تقييم سياسات الإسكان في مصر
شيماء الشرقاوي
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [144.87 KB]

مقدمة:

أقر ميثاق الأمم المتحدة أن الحق في السكن هو حق أصيل من حقوق الإنسان، وهو ما يعرف بـ”حق الإنسان في السكن اللائق: حق كل امرأة ورجل وشاب وطفل في الحصول على بيت آمن يأويه، ومجتمع محلي ينتمي إليه ويعيش فيه في ظل السلم والكرامة”[1]. وقد غابت نصوص تلزم الدولة على احترام الحق في السكن وحقوق عمرانية أخرى عن دساتير مصر حتى ظهرت مادة فى دستور 2012 وبعده دستور 2014. حيث أن المادة (63) حظرت التهجير القسرى التعسفى، وجاءت المادة (78) لتنص على أن الدولة تكفل للمواطنين الحق فى السكن الملائم… بما يحقق العدالة الاجتماعية[2]. وعلى هذا فهذه الورقة تهدف لتقييم سياسات الإسكان فى مصر فى إطار المشروع الأخير الذى ستنفذه شركة “أرابتك الإماراتية” بالمشاركة مع الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، فى محاولة لفهم سياسات الدولة حول أزمة الإسكان.

أزمة الإسكان فى مصر:

تعد أزمة الإسكان من أهم الأزمات الملحة التى تواجهها الدولة منذ عدة عقود حيث قد أدى ارتفاع معدل النمو السكاني وزيادة تيارات الهجرة من الريف إلى المدن، إلى صعوبة مواجهة الزيادة السكانية في المناطق الحضرية ومتطلباتها من خدمات ومرافق، مما أدى إلى ظهور المناطق العشوائية وتضخم حجم الإسكان غير الرسمي منذ منتصف السبعينيات. وقد برزت مشكلة الإسكان في مصر بصورة حادة مع ارتفاع معدلات النمو السكاني وتزايد الهجرة المكثفة من الريف إلى المدينة وتدخل الدولة في سوق البناء وإصدارها عدة قوانين لتخفيض إيجار المساكن لصالح الطبقات الفقيرة أدى إلي إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في الإسكان الاقتصادي وبحيث كان على الدولة تحمل عبء القيام بتوفير الإسكان الاقتصادي للفئات الفقيرة من المجتمع. يمكن أن نجمل أهم أسباب هذه المشكلة فيما يلي:

  • انخفاض العائد الاستثماري في مجال الإسكان بصفة عامة والإسكان الاقتصادي والمتوسط منه بصفة خاصة، مقارنة بعائد الاستثمار بالأنشطة الاقتصادية الأخرى.
  • صدور مجموعة من التشريعات انطلق معظمها من منظور سياسي مرحلي أدت إلى إعاقة حركة البناء بصفة عامة بالنسبة للطبقة المتوسطة التي تمثل عصب الاستثمار في مجال الإسكان الاقتصادي والمتوسط.
  • التناقص المستمر في مساحات الأراضي الصالحة للبناء نتيجة لتوطين السكان على مساحة لا تتجاوز 4% من المساحة الكلية للجمهورية، مما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار أراضي البناء والزحف على الرقعة الزراعية بمعدل وصل إلى حوالي 60 ألف فدان سنويا.
  • وأخيرا، الارتفاع النسبي في تكلفة بناء الوحدات السكنية قياسا إلى القدرة الاقتصادية لغالبية أبناء الشعب المصري ذوي الدخول المتوسطة و المنخفضة.[3]

سياسات الدولة حول الإسكان:

ﻟﺟﺄﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻣﻧﺫ ﺍﻟﺳﺑﻌﻳنيات ﺇﻟﻰ ﺳﻳﺎﺳﺔ ﺇﻧﺷﺎء ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﻟﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺍﻟﺳﻛﺎﻧﻳﺔ، ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﺗﻳﺢ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻣﻌﺩﺓ ﻟﻠﺑﻧﺎء ﺑﺄﺳﻌﺎﺭ أﻗﻝ ﺑﻛﺛﻳﺭ ﻋﻥ ﻣﺛﻳﻼﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﻘﺩﻳﻣﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍﺗﺟﺎﻩ ﻣﻭﺍﺯﻱ ﺷﺟﻌﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺟﻣﻌﻳﺎﺕ ﺍﻟﺗﻌﺎﻭﻧﻳﺔ ﻟﻺﺳﻛﺎﻥ ﻭﻗﺎﻣﺕ ﺑﺗﺯﻭﻳﺩﻫﺎ ﺑﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺗﺳﻬﻳﻼﺕ. ﻭﻟﻘﺩ ﻣﺛﻠﺕ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﺑﻣﺻﺭ ﺃﺣﺩ ﻣﺣﺎﻭﺭ ﺍﻟﺗﻧﻣﻳﺔ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﺃﺣﺩ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻣﻭﺍﺟﻬﺔ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﺣﺩ ﻣﻥ ﺍﻟﺯﺣﻑ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻲ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻭﺯﻳﻊ ﺍﻟﺳﻛﺎﻥ ﻭﺗﺣﻘﻳﻕ ﺍﻻﺳﺗﻘﺭﺍﺭ ﺍﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺗﺻﺎﺩﻱ ﺑﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻙ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﻋﺩﺓ ﺍﻋﺗﺑﺎﺭﺍﺕ ﻟﺗﺧﻁﻳﻁ ﻭﻧﻣﻭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ. ﻭﻟﻘﺩ ﺑﺩﺃﺕ ﻓﻛﺭﺓ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﻣﺻﺭ ﻣﻊ ﻣﻧﺗﺻﻑ ﺍﻟﺳﺑﻌﻳﻧيات ﻭﺍﻣﺗﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺗﺳﻌﻳﻧيات ﻭﺫﻟﻙ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺟﻳﺎﻝ ﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﻹﻧﺷﺎء ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﻭﺗﺷﻣﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺭﺍﺣﻝ ﺍﻟﺯﻣﻧﻳﺔ ﺃﻧﻣﺎﻁ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ (ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﺎﺑﻌﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﻭأﻡ- ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﻌﺷﺭ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ). ﻭﻟﻘﺩ ﺗﻛﻠﻔﺕ ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩﺓ ﻓﻲ ﻣﺻﺭ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ 50 ﻣﻠﻳﺎﺭ ﺟﻧﻳﻪ ﻣﻧﻬﺎ 4.6 ﻣﻠﻳﺎﺭ ﺟﻧﻳﻪ ﻹﻧﺷﺎء ﻭﺣﺩﺍﺕ ﺳﻛﻧﻳﺔ، ﺑﺟﺎﻧﺏ 15 ﻣﻠﻳﺎﺭ ﺟﻧﻳﻪ ﻓﻲ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﻣﺭﺍﻓﻕ ﻭﺍﻟﺧﺩﻣﺎﺕ. ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﻟﻡ ﻳﺣﻘﻕ ﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﺧﻁﻁ ﻟﻪ ﺣﻳﺙ ﺗﻡ ﺍﺳﺗﻳﻌﺎﺏ ﻧﺣﻭ 800 ﺃﻟﻑ ﻧﺳﻣﺔ ﻓﻘﻁ ﻣﻥ ﺃﺻﻝ 8 ﻣﻠﻳﻭﻥ ﻧﺳﻣﺔ ﺑﻧﺳﺑﺔ 10% ﻓﻘﻁ ﻣﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﺧﻁﻁ. (طبقا لوﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﻣﺭﺍﻓﻕ – 1997). ﻭﻗﺩ ﺍﺳﺗﻠﺯﻡ ﻟﺗﺣﻘﻳﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺧﻁﻁ ﺍﻟﻁﻣﻭﺣﺔ ﻟﺗﻭﻓﻳﺭ ﺍﻟﺳﻛﻥ ﺍﻟﻣﻼﺋﻡ ﻟﻠﺷﺭﺍﺋﺢ ﺍﻟﻣﺗﻭﺳﻁﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻳﺭﺓ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﻭﻓﻳﺭ ﻋﺩﺩ ﻣﻥ ﺑﺭﺍﻣﺞ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﻣﺩﻋﻭﻣﺔ (ﺍﻟﺗﻌﺎﻭﻧﻳﺔ) ﺑﻠﻐﺕ ﻗﻳﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﻣﻥ 1982 ﻭﺣﺗﻰ 2001 حوالي 13.5 ﻣﻠﻳﺎﺭ ﺟﻧﻳﻬﺎ ﻣﺻﺭﻳﺎ، ﻭﻁﺑﻳﻌﺔ ﺃﻏﻠﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ أنها ﻛﺎﻧﺕ ﺗﻣﻧﺢ ﻓﺗﺭﺍﺕ ﺳﺩﺍﺩ ﻁﻭﻳﻠﺔ (40:30 ﺳﻧﺔ) ﻣﻊ ﻓﺗﺭﺍﺕ ﺳﻣﺎﺡ ﺗﺻﻝ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺙ ﺳﻧﻭﺍﺕ، ﻟﺗﻭﺳﻳﻊ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻣﺳﺗﻔﻳﺩﻳﻥ ﻣﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﻣﻥ ﺍﻷﺳﺭ ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ ﺍﻟﺩﺧﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺻﻰ ﻗﺩﺭ ﻣﻣﻛﻥ. ﻭﻗﺩ ﺃﻣﻛﻥ ﻟﻠﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﻲ ﺇﻧﺟﺎﺯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻛﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﺣﺩﺍﺕ ﺍﻟﺳﻛﻧﻳﺔ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﻣﻧﻅﻭﻣﺔ ﻋﻣﻝ ﺷﻣﻠﺕ ﻋﺩﺩﺍ ﻣﻥ ﺍﻷﺟﻬﺯﺓ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﻳﺔ ﻭﻫﻲ: ﻫﻳﺋﺔ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﺟﺩﻳﺩة، وقد أنشئت الهيئة بالقانون رقم 59 لسنه 1979 بهدف خلق مراكز حضارية جديدة تحقق الاستقرار الاجتماعى والرخاء الاقتصادى، إعادة توزيع السكان بعيدا عن الشريط الضيق لوادى النيل، إقامة مناطق جذب مستحدثة خارج نطاق المدن والقرى القائمة، مد محاور العمران الى الصحراء والمناطق النائية  للحد من الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية، وهناك أيضا ﺍﻟﻬﻳﺋﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺗﻌﺎﻭﻧﻳﺎﺕ ﺍﻟﺑﻧﺎء ﻭﺍﻹﺳﻛﺎﻥ، وﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻣﺷﺭﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻣﺷﺗﺭﻛﺔ، وﺻﻧﺩﻭﻕ ﺗﻣﻭﻳﻝ ﺍﻹسكان، ولقد قام هذا الصندوق بإنشاء عدد من الوحدات السكنية يصل إلى 34 ألف وحدة حتى عام 2001، وذلك من خلال منح قروض ميسرة للشباب لتملك هذه الوحدات، وقد تم التعاون مع هيئة التجمعات العمرانية الجديدة لتوفير الأراضي المزودة بالمرافق الأساسية، مع تطوير نماذج الإسكان معماريا وتخطيطيا وذلك بما لا يؤثر علي زيادة تكلفة الوحدة.

المشروعات السابقة:

كان هناك العديد من مشروعات الإسكان الكبيرة نذكر منها مشروع إسكان مبارك القومى للشباب: والذى بدأ العمل عليه فى 2005 ليتم تسليم كافة وحداته فى سبتمبر 2011، وتم تخطيط هذا المشروع لإحداث طفرة حقيقية في إسكان الطبقة المتوسطة والفقيرة، وذلك من خلال توفير مسكن عصري للشباب بتكلفة اقتصادية وملائمة للشرائح السكانية المستهدفة. ويصل حجم المشروع إلى 70 ألف وحدة سكنية علي ثلاث مراحل، وبمسطحات مرنة من ( 100 م 2 إلى 63 م 2) للوحدة السكنية، وتصل تكلفة الوحدة من (28.5 ألف جنيه إلى 51 ألف جنية) تتحمل الدولة (20% إلى 45%) من تكلفة الوحدة ويسدد الملاك باقي التكلفة من (خلال قروض ميسرة على 40 سنة. وتبلغ القيمة الاستثمارية لهذا المشروع (4 مليار جنيه) تتحمل الدولة نحو 1.5 مليار جنيه دعما للشباب. وهناك أيضا مشروع إسكان المستقبل: والذى يمثل إتجاه أخر في تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادية في مصر، حيث يعتمد بشكل أساسي علي التمويل الأهلي والخاص بجانب تبرعات رجال الصناعة والأعمال في مصر، مما يرسم صورة للتعاون بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية والشعبية. ويهدف المشروع إلى إقامة نحو 70 ألف وحدة سكنية اقتصادية (63 م 2)، في أراض مزودة بالمرافق الأساسية بالمدن الجديدة بتكلفة إجمالية 1.2 مليار جنية منها مليار جنيه من خلال جمعية إسكان المستقبل عبر التبرعات والمشاركة الأهلية بالتمويل.[4]

تفاصيل مبادرة مشروع إنشاء مليون وحدة سكنية بالتعاون بين شركة أرابتك القابضة ووزارة الدفاع المصرية:

أعلنت أرابتك القابضة، مجموعة الشركات الرائدة المتخصصة في تنفيذ المشروعات الهندسية والإنشائية الضخمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمدرجة في سوق دبي المالي، يوم 9 مارس 2014 عن توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع والإنتاج الحربي، بالنيابة عن حكومة جمهورية مصر العربية، لتطوير وإنشاء أكبر مشروع من نوعه في المنطقة، لإسكان ذوي الدخل المحدود في مختلف أنحاء مصر. وقد تم توقيع مذكرة التفاهم لتطوير وإنشاء مليون وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود وتنص مذكرة التفاهم على تكليف أرابتك بتطوير وإنشاء مليون وحدة سكنية في ثلاثة عشر موقعا في عدد من المحافظات في جمهورية مصر، وذلك ضمن جهود القيادة المصرية لتوفير السكن الملائم للمواطنين المصريين من ذوي الدخل المحدود والحد من تفاقم مشكلة السكن الناجمة عن الزيادة المطردة في أعداد السكان. يعتبر هذا المشروع الأكبر من نوعه في المنطقة إذ تبلغ تكلفته الإجمالية 280 مليار جنيه مصري (أي ما يوازي 40 مليار دولار أمريكي) وسيتيح لملايين المواطنين المصريين العيش في مجمعات سكنية متكاملة تتوفر فيها كل المرافق والخدمات العامة التي يحتاجون إليها من مدارس ومستشفيات ومتنزهات ودور للعبادة. وستتولى شركة “أرابتك للتطوير العقاري” مهمة تطوير المشروع على عدة مراحل تمتد إلى خمس سنوات، ويعتبر هذا الاتفاق بمثابة باكورة المشروعات التي تسعى شركة أرابتك للتطوير العقاري تنفيذها ضمن جهودها الرامية لتعزيز حضور شركاتها في مصر. وستقوم أرابتك للإنشاءات في مصر التابعة لأرابتك القابضة بتنفيذ المشروع الذي من المتوقع أن يوفر ما يزيد عن مليون وظيفة للشباب المصري. وقد أعربت مجموعة من البنوك المصرية والأجنبية عن استعدادها المبدئي لتوفير حلول مالية مبتكرة لتمويل التملك في هذه المشروعات بشروط ميسرة جدا بمتناول فئات كبيرة من الشعب المصري ولفترة تمتد إلى عشرين سنة. وستقام هذه المجمعات السكنية في ثلاثة عشر موقعا في عدد من محافظات مصر وتبلغ المساحة الإجمالية للأرض التي ستنشأ عليها ما يزيد عن 160 مليون متر مربع، منها 149 مليون و420 ألف متر مربع في محافظة القاهرة (موزعة ما بين مدن العبور، والعاشر من رمضان، وبدر، والإخلاص). وتتوزع المساحات المتبقية ما بين محافظات الإسكندرية (مدينة برج العرب الجديدة – 964 ألف متر مربع) والمنوفية (مدينة السادات – مليونان و880 ألف متر مربع)، والفيوم (مدينة الفيوم الجديدة –مليونان و200 ألف متر مربع)، وبني سويف (مدينة بني سويف الجديدة – 864 ألف متر مربع)، والمنيا (مدينة المنيا الجديدة – مليون و640 ألف متر مربع)، وأسيوط (مدينة أسيوط الجديدة – 900 ألف متر مربع) وسوهاج (مدينة سوهاج الجديدة – مليون و160 ألف متر مربع) وقنا (مدينة قنا الجديدة – 264 ألف متر مربع)، والأقصر (مدينة طيبة الجديدة – 328 ألف متر مربع). وتبلغ المساحة المبنية الإجمالية لهذه المشروعات أكثر من 5 ملايين متر مربع. هذا ويتوقع أن تبدأ أعمال الإنشاء في الربع الثالث من العام الحالي، على أن تسلم أولى الوحدات في مطلع 2017، وتكتمل جميعها قبل عام 2020، علما بأن أرابتك والجهات الحكومية المختصة في مصر في المراحل النهائية من توقيع اتفاقيات نهائية تتضمن آليات تنفيذ هذه المشروعات.[5]

تقييم المشروع فى ظل أزمة الإسكان:

وعلى الرغم من السياسات التى تتبعها الدولة والمشروعات القائمة، لم تُحل الأزمة بل هي في تفاقم مستمر.

وتُعد الميزانية المخصصة للعمران محدودة حيث أن متوسطها خلال الأعوام الخمسة الماضية كان فقط 10% من الموازنة العامة. كما أن الوزارات القطاعية تهيمن على 92% من ميزانية العمران، و9.1% من موازنة الدولة تاركة 0.9% يتوزع على الـ٢٧ محافظة. يزداد الواقع سوءا حين نتطرق إلى التوزيع الجغرافى والعمرانى لهذه الميزانية. فمن جهة، هناك غياب فى تناسب الميزانيات المخصصة لمحافظات بعينها، خصوصا العاصمة، بالمقارنة بعدد السكان، كما أن نحو22% من ميزانية الإسكان ومياه الشرب والصرف الصحى يخصص للمدن الجديدة، والتى يسكنها أقل من 2% من المواطنين، شهد الإسكان الإجتماعى عملية مركزة خلال العقد الماضى حيث انخفضت نسبة تمويل المحافظات من نحو 40% من الإسكان إلى نحو الصفر، فهى الآن تعتمد فقط على صندوق الإسكان التابع لها والذى لا تموله الخزانة المركزية. فى المقابل هيمنة وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة على عملية الإسكان الإجتماعى حيث تخصص كامل ميزانية الإسكان لها ويتم تصميم المساكن وطرح المناقصات من خلال الجهاز التنفيذى للمشروع القومى للإسكان أو هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعتان لها، ولكن يتم تخصيص الأراضى بالمحافظات عن طريق الإدارة المحلية كما يتم تخصيص الوحدات عن طريقها أيضا. يمثل متوسط الإنفاق الحكومى على العمران فى مصر عبر الأعوام الخمسة الماضيىة فقط 10% من الموازنة العامة. فرغم زيادة القيمة من نحو 43.3 مليار جنيه عام 2008-2009 إلى 49.3 عام 2012-2013، لكن تأرجحت نسبة الإنفاق على العمران من الموازنة العامة حيث أعلى نسبة كانت 13.1% عام 2009-2010، وأقل نسبة هى عام ثورة يناير2011 حيث انخفضت 42% عن العام السابق عليها إلى 7.6 فقط من الموازنة العامة. تعافى الإنفاق الحكومى على العمران تدريجيا منذ عام 2011 حتى وصل إلى 9.9 % من الموازنة عام 2013 / 2012. بالمقارنة يصل الإنفاق الحكومي على العمران بدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى بين 14 و20% من الموازنة العامة، علما بأن تم خصخصة نسبة أكبر من الخدمات العمرانية بهذه الدول، حيث يشارك القطاع الخاص فى العديد من القطاعات الخدمية. مشاركة القطاع الخاص فى مصر مقتصرة على القطاع الأهلي عند بناء مجتمعات المجهودات الذاتية وإمداد المرافق لها، أو بعض مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص الكبير.[6]

أما بالنسبة للمبادرة الأخيرة لمشروع المليون وحدة سكنية، فعلى الرغم من كونها مبادرة هامة وهناك العديد من المميزات لهذا المشروع، من ضمنها أنه سيتيح فرص عمل ووظائف للشباب فى ظل وجود أزمة بطالة، وسيعمل على إنعاش الوضع الاقتصادي ومن شأن هذا المشروع أيضا أن يعمق من العلاقات المصرية-الإماراتية عن طريق زيادة الاستثمارات، وإذا تم تنفيذ المشروع بالكامل سيعتبر نقلة هامة فى طريق حل أزمة الإسكان. ولكن هذا لا ينفى وجود العديد من التساؤلات حول المشروع خاصة فى ظل وجود أزمة فى الرقابة على مشروعات الإسكان بشكل عام تحديدا مع عدم وجود برلمان حاليا وصعوبة الرقابة المدنية على مشروعات القوات المسلحة بصفة خاصة. تظهر أيضا تساؤلات حول السبب وراء إسناد هذه المهمة لقطاع الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وتوقيع وزارة الدفاع مذكرة التفاهم بالنيابة عن الحكومة المصرية وعدم إسناده للوزارة المخولة بمشروعات العمران أي وزارة الإسكان، وأيضا قلة المعلومات المتاحة حول المشروع مما يوحي بأجواء من عدم الشفافية فى ظل المحاولات لبناء نظام ديمقراطي فتظهر تساؤلات حول ما إذا كان سيتم الدمج بين التجنيد الإجباري والعمل في هذا المشروع كما يحدث فى بعض مشروعات القوات المسلحة الأخرى.

وتظهر مشكلة آخرى وهي الكيفية التى سيتم بها توزيع الوحدات السكنية هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن مشروع مبارك للإسكان لم يتم تسليمه بالكامل حيث أنه كان من المقرر أن يتم تسليمه في سبتمبر 2011 وأدى قيام ثورة يناير لعدم وضوح مصير هذا المشروع وقضايا الفساد التى شابته. مما يطرح العديد من التساؤلات حول تنفيذ هذا المشروع أيضا خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تتعرض لها البلاد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من العناصر المكونة للحق في مستوى معيشي ملائم، وبالحق في عدم التمييز في هذا السياق:

http://www.ohchr.org/AR/Issues/Housing/Pages/HousingIndex.aspx

[2] ) حقوق السكن والعمران:

http://blog.shadowministryofhousing.org/p/blog-page_1.html

[3] ) أيمن عفيفى، ﻧﺣﻭ ﺗﻔﻌﻳﻝ ﺍﺳﺗﺭﺍﺗﻳﺟﻳﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﺗﻁﻭﻳﺭ ﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﺗﻭﻓﻳﺭ ﻭﺗﻳﺳﻳﺭ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ؛ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺣﻠﻳﻠﻳﺔ ﻟﻠﺗﺟﺭﺑﺔ ﺍﻟﻣﺻﺭﻳﺔ، يوجد فى:

http://www.cpas-egypt.com/pdf/Ayman_Afify/12th%20-%20Paper.pdf

[4] ) المرجع السابق

[5] ) أرابتك توقع اتفاقا تاريخيا مع وزارة الدفاع المصرية لتطوير وإنشاء مليون وحدة سكنية في مصر:

http://www.arabtecholding.com/Page.aspx?PageId=70&id=338

[6] ) يحيى شوكت، العدالة الاجتماعية والعمران..خريطة مصر، منشور برخصة المشاع الإبداعي: النِّسبة-غير التجاري-بذات الرُّخصة 3، موقع وزارة الإسكان الظل:

http://blog.shadowministryofhousing.org/p/blog-page_2887.html

Start typing and press Enter to search