نحو قانون جديد للانتخابات البرلمانية
عمرو الشوبكي
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [0.97 MB]

مقدمة:

لا تفصل القوانين على مقاس تيار أو قوى سياسية بعينها إلا في النظم التسلطية والاستبدادية، إنما تكتب من أجل الصالح العام وتقدم المجتمع ودفعه للأمام، هكذا يجب أن نتعامل مع أي أفكار خاصة بقانون الانتخابات البرلمانية الجديد، فالحديث عن قانون لصالح التيار المدني وآخر لصالح التيار الإسلامي أمر لا يجب أن يحكم عملية صياغة أي قانون جديد للانتخابات، لأنه أقرب لنظرية “حجة البليد مسح التختة”، لأن فكرة القانون التفصيل مستهجنة ليس فقط لتعارضها مع الصالح العام، إنما أيضا لأن البعض يتصور إنه بدلا من أن يعمل في الشارع ويبني مؤسسة سياسية حقيقية يستسهل الحديث عن قانون انتخابات يداري عجزه أو فشله السياسي.

والحقيقة إنه لا يوجد أي قانون سواء قائمة أو فردي يمكن أن ينقذ تيار بعينه من أزمته ويعزز من فرص نجاحه دون أن يقوم بعمله في بناء مشروعه السياسي والحزبي واختيار أعضائه ومرشحيه وضبط خطابه السياسي والإعلامي وليس البحث عن قانون تفصيل يتصور واهما إنه سينقذه مما هو فيه.

والمؤكد أن في مصر جدل ممتد حول القانون الأمثل للانتخابات وهل الأنسب هو تبني نظام الفردي أم نظام القوائم، وهل الأول يكون مطعما بقوائم أم لا، وهل القوائم تكون مغلقه أم مفتوحة.

نعم للفردي المطعم بقوائم

يجب أن يحكم أي قانون فلسفة أو رؤية محددة للواقع السياسي والاجتماعي، وقانون الانتخابات الأنسب في مصر هو الذي ينطلق من الواقع المعاش ومن الرغبة الحقيقية في تمكين المواطن وشعوره إنه هو الذي يختار في الانتخابات مرشحه دون وصاية أو وسيط من أحد وهو أمر في مراحل الانتقال والتحول الديمقراطي في غاية الأهمية خاصة في ظل التهميش الذي عاني منه المواطن المصري لفترات طويلة.

و”بناء عليه” فإن القانون الذي نقترحه هو أن تجري الانتخابات في مصر بنظام الفردي بالنسبة للثلثين، ومع إلغاء نسبة العمال والفلاحين سيصبح حجم الدوائر الفردية صغيرا حتى تقترب وربما تقل عن الدوائر الفردية التي كانت موجودة من قبل، وفيها سيختار المواطن مرشحه على ضوء برنامجه وكفاءة حزبه وقدرته على التواصل مع الناس وأبناء دائرته.

إن عماد العملية الانتخابية هنا سيكون نظام الفردي، وأن تطعيمها بالقوائم لن يكون بغرض خلق نظام مختلط (سمك لبن تمر هندي) إنما سيكون من أجل فتح الباب لنوعية من الخبراء والأكاديميين الذين يجب أن نراهم في مجلس الشعب، وهناك صعوبة في أن يمروا عبر الانتخاب بالنظام الفردي، فيتم اختيارهم عن طريق نظام القوائم المنتخبة من كل محافظة وليس دائرة، حتى يكون اختيار القائمة تعبير عن تنافس بين رؤى وبرامج يدعمها اتساع الدائرة ليشمل المحافظة كلها.

شبهات حول الفردي

ربما كان الانتقاد الأهم الذي يوجه لنظام الانتخابات الفردي هو إنه يفتح الباب أمام العصبيات العائلية والرشاوى الانتخابية، وهو أمر لا علاقة له بالنظام الفردي بقدر ما له علاقة بالنظام السياسي، فشراء الأصوات الذي راج في عهد مبارك كان يرجع لغياب الناخبين وحضور المرتشين فنسبة التصويت الحقيقية في المدن لم تتجاوز الـ5% وهو أمر حدث عكسه في انتخابات 2012 حيث قاربت من الـ50% وهي نسبة يستحيل أن يؤثر فيها شراء الأصوات كما جرى في العهد السابق، كما أن الحديث عن أن الانتخابات بالفردي تعمق من دور العصبيات والعائلات في الريف ينطلق من نظره استعلائية على طبيعة هذا الدور والواقع الثقافي والاجتماعي المعاش، فإذا كان الدين والتعبئة الدينية تلعب دورا في اختيارات بعض الناخبين ولو على غير أساس عقلاني، ولا يستطيع أحد أن يواجهها بقانون طالما التزمت بقواعد العملية الانتخابية، وبالتالي غير مفهوم النظر بهذا الاستهجان لمسألة دور العائلات التي ستتراجع مع الوقت بفعل الحداثة والتطور الديمقراطي وليس قانون الانتخابات.

والمؤكد أن تخوفات البعض من النظام الفردي يرجع لما جرى في العهد السابق من بلطجة وتزوير، وهو ما دفع البعض إلى تبني نظام القائمة النسبية غير المشروطة، لكنه سيكتشف بأسرع مما يتصور أنه اختار الخيار الأسوأ والأبعد عن الناخب المصري.

لا أحد يتصور أن عضو البرلمان البريطاني أو نائب الجمعية الوطنية الفرنسية منفصل عن منطقته ودائرته الانتخابية ويهبط عليهم بـ”البراشوت” الحزبي والسياسي دون أي تواصل، فالنائب الناجح هو الذي ينجح في تمثيل أمته ودائرته وتياره السياسي، أي يكون فيه جزء من نائب الخدمات العامة (وليس نائب شراء الأصوات والتسهيلات) وجزء أكبر من النائب السياسي والحزبي الذي يراقب الحكومة ويشرع القوانين، وهذا ما سيحققه النظام الفردي المطعم بالقوائم الحزبية الذي سيعلى من الموهبة السياسية للنائب ولدور الأحزاب على السواء.

الوصاية على الشعب المصري أو كارثة القوائم

يخطئ البعض خطئا جسيما حين يتصور أن تصويت الناس على أساس البرنامج الحزبي يمر عبر نظام القائمة، وأن القوائم الحزبية هي التي ستقنع الناخب المصري ببرنامج الحزب/القائمة وليس جوانب أخرى.

والواقع أن القائمة النسبية المفتوحة ستربك الناخب المصري خاصة في ظل نسبة أمية تصل إلى ما يقرب من الثلث بما يعني أن الترتيب المسبق للقوائم سيؤثر في اختيارات الناخبين حتى لو قلنا لهم اختاروا من تريدون ورتبوا القائمة كما ترون، فسيميل بعضهم على الأقل إلى اختيار الترتيب الموجود مسبقا في القائمة، كما أنها أيضا فكرة غير مقبولة لدى كثير من التيارات السياسية.

أما القوائم الأخرى التي ستضم المستقلين ومرشحي الأحزاب فسيتحكم فيها عدد محدود من قيادات الأحزاب ورجال الأعمال، بحيث سنخلق شريحة لن تتجاوز عشر أشخاص ستمارس وصاية حقيقية على الشعب المصري وستحدد تشكيل هذه القوائم على ضوء معايير غير شفافة كما دلت الخبرة السابقة على أن الصراع الأساسي بين المرشحين تركز حول من سيكون على رأس القائمة وليس حول فكر الحزب وخطابه السياسي.

إن فرض القوائم الحزبية على المواطنين والنظر إلى انتخابات القوائم وكأنها هى الحل ومعيار التقدم والديمقراطية أمر بعيد عن الصواب والواقع، فهو يفتح الباب أمام استبداد النخبة الحزبية بالوصاية على الناس عن طريق أحزاب ما زالت ضعيفة، وإبعاد الشعب عن المشاركة الفعالة بتقديم مرشحين قريبين من رئيس الحزب أو من في يده المال ليكونوا على رأس هذه القوائم.

والحقيقة إنه لا بد من الإشارة هنا إلى أن خبرة الانتخابات السابقة قد دلت على وجود أعداد لا تحصى من المرشحين دخلت في مفاوضات مع عدد لا يحصى أيضا من الأحزاب المصرية من أجل أن تكون على رأس القائمة، وأن بعضها كان يترك حزبه بكل سهوله إذا جاء له عرض من حزب آخر يضعه على رأس القائمة، وهي أمور يؤكد كاتب هذه السطور إنه كان شاهد عيان عليها.

إن من يقرأ الواقع المصري جيدا فإنه سيتأكد أن المواطن المصري بعد سنوات طويلة من التهميش والقهر يرغب في أن يشعر بأنه يختار نوابه بنفسه ولا يرغب في أن يرى أوصياء عليه يحددون له ترتيب القوائم حتى لو كانوا هؤلاء مختارين وفق قواعد حزبية منضبطة في حال الإخوان المسلمين، أو شبه منضبطة في حال الأحزاب المدنية الجادة، أو فاسدة في حال الأحزاب الكرتونية.

شروط الترشح

من المهم وضع مجموعة من القواعد تحكم عملية الترشح على المقعد الفردي في كل دائرة تتسم بالمرونة، ونقترح الآتي:

  1. أن يكون المرشح مولود في هذه الدائرة.
  2. أن يكون محل سكنه في الدائرة.
  3. أن يكون محل عمله في الدائرة.

وهي شروط تتسم بالمرونة الشديدة وترسم علاقة ما بين المرشح ودائرته أما الثلث للقوائم والتي ستكون على مستوى المحافظة فيشترط أن ينطبق عليها هذه الشروط الثلاثة بالنسبة للمحافظة ككل أي يكون مولودا أو يعمل أو يسكن فيها، حتى ندعم النخبة المحلية في كل محافظة ونساعد على التخفيف من مركزية القاهرة التي كثيرا ما كانت “تصدر” كوادر للترشح في هذه المحافظات وتعطل تفعيل الحياة السياسية في الأقاليم.

توصيات الورقة: لماذا ثلثين فردي وثلث قوائم؟

اعتبرت بعض القوى المدنية أن الانتخابات بالقائمة هى الطريق لتفعيل الحياة السياسية، ونسيت أن الغالبية الساحقة من التجارب الديمقراطية فى العالم تعتمد النظام الفردى بما فيها كثير من البلدان الأوربية وأمريكا اللاتينية وآسيا حتى لو طُعّم بعضها بنظام القوائم الحزبية.

النظام الأمثل المقترح هو نظام يعتمد بالأساس فلسفة النظام الفردي ويقسم الدوائر الانتخابية بين مستويين: الأول هو الدوائر الفردية غير المتسعة والتي تعتمد على مساحة الدوائر القديمة وربما أصغر بعد إلغاء نسبة العمال والفلاحين وهنا يدخل الاعتبار الشخصي والسياسي في اختيار الناخب الذي سيشعر هنا بأنه يختار نائبه دون وصاية أو “كنترول” حزبي أو مالي، والثاني يعتمد على قوائم نسبية مفتوحة على مستوى كل محافظة وليس دائرة كما جرى في الانتخابات السابقة، أي تجرى في محافظة القاهرة انتخابات بين قوائم تضم كل واحدة 15 مرشحا مثلا، وفى الجيزة 12 وفى أسيوط 8 والدقهلية 10 وهكذا تبعا لعدد سكان كل محافظة.

وهنا ستعطي قوائم المحافظات فرصة لمرشحين من الخبراء والشخصيات العامة لا يستطيعون خوض غمار الفردي ويعتمدون على خبراتهم العملية وولائهم لتيار فكري وحزبي محدد للترشح وخوض غمار الانتخابات والاستفادة منهم تحت قبة البرلمان.

والحقيقة أن هذا القانون سيشعر المواطن بالتمكين وإنه يختار ويحاسب مرشحيه ونوابه، وهنا سنكون أسسنا لنظام فردي يفتح الباب لتنافس متكافئ الفرص بين مرشحي الأحزاب المختلفة لا تكون فيه مساحة الدوائر الفردية مثل المدن فتتفوق الماكينات الحزبية الأكثر تنظيما وانضباطا، ولن تكون نسبة المشاركين في الانتخابات 5% كما كان يجري في العهد السابق فيتفوق نواب شراء الأصوات، كذلك فأن “قوائم المحافظات” ستقلص من ترتيبات المال والفساد التي جرت في “قوائم الدوائر” التي غاب عنها تقريبا صراع الأفكار لصالح صراع “ترتيبي في القائمة”، وهو أمر دفع ببعض الأحزاب إلى أن تضع على رأس قائمتها مرشح قوى أو معقول “ليشيل” الباقي الذين لم يكن لهم علاقة تذكر بالسياسة.

إن اتساع الدائرة لتشمل المحافظة كلها سيساعد في جعل التنافس بين القوائم قائم على البرامج والرؤى أكثر من أي اعتبار آخر وسيضم رؤى الإسلاميين وغير الإسلاميين، وليبراليين ويساريين.

ملحق
قانون الدوائر الانتخابية 206 لسنة 1990
والمعدل بالقانونين 165 لسنة2000،
و68 لسنة 2010

تقسم مصر إلى 222 دائرة.

تقسم مصر إلى 32 دائرة انتخابية خاصة بمقاعد المرأة بواقع مقعدين لكل دائرة.

المحافظات وعدد الدوائر
●       القاهرة 23

●       حلوان 4

●       الإسكندرية 11

●       بورسعيد 3

●       الإسماعيلية 3

●       السويس 2

●       القليوبية 9

●       الشرقية 14

●       الدقهلية 17

●       دمياط 4

●       كفر الشيخ 9

●       الغربية 13

●       المنوفية 11

●       البحيرة 13

●       الجيزة 5

 

 

●       السادس من أكتوبر 7

●       الفيوم 7

●       بنى سويف 7

●       المنيا 11

●       أسيوط 10

●       سوهاج 14

●       قنا 8

●       الأقصر 3

●       أسوان 3

●       مرسى مطروح 2

●       الوادي الجديد 2

●       شمال سيناء 3

●       البحر الأحمر 2

●       جنوب سيناء 2

 

المجموع =222

 

 

Start typing and press Enter to search