تقرير عن مؤتمر (مصر في المرحلة الانتقالية: خبرات من دول الرفاهة)
منتدى البدائل العربي للدراسات
مصر

بالتعاون بين منتدى البدائل العربي للدراسات والمعهد الدنماركي المصري للحوار، عقد على مدار يومين (1-2 يوليو 2012) مؤتمر “مصر في المرحلة الانتقالية: خبرات من دول الرفاهة”. وقد قدم خلاله بينت جريف، جاكوب تورفينج، فالتر زولر، علي حجي جاسمي، إيفا سورنسون، ومايكل كريستنسن، خبرات في موضوعات الديمقراطية والنظام الاقتصادي والسياسات المجتمعية والحق في التعليم والسكن في دول ألمانيا والدنمارك والسويد.

كما قدم الباحثون المصريون حبيبة محسن، محمود كمال، إيريني سلوانس، عبد الله عرفان، وهبة خليل أوراق بحثية حول كيف يمكن الاستفادة من هذه التجارب في الحالة المصرية.

وقد أختتم المؤتمر بجلسة قدم فيها جاكوب إيرلي، مدير المعهد الدنماركي المصري للحوار، رؤية حول مرحلة التحول في مصر وعلاقتها بخبرات دول الرفاهة. وقدم د. عمرو الشوبكي تحليلا للمرحلة الانتقالية وأهم المعوقات التي شهدتها.

ومن أهم ما جاء في جلسات المؤتمر :

الجلسة الأولى (دولة الرفاهة والديمقراطية)

قدم فيها بينت جريف، الأستاذ بجامعة روزكيلد بالدنمارك، عرضا حول التحديات التي تواجه دولة الرفاهة اللامركزية في الدنمارك، موضحا رؤاه رؤى حول نظام دولة الرفاهة في الدنمارك، وكونه بالأساس نظاما لا مركزيا، يعتمد على المجالس المحلية في إمداد المواطنين بالخدمات والمرافق الأساسية، والتحديات التي تواجه ذلك في الوقت الحالي في الدنمارك كون النظام بدأ -ضغطا للنفقات- في ضم المجالس المحلية إلى بعضها البعض (وهو ما اعتبره البعض نوعا من العودة للمركزية)، إضافة إلى تحديات الحفاظ على جودة الخدمات العامة المقدمة في الوقت الذي بدأ فيه بعض مقدمي الخدمات من القطاع الخاص تولي هذه المسئولية.

وقدمت حبيبة محسن، الباحثة بمنتدي البدائل العربي، ورقة بعنوان “تحديات بناء نظام ديمقراطي في مصر: نحو ديمقراطية أكثر تشاركية”، استعرضت فيها أهم التحديات التي تواجه بناء نظام ديمقراطي في مصر. وتناولت في هذا الإطار ثلاثة تحديات رئيسية: بناء آليات جديدة لضمان مشاركة شعبية أكبر في عملية صنع القرار خاصة فئة الشباب و النساء الذين شاركوا بقوة في ثورة 25 يناير، حماية حقوق الأقليات بما يتطلبه من إدماجهم في النظام السياسي والمنظومة المجتمعية وتعديل البناء التشريعي بما يحقق هذا الهدف، وحماية حقوق النساء خاصة مع ضعف تمثيلهم في برلمان 2011 واستبعادهم من المناصب التنفيذية.

الجلسة الثانية (دولة الرفاهة والنظام الاقتصادي)

استعرض فيها جاكوب تورفينج، الأستاذ بجامعة روزكيلد بالدنمارك، النموذج الدنماركي في تحديد الرواتب وصياغة سياسات التوظيف. ذلك النموذج الذي يعتمد على التشاركية والتعاون في صنع سياسات التوظيف وتحديد الرواتب بين الحكومة والمنظمات العمالية التي تتمتع باستقلالية. وقد أدى هذا النظام وتلك السياسات إلى حدوث أطول فترة من النمو الاقتصادي الممتد في تاريخ الدنمارك من 1993 إلى 2007، بالإضافة إلى تقليل نسبة البطالة وتخفيض معدلات التضخم وخلق مناخ عام من الثقة.

كما قدم محمود كمال، الصحفي بجريدة الشروق، ورقة بعنوان “تمهيد النظام الاقتصادي المصري لنموذج دولة الرفاهة” اقترح فيها مجموعة من الاستراتيجيات للنهوض بالاقتصاد المصري وتهيئته لتطبيق نموذج دولة الرفاهة. ومن ضمن هذه الاستراتيجيات حماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية، علاج تشوهات سوق العمل، تفعيل دور المؤسسات التشريعية في تطبيق نموذج دولة الرفاهة، إصلاح الموازنة العامة، مراقبة الحكومة في تنفيذها للنموذج، واستخدام الحملات الإعلانية في دعم الطلب المحلي وتوعية المواطنين.

الجلسة الثالثة (دولة الرفاهة والسياسات المجتمعية)

قدم فيها فالتر زولر، عضو مجلس العلاقات الخارجية الألماني والقنصل السابق للعلاقات العمالية والاجتماعية (السفارة الالمانية في الهند وإسبانيا)، ورقة حول نظام التأمين الاجتماعي في ألمانيا، وكيف أن هذا النظام يعتمد بالأساس على مساهمات المواطنين بجزء من التأمين الاجتماعي، ومساهمة الجهات التي يعملون فيها بجزء آخر في هذا التمويل، على العكس من النظام المتبع في شمال أوروبا (الدنمارك والسويد وغيرها) والتي تعتمد في تمويل نظام الرفاهة فيها على ضرائب الدخل المرتفعة. وأنواع السياسات المجتمعية المختلفة الموجودة في ألمانيا، وكيف نجحت الدولة في جعل الأغلبية العظمى من المواطنين يغطيهم نظام التأمينات الاجتماعية الألماني.

كما قدم فيها علي حجي جاسمي، الأستاذ بجامعة سودرتورن بالسويد، عرضا عن تاريخ دولة الرفاهة في السويد وكيف تشكلت نتيجة لنضالات مجتمعية بين النقابات العمالية وبين اتحادات أصحاب العمل. وحاول المتحدث الربط بين هذه التجربة وبين الأوضاع المجتمعية في بلدان الشرق الأوسط الآن.

كما قدمت الباحثة هبة محسن ورقة ايريني سلوانس، مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حول نظام التأمين الاجتماعي المصري والتحديات التي تواجهه والإصلاحات المقترحة عليه. واستعرضت أهم عيوب نظام التأمين الاجتماعي الحالي والتي أدت إلى كون قطاع كبير من العاملين غير مشتركين به لعدم اعترافهم بأهميته، وبالتالي وجوب إحداث إصلاحات من أجل تحقيق قدر أكبر من العدالة وتشجيع العاملين على الاشتراك في التأمين الاجتماعي.

الجلسة الرابعة (دولة الرفاهة والحق في التعليم)

قدمت فيها إيفا سورنسون، الأستاذ بجامعة روزكيلد بالدنمارك، عرضا لنظام التعليم الدنماركي من حيث الهيكل العام للنظام وتاريخه وكونه محركا رئيسيا من محركات دولة الرفاهة والنظام الديمقراطي بقدر ما يخلق مواطنين واعين وقادرين على الإضافة لمجتمعهم. كما تناولت القيم التي تكمن من وراء ذلك النظام التعليمي من حيث تكريسه لتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية من خلال تحمل الدولة تقديم خدمة التعليم.

كما قدم عبد الله عرفان، المحاضر بجامعة الأزهر، عرضا لأهم سمات نظام التعليم المصري والعيوب التي يعاني منها كانتشار الدروس الخصوصية بما تثيره من تداعيات على المجالات السياسية والاجتماعية وعلى دخل الأسرة، وما يرتبط بتلك الظاهرة من أسباب كتنميط التعليم وارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول وضعف المستوى العام للمدرسين، والتحديات المرتبطة بذلك من ضرورة بناء مدارس جديدة وإصلاح المنظومة التعليمية بشكل عام.

الجلسة الخامسة (دولة الرفاهة و حق السكن)

قدم فيها مايكل كريستنسن، رئيس مكتب السكن في السفارة الدنماركية، عرضا لسياسات الإسكان في الدنمارك وضمان الدولة لحق المواطنين في السكن، وذلك من خلال المساكن الاجتماعية، والتي تحتل نسبة 22% من إجمالي مساكن الدنمارك، والتي تضمن وجود عرض دائم للمساكن لغير القادرين.

كما قدمت هبة خليل، الباحثة بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ورقة بعنوان “الحلقة المفرغة: من العشوائيات إلى مشاريع إسكان محدودي الدخل” استعرضت فيها أهم أسباب فشل الدولة في مشاريع إسكان محدودي الدخل والتعامل مع قضية العشوائيات. وقدمت توصيات كضمان الدستور القادم للحق في السكن الملائم بشكل صريح، بالإضافة إلى اتباع الدولة لسياسة تشاركية إسكان محدودي الدخل والتخلي عن السياسات القسرية.

و في الجلسة الختامية، تحدث جاكوب إرلي عن ثلاث نقاط رئيسية: أنواع النشاط الاجتماعي من إنتاج وضبط وتنظيم، نظام الرفاهة والذي ينشأ عن طريق إعادة التفاوض المستمر وترتيب السياسات والمؤسسات وضرورة أن يواءم ذلك إطار دستوري وقانوني، وأخيرا سياسات الرفاهة والتي تؤدي إلى حدوث تقدم في التعليم والتفاعلات الاجتماعية وإدماج الاقتصاد الوطني في المنافسة العالمية.

كما تناولت كلمة د.عمرو الشوبكي أهم السمات والنتائج الخاصة بالمرحلة الانتقالية في مصر، منها الدخول في معارك وهمية وتوظيف الحالة الثورية لخدمة أهداف حزبية وسياسية، وبالتالي يظهر تحدي بناء دولة القانون واحترام المؤسسات. كما تناول تحدي علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالحزب السياسي وضرورة أن تعمل الجماعة في إطار شرعي طبقا للقانون المصري، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على نزاهة الانتخابات ومكتسبات الثورة والبناء عليها.

Start typing and press Enter to search