تقرير عن ندوة مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية

(10 سبتمبر 2012)

منتدى البدائل العربي للدراسات
مصر

نظم منتدى البدائل العربي للدراسات ندوة حول مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية، وذلك بمقره في 10 سبتمبر 2012. أدار الجلسة د. عمرو الشوبكي، رئيس المنتدى؛ وتحدث فيه كل من د. نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والسفير/ خالد عمارة، رئيس بعثة رعاية المصالح المصرية في إيران.

المتحدثة الأولى: د. نيفين مسعد (أستاذة العلوم السياسية- جامعة القاهرة)

في 30 يوليو 2012 انتقلت مصر إلى المرحلة الانتقالية الثانية، هل هذه المرحلة سوف تمثل اختلافا نوعيا عما قبل سواء فيما قبل الثورة أو حتى ما بعد الثورة وحتى تسلم الرئيس؟

هاجس الأمن القومي كان دائما هو المسيطر على التعامل مع العلاقات المصرية الإيرانية ومن ثم ومع سيطرة العسكر على السلطة فهذا البعد تزايد في الحساسية.

فيما بعد الثورة ووصول الإسلاميين للسلطة هناك قضية جامعة مشتركة وهى القضية الفلسطينية والتى ازدادت زخما بعد الثورة وهى نقطة جيدة في التعامل مع إيران.

هناك ثورتان إيران 1979 ومصر 2012 وكلاهما أنتج تيارا إسلاميا حاكما.

ملامح مرحلة مبارك: التراوح بين حدين.. علاقات باردة وعلاقات مواجهة سياسية ودبلوماسية وأحيانا عسكرية من خلال حرب الخليج الأولى والثانية.

بعد الثورة عندما ذكر خامنئى أن الثورة المصرية ثورة إسلامية على غرار إيران وهو ما أثار حفيظة الكثير من المصريين ثم جاءت قضية الجاسوس الإيراني وهى حادثة بها جانب كبير من الغموض، عندما أعلن نبيل العربي أن مصر تعتبر إيران دولة غير معادية فصدرت تصريحات مناوئة من دول الخليج فتم التأكيد على أن أمن الخليج خط أحمر وقام عصام شرف بزيارته لدول الخليج.

صدرت أكثر من إشارة من إيران أنها على استعداد لمعاونة مصر واستعادة العلاقات معها سواء عن طريق السياحة او تصدير القمح أو الزيارات المتبادلة شعبيا ورسميا، وقد كانت العلاقات الشعبية أكثر حراكا من العلاقات الرسمية.

هل اختلف أسلوب تعامل د محمد مرسي مع إيران؟ في الحقيقة لا فالمرحلة الانتقالية الثانية بدأت بأزمة ممثلة في أزمة وكالة ايرنا الإيرانية، ثم طرحت فكرة الزيارة في قمة عدم الانحياز والتردد بشأنها، زيارته للسعودية وإعلانه أن مصر والسعودية راعيتا الإسلام السني المعتدل، وبالتالي فالسلوك الرسمي المصري يغذى هذه النظرة الطائفية للعلاقات مع إيران، ثم الزج بالإعلام فى الصراع ومسألة الترجمة إرضاء للتيار السلفي المصري فى الداخل وشنه هجوما حادا على السياسة الايرانية تجاه الأزمة السورية لم يشنه على الصين مثلا، إيران لديها أوراق كثيرة ومختلفة فى المنطقة سواء فى العراق أو سوريا أو الخليج برمته والقضية الفلسطينية، في الأمد المنظور ليس ثمة ما يشير إلى عودة العلاقات وذلك بسبب الاضطرابات فى وزارة الخارجية وأيضا الفيتو السلفي بالداخل وتحفظاته فيما يخص المد الشيعي والحسينيات ومن ثم سيبقى الوضع على ما هو عليه.

المتحدث الثاني: السفير/ خالد عمارة (رئيس بعثة رعاية المصالح المصرية في إيران)

منذ الستينيات والعلاقات المصرية الإيرانية ينتابها شد وجذب متكرر، قطع علاقات على اثر اعتراف إيران بإسرائيل فى الستينيات ثم فى السبعينيات على اثر اتفاقية السلام ( العامل الإسرائيلي).

الآن هناك علاقات على مستوى رعاية المصالح بين البلدين ولكن مستوى العلاقات فى شكلها غير الرسمي مرتفع جدا ويتم التعامل وكأنها علاقات على مستوى السفارة.

تراجع دور مصر خلال أكثر من 20 عاما وربما منذ 1967 مصر تصنف دولة إقليمية كبرى بكل المقاييس ولكن تراجعها عن لعب هذا الدور أدى إلى فراغ ربما ملأته أدوارا فرعية، ومن ثم لابد من البحث فى أسباب تراجع هذا الدور والذي لاتقوم به بعيدا عن الأطراف الإقليمية العربية وغير العربية.

هناك تنافس استراتيجى بين القوى الإقليمية على المصالح والأدوار، نحن لدينا قوى معنوية بعد الثورة يمكن استغلالها كما اننا يمكن أن نقدم نموذجا للثورة له تأثير إقليمي كبير.

طبيعة العلاقة المستقبلية: استمرار التنافس الإقليمي شيء طبيعي ولا مفر من التفاهمات ومناطق التقاطع مع الدول الرئيسية الفاعلة سواء فى القضية السورية أو الفلسطينية وخاصة مع وجود قضايا مشتركة تتفتح وتزداد زخما، لماذا تأثير العامل الخارجى على عملية صنع القرار الداخلي المصري يتغير نحو مزيد من الاستقلالية وخصوصا فى الموضوعات التى تهمنا بشكل مباشر فى المنطقة ودون تغيير كبير فى تحالفاتنا على قوى كبرى؟ هناك تحول نحو تحقيق مصالح وطنية وليست مصالح شخصية، تغير النظرة الأمنية وتحولها إلى نظرة سياسية بشكل كبير سواء فى تطوير رؤيتنا لدورنا الإقليمي وعلاقاتنا الدولية، وصناعة السياسة الخارجية تتطور ومراكز الأبحاث المهتمة بها ربما يكون لها دور أكبر فى المستقبل للوصول إلى مزيد من الرشادة فى اتخاذ القرار وصنع السياسة.

ليست مجرد الزيارة تؤدي إلى عودة العلاقات فالغرض من الزيارة التى قام بها الرئيس هو تسليم قيادة منظمة عدم الانحياز ولا يصح ان تغيب مصر عن مثل هذه القمة والرئيس أكد فى أكثر من مرة اننا نريد علاقات طبيعية مع كل دول العالم وما يجب تغييره هو النظرة الأمنية.

العامل الخليجى: بعد قمة مكة ووفقا لوجود علاقات قوية بين مجمل دول الخليج وايران فليس ثمة ما يدعو هذه الدول للدفع بمصر بعيدا عن هذه القراءة لعلاقاتها.

نحتاج لقراءة عميقة ومتأنية لسياستنا الخارجية فى مجملها وماذا نريد من هذه السياسة ومن علاقاتنا مع كافة الفواعل من جديد.

هناك عدة دوائر مشتركة للتحرك بين الدولتين مثل الشرق الأوسط الكبير والدائرة الإسلامية وما تحمله من مصالح اقتصادية كبري وخصوصا بعد معاناة الدول الغربية من الأزمات المالية وتحرك القوى الاقتصادية فى اتجاه الشرق والجنوب ولابد من أخذها في الاعتبار، وكذلك هناك دائرة عدم الانحياز، هناك دائرة الأمن الاقليمي فى البحر الأحمر والخليج العربي ومفاتيح المنطقتين فى مصر وايران.

استعادة الدور المصري يجب أن يظل هاجسا أساسيا لمصر الآن وعلى الدوام ومن ثم تطوير علاقاتنا دوما، مصر لديها القوة الناعمة المتميزة ويمكن أن تجنبنا الصراع الطائفي باسلامها الوسطى ومؤسساتها الدينية العريقة ولجان التقريب بين المذاهب والتبادل العلمي الذي يمكن تمشيطه، تجاوز نظرية المؤامرة وأننا دوما مستهدفين وتجاوز فكرة المد الشيعي والتشيع والهلال الشيعي ومواجهتها بالفكر وليس بالمقاطعة أو الصراع.

· مداخلات من القاعة:

تمحورت المداخلات والأسئلة من القاعة حول عدد من النقاط، نجملها فيما يلي:

كان أحد الآراء المطروحة من القاعة يركز على أن مصر بحاجة إلى استغلال القوى المعنوية التي تملكها أكثر في المرحلة الراهنة من خلال نموذج ميدان التحرير، ولكن هناك ملاحظة ان الحديث عن نموذج التحرير بدأ يخفت وعلينا أن نقدم نموذج  ديمقراطي حديث في بناء الدولة. فهنا أنساق من العلاقات ترتبط بطريقة اتخاذ القرار سواء فى السياسة الخارجية، كيفية استغلال القوة الناعمة المصرية بعثات وتبادل طلابي وسينما ومسرح وإذاعة مصرية مثلما كان الحال فيما سبق.

وهو ما عقبت عليه مداخلة أخرى من القاعة بأن الدور المصري موجود وأدواته الناعمة وغير الناعمة كذلك لكنك لا تمارسه، الخلل فيمن يتخذ القرار. أما عن استعادة العلاقات المصرية الإيرانية، فقد أدت المداخلة على أن الملف مفتوح ولكن مصر ليس سهلا أن يمارس عليها ضغطا، وخاصة بالنظر إلى مسألة الكرامة المصرية. فعودة العلاقات مع إيران امرا مطلوبا. وهنا أكدت المداخلة على أن الخارجية المصرية ترى أن الدبلوماسية العادية الإيرانية متميزة، لكن السياسة الرسمية الإيرانية ليست منضبطة كالسياسة الخارجية الإسرائيلية.

تساءلت مداخلة أخرى من القاعة حول من يغذى البعد الطائفي فى العلاقات ايران أم مصر؟ مشيرة إلى قضية اقليم الأحواز فى ايران الذي تسكنه أقلية سنية، وكذلك دعم النظام السوري والثورة فى البحرين، فبهذه الحالة هل يمكن اعتبار ايران تشكل تهديدا اقليميا؟

طرح من القاعة أيضا مجموعة أسئلة حول الدور الخليجى ومساحة الضغط التى يمارسها على مصر في ملف استعادة العلاقات المصرية الإيرانية؟ كما ثار سؤال آخر حول الخارجية المصرية وهل فوجئت بحجم التصعيد تجاه سوريا؟ وما هو دور وزارة الخارجية فى صناعة السياسة الخارجية المصرية عموما؟

· ردود المتحدثين:

د. نيفين مسعد

ما اريد ان اقوله ان قطع العلاقات لم يؤد إلا إلى زيادة الدور الايرانى وجزء كبير من الحل فى أيدي ايران، ايران الآن قوية وموجودة فى الخليج والعراق وفلسطين أكثر مما قبل قطع العلاقات معها، كل دول العالم ماعدا مصر واسرائيل وامريكا التى لا تملك علاقات كاملة مع ايران، ومن ثم لابد من كسر هذا المثلث، ولعل المبادرة المصرية تجاه سوريا واجتماع وزراء خارجية الدول الأربعة اليوم فى القاهرة بداية لتفعيل هذه العلاقات.

أري فيما قال له السفير خالد عمارة دبلوماسيا أكثر منه سياسيا فتأثير الخارجى على الداخلي تزايد بشكل كبير فزيارة الرئيس ورئيس الوزراء للسعودية أولا هى دليل على تزايد التأثير الخليجى على مصر ما بعد الثورة، الامارات هي الشريك التجاري رقم واحد لإيران ونظرتهم لمصر باعتبارها حائط صد وهذا مبالغ فيه.

النظرة السياسية والنظرة الأمنية لو اعتبرنا الموضوع سياسيا محضا فإن التخوف من المد الشيعى ليس له مبرر. النظرة الأمنية ليست فقط مسألة جواسيس وانما تفكيك اللحمة الوطنية هو موضوع أمني، تصدير الهاجس الشيعي لنا أمر مرفوض، ايران تجيد المناورة السياسية بشكل كبير سواء فى برنامجها النووي وفى تغلغلها فى الخليج.

السفير/ خالد عمارة

نتمسك بالحق فى الاستخدام السلمي للطاقة النووية سواء لايران أو غيرها ومصر لديها مبادرة لاخلاء الشرق الأوسط من الاسلحة النووية وامتلاك ايران للتكنولوجيا النووية السلمية مهم فى تدعيم موقف مصر

النواحي الاقتصادية فى العلاقة مع ايران مهمة وهى دولة بترولية كبرى ولديها علاقات تجارية كبرى مع دول كثيرة من الشرق إلى الغرب حجم التبادل التجاري مع نيجيريا 8 مليارات دولار، واندونيسيا 12 مليار دولار، بينما مع مصر 126 مليون دولار فقط، ويمر 85% من النفط الايراني فى خط سوميد، الفيتو الخليجى على العلاقات مرتبط بالمصالح التجارية والاقتصادية اساسا، عدم وجود مصر لسنوات عديدة أدى إلى تغلغل ايران لملء الفراغ الذي تركته مصر.

مسألة المصالح والقيم: قوة النموذج الذى نستطيع أن نقدمه قيميا وسياسيا هى التى ستحكم وضعنا فى السياسة الدولية فى المرحلة المقبلة.

دور الخارجية فى صنع السياسة: القيادة السياسية اليوم خاضعة للمحاسبة ومن ثم فإنها تستشير المؤسسات ومنها وزارة الخارجية فى أمور كثيرة.

مسألة الاستقلالية فى السياسة الخارجية الاستقلال التام ليس موجودا ومصر بدأت تنطلق من مصالحها سواء فى الملف السوري او غيره من الملفات وحضورها قمة عدم الانحياز بعد زيارة السعودية مصلحة وطنية، والسياسة الخارجية انعكاس لقوة الدولة داخليا.

Start typing and press Enter to search