تشهد الساحة السياسية المصرية جدلا حول المشاركة أو مقاطعة الانتخابات البرلمانية التى دعا اليها رئيس الجمهورية. وبينما اتجهت أغلب القوى المعارضة إلى خيار مقاطعة الانتخابات في البداية، فإن قرار محكمة القضاء الإداري الأسبوع الماضي بوقف قرار الدعوة للانتخابات يعيد طرح خياري المشاركة والمقاطعة على جميع القوى السياسية. تسعى هذه الورقة إلى تقييم كل من الخيارين، وما يقدماه من مكاسب وخسائر لكل طرف.
الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية
تتزامن الانتخابات القادمة مع وضع اقتصادي صعب، حيث تمر مصر بأزمة اقتصادية حقيقية تتمثل في: ارتفاع معدل التضخم، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم الشهري خلال فبراير الماضي بنسبة 2.8% مقارنة بشهر يناير السابق عليه، ليرتفع التضخم إلى أعلى معدل شهري له منذ سبتمبر 2010. كما ارتفع سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري خاصة الدولار الأمريكي. بالإضافة إلى الزيادة في أسعار السلع في كل القطاعات خاصة أسعار الطعام والشراب وارتفاع أسعار سلع الدواء. كما واصل الاحتياطي من النقد الأجنبي تراجعه طبقا لتقارير البنك المركزي.
على الصعيد الاجتماعي تشهد مصر حراكا اجتماعيا غير مسبوق يتمثل في عدد الاحتجاجات الاجتماعية المتنوعة في المحافظات والتي وصلت لما يقرب من 830 حدث احتجاجي في شهر فبراير فقط، كما تشهد مدن القناة إضرابات وصلت للعصيان المدني وتشهد مدن مثل المنصورة وكفر الشيخ مواجهات عنيفة مع الشرطة بالإضافة إلى انسحاب قوات الشرطة من العديد من أقسام الشرطة في عدة محافظات.
المعارضة والمشاركة: حسابات المكسب والخسارة
قبل منافشة حجج الفريقين المؤيد والمعارض للمشاركة في الانتخابات، يجب التأكيد على أن قرار كل من الفريقين، يعد مجرد وسيلة سواء للضغط على النظام من داخل المنظومة (قرار المشاركة) أو الضغط عليه لتعديل النظام من خارج المنظومة (فكرة المقاطعة).
المقاطعة وحججها
جاءت حجة المعارضة في مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة بناءً على بعض الاعتبارات السياسية والمجتمعية منها عدم الرغبة في البناء على قواعد لعبة غير صحيحة وغير توافقية أو دستورية فهناك دعوة أمام المحكمة الدستورية تطالب بحل مجلس الشورى ولم يتم البت في أمرها حتى الآن، فضلا عن رفض المعارضة لقانون الانتخابات المعيب، كما أن حال الشارع المصري ملتهب في بعض المحافظات والمدن كالمنصورة وبورسعيد وكفر الشيخ، وبالتالي فإن قرار المقاطعة لا يمثل سوى الأداة الأخيرة في أيدي المعارضة لتغيير المسار السياسي بالكامل، ومقاطعة العملية السياسية برمتها انتظارا لسقوط النظام. ومن أبرز حجج المقاطعة:
المشاركة وحججها
وعلى الجانب الآخر دعت بعض الأحزاب والقوى السياسية كأحزاب الوسط ومصر القوية والأحزاب السلفية إلى المشاركة في الانتخابات انطلاقا من فكرة رئيسية مفادها عدم السماح لفصيل بعينه باستئثار السلطة، وجاءت حججهم في المشاركة كما يلي:
تقييم
يبدو خيار مقاطعة الانتخابات خلال اللحظة الحالية هو الاكثر ترجيحا في أوساط المعارضة ولدى قطاع واسع من الرأي العام، نتيجة صعوبة إجراء الانتخابات في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية الحالية. فقد بات واضحا أن المسار السياسي المشوه الذي دخلت فيه مصر فشل الإخوان في إصلاحه وبات قريبا من الانهيار خلال وقت قصير، بشكل أساسي بسبب فشل النظام السياسي على حل المشكلات القائمة، وليس بسبب دور المعارضة، وذلك لعدة أسباب:
أما إذا اختار النظام الحاكم التغيير من سياسته وأبدى قدرا من الانفتاح على الحوار مع جبهة الإنقاذ فقد تستطيع المعارضة أن تستخدم ورقة المشاركة في الانتخابات خلال مفاوضاتها مع مؤسسة الرئاسة.