا عاما مباشرا كل ثلاثة أشهر، أيضا هناك هيئة منظّمة خصيصا لإدارة أنظمة تمويل الأحزاب وتطبيقها. وتتألف هيئة تمويل الأحزاب من رئيس وثلاثة أعضاء. بجانب الدعم المادي هناك الدعم العيني للأحزاب من حيث استعمال وسائل الاعلام والاستعمال المجاني للمنشآت العامة من أجل عقد الاجتماعات.[7]

وبالنسبة لحالة البرازيل، تتلقى الأحزاب التمويل من صندوق تمويل الأحزاب، ويحظر التمويل من أجهزة الدولة والدول والكيانات الأجنبية. يعتبر صندوق تمويل الأحزاب، صندوقا رسميا، وتأتي موارده في معظمها من التبرعات المالية.[8]

وبالنسبة للقانون التونسي فقد حدد سقفا للتمويل، فمثلا اشتراكات الأعضاء لا يجب أن تتجاوز 1200 دينار سنويا للعضو. أما القروض فيجب ألا تتجاوز تعهدات الحزب لدى مؤسسات القرض 200 ألف دينار. ويمكن للحزب الحصول على تبرعات وهبات صادرة عن أشخاص طبيعيين لا تتجاوز 60 ألف دينار سنويا لكل مانح، وأيضا العائدات الناتجة عن ممتلكات الحزب السياسي ونشاطاته. ويحظر على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر، نقدي أو عيني صادر عن أية جهة أجنبية أو عن مصدر مجهول. وبموجب القانون أصبح كل حزب مطالبا بفتح حساب بنكي أو بريدي واحد لكل معاملاته المالية وكذلك بتعيين وكيل مالي واحد. وكل المعاملات التي تفوق 500 دينار يجب أن تكون بواسطة صكوك أو تحويلات بنكية أو بريدية.[9] بالنسبة للنموذج المغربي، يعتمد تمويل الأحزاب طبقا للقانون الجديد على اشتراكات الأعضاء، التبرعات النقدية أو العينية على ألا يتعدى 300 ألف درهم، والعائدات من استثمار أموال الأحزاب، تتلقى الأحزاب دعما سنويا من الدولة يشمل المساهمة في تمويل الحملات الانتخابية وتنظيم المؤتمرات، ويحظر تلقي أي أموال من كيانات أو دول أجنبية.[10]

في سياق تحفيز الديمقراطية، عالج النموذج الإسباني هذه المسألة، حيث نص الدستور الإسباني على أن الأحزاب السياسية هي التعبير عن التعددية الحزبية… وهي أداة أساسية للمشاركة السياسية. ويكون تشكيلها وممارسة نشاطاتها حرا إلى الحد الذي تحترم فيه الدستور والقانون، وينبغي أن تكون هياكلها وعملياتها الداخلية ديمقراطية.”[11] وعن دور الأحزاب في المحليات، نجد أن الإطار التشريعي في الدانمارك عالج إشكالية تحفيز الأحزاب للمشاركة في انتخابات المحليات وخصوصا الأحزاب الصغيرة حيث أنه يتيح لها المشاركة في الانتخابات وعمل قاعدة شعبية من خلال مبدأ الدعم مقابل الصوت الانتخابي.[12] وفيما يخص الإشكالية المتعلقة الإشكالية المتعلقة بالعبارات غير المحددة في القانون المصري مثل “السلام الاجتماعي”، و”نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية”، عالجت معظم النماذج التي تعرضت لها الورقة هذه الإشكالية، حيث نصت صراحة على وجوب التزام الأحزاب بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بخلاف النموذج المغربي حيث وضع عبارات غير محددة أيضا مثل “المساس بالدين الإسلامي والنظام الملكي”.

توصيات للمشرع المصري:

يحتاج قانون الأحزاب لعدد من التعديلات حتى يضمن كفاءة واستقلالية الأحزاب لتقوم بالدور المنوط بها لتحقيق نظام ديمقراطي حقيقي وليس فقط تعددية شكلية وعلى هذا فمن الممكن الاعتماد على عدد من الاستراتيجيات:

  • ضمان حرية تكوين الأحزاب: مما سبق طرحه، نجد أن قانون الأحزاب المصري لا يضمن أحد أهم المبادئ التي تنص عليها المعاهدات والمواثيق الدولية وهي حرية تكوين الأحزاب، وعليه فمن أهم استراتيجيات تعديل قانون الأحزاب هو العمل على تنقيحه حتى يصبح متوافق مع هذه المبادئ. من هنا من الممكن أن يتم إدخال تعديلات واضحة على قانون الأحزاب تضمن أن يتم إنشاء الأحزاب بالإخطار دون إعطاء الحق للجنة قضائية في الفصل في أحقية إنشاء الحزب من عدمه. هنا من الممكن أن يتم الاستفادة أيضا من النموذج البرازيلي وهو استحداث شرط حصول الحزب على توقيعات من المواطنين وتحديد نسبتهم في القانون بما لا يقل عن 1% من عدد الناخبين في آخر انتخابات برلمانية.

يجدر الإشارة أيضا إلى أن العبارات والمصطلحات الفضفاضة في القانون المصري كالسلام الاجتماعي، على سبيل المثال تحد من حرية تكوين الأحزاب حيث أنها تعطي ذريعة للسلطة حتى تفسرها كما يتراءى لها ويتيح هذا للسلطة فرصة للسيطرة على عملية إنشاء الأحزاب، وبالتالي وحتى لا يتعارض القانون مع الدستور الحالي في نصه على مبدأ حرية تكوين الأحزاب يجب أن يتم حذف أي عبارات غير واضحة ومبهمة من شأنها أن تؤثر على حرية تكوين الأحزاب، ومن الممكن في هذه الحالة الاكتفاء باشتراط التزام الأحزاب بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان كما كان الحال في عدد من نماذج القوانين حول العالم، وأيضا أهمية النص على ضرورة التزام الأحزاب بالسلمية وتجريم إنشاء تنظيمات مسلحة وعدم التمييز.

  • تحفيز الديمقراطية: تم طرح سابقا فكرة أن الإطار التشريعي يحكم الممارسة على أرض الواقع، وهنا نأتي لأهمية أن يتضمن قانون الأحزاب نصوص ومواد تعمل على خلق مجالا واسعا للممارسة الديموقراطية تحديدا في ظل السياق العالمي الذي أصبح فيه مبدأ الديمقراطية والديمقراطية التمثيلية مثار جدل ونقاش واسع مما يطرح عدة تساؤلات حول دور الأحزاب في تحفيز ونشر قيم الديمقراطية، في هذا السياق نجد أن القانون المصري لم يتطرق لهذا المبدأ. ومن أهم التعديلات التي يجب إدخالها على قانون الأحزاب، هو استحداث مادة بالقانون تنص على ضرورة الانتخابات الداخلية للأحزاب والتي يجب أن تتم بصورة ديمقراطية كما نرى في الخبرة الإسبانية حيث نص الدستور على هذا.

من أهم المحفزات للممارسة الديمقراطية أيضا هي المحليات، لم يتطرق قانون الأحزاب الحالي للمحليات على الرغم من الدور الهام الذي تلعبه المحليات في أي نظام ديمقراطي راسخ، وعلى هذا فكما أشرنا للحالة الدانماركية فالإطار التشريعي المنظم لعمل الأحزاب هناك قد وضع شرط التمويل للأحزاب كأداة لتحفيز الأحزاب على الاهتمام بالمحليات والمشاركة بانتخاباتها حيث أنها من ناحية تعمل على خلق قاعدة شعبية واسعة للحزب وخصوصا الأحزاب الناشئة ومن الناحية الأخرى، فهي تعتبر ضمانة للعملية الديمقراطية حيث أنها تعمل على دمج المواطنين في عمليات صنع السياسات.

وعلى هذا فيجب أن ينص قانون الأحزاب صراحة على أهمية المحليات ووضع شروط لتمويل الأحزاب، من ضمنها أن يعمل الحزب على دخول الانتخابات المحلية، وأن يحصل على عدد محدد من الأصوات الانتخابية مقابل أن يحصل على دعم مادي من الدولة.

  • ضمان فاعلية الأحزاب والممارسات السياسية: تعتبر هذه الاستراتيجية بعيدة المدى حيث أنها جزءا من عملية إرساء مبادئ الديمقراطية. نجد هنا أن من أهم الإشكاليات التي قد تؤثر على مدى فعالية الأحزاب والممارسة السياسية هي قضية التمويل السياسي وهي ترتبط بشكل كبير بكيفية ضمان فاعلية وكفاءة الحزب السياسي، حيث أنه بالرغم من عدم ارتباط كفاءة الحزب بالتمويل، تحتاج الأحزاب السياسية للتمويل المناسب حتى تحقق وظائفها، وهنا تظهر إشكالية التداخل بين رأس المال والسياسة التي لم يحاول القانون تفاديها إلا في النقطة المتعلقة بالتمويل الأجنبي، وفي هذه الحالات يسيطر رأس المال على المجال العام مما يؤدي لوجود أحزاب بلا برامج وأهداف واضحة.

وعلى هذا فالاستفادة من التجارب والخبرات الدولية السابق ذكرها فيما يخص دعم الدولة للأحزاب، يتم النص في القانون على ضرورة الدعم المادي من قبل الدولة للأحزاب ولكن بشروط واضحة كما في النموذج الدانماركي مثل الدعم مقابل عدد الأصوات الانتخابية أو عن طريق استحداث هيئة كصندوق تمويل الأحزاب البرازيلي والذي يعتمد بشكل أساسي على التبرعات. يجدر الإشارة أيضا إلى ضرورة نص القانون على توفير الدولة للدعم العيني وذلك من خلال أن ينص القانون على حق الأحزاب في استخدام منشآت الدولة المخصصة للمؤتمرات والمعارض ومؤسسات الدولة الإعلامية المقروءة والمرئية بشكل مجاني أو بأسعار رمزية كما هو الحال في تجربة السويد وكذلك الإعفاء من رسوم الشهر العقاري للأحزاب محل التأسيس.

الهوامش:

 

[1] ) محمد العجاتي، قانون الأحزاب وخطوة جديدة نحو الديمقراطية، منتدى البدائل العربي، ديسمبر 2011.

[2] ) قانون تنظيم الأحزاب السياسية بتونس: http://is.gd/mSYHpY

[3] ) Political Parties in Germany, Found at: http://is.gd/z6n3dE

[4] ) Party Regulation in Europe: A Comparative Overview, Found at: http://is.gd/4ApILz

[5] ) Political Parties in Brazil – Laws, Found at:  http://is.gd/mGF3Ns

[6] ) Grants to Political Parties Act, Found at: http://is.gd/M9dk8y

[7] ) Party Regulation in Europe: A Comparative Overview, Found at: http://is.gd/4ApILz

[8] ) Political Parties in Brazil – Laws, Found at: http://is.gd/mGF3Ns

[9] ) قانون تنظيم الأحزاب السياسية بتونس: http://is.gd/mSYHpY

[10] ) قانون الأحزاب السياسية في المغرب: http://is.gd/CJNKah

[11] ) Spanish Constitution, Found at: http://is.gd/oldqJu

[12] ) Party Regulation in Europe: A Comparative Overview, Found at: http://is.gd/4ApILz

Start typing and press Enter to search