ورقة سياسات: تراجع تدعيم الديمقراطية وأزمة الهيئه لمكافحة الفساد

سهام الدريسي

سهام الدريسي



لا تزال البلاد التونسية من بين الأقل نجاحًا في مكافحة الفساد، فالفجوة بين الزخم الخطابي حول الفساد والمفسدين وتحقيق إصلاحات/ نتائج جديّة، تستدعي استقراء للمصاعب المؤسسية-الهيكلية وتحديات التسييس والاستقطاب لما وراء الجهود المبذولة. لا سيما بالنسبة إلى مستويات الفساد الإداري والمالي -بمختلف تمظهراته- التي تسجل تفاقمًا وأوجه قصور مؤسسية فيما اتخذته وتعيد إنتاجه الحكومات المتعاقبة في تونس منذ 2011 من تدابير وسياسات في إطار ‘الحرب على الفساد’. ومنذ بداية التحوّل الديمقراطي، تشهد تونس نكسات في مكافحة الفساد يتناقض تمامًا مع متطلبات الدمقرطة. فالمسارات المفضية إلى القضاء على الفساد تفاقم ديناميات تراجع الديمقراطية من تعسّف السلطة وانعدام الاستقرار السياسي وتعطيل التنمية وتقويض دولة القانون (وغيرها من المؤشرات). هكذا تتقاطع أوجه القصور المؤسسي لمكافحة الفساد -المتمثّل أساسًا في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد – مع مؤشرات تراجع الديمقراطية ما يصعِّب حصر أشكال ومستويات الفساد وصولًا إلى مكافحته. أرست النخب الحاكمة الجديدة من خلال تأسيس الهيئة الوطنية آلية رسمية للتعاطي مع الفساد رغم تعدد أشكاله وتعقد شبكاته نتيجة لتجذّره غالبًا ‘كظاهرة [..] تغلغلت في أجهزة الدولة بدرجات مختلفة” وكعقلية وأسلوب عمل صلب الإدارات التونسية والذهنيات. ومن الملاحظ أن مكافحة الفساد بدأت في التجربة الانتقالية التونسية كمسار ضروري لتحقق الديمقراطية ذاتها وتحوّلت تدريجيًّا، ولكن سريعًا إلى سلطة/ورقة ضغط للاستقطاب والتقسيم الأيديولوجي-السياسي.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [716.25 KB]

Start typing and press Enter to search